تصوروا أن ثروة رئيس دولة، تُعدّ واحدة من أفقر دول العالم حيث يعاني أكثر من 60% من سكانها من الفقر، هي 60 مليار دولار.
تصوروا بلداً فيه ملايين الأسر الفقيرة التي قد لا يجد عائلها قوتاً يسد به جوع صغاره، ورئيسها يمتلك اليخوت والسبائك الذهبية والودائع في بنوك يو بي أس وكريدي سويس وإتش أس بي سي وباركليز وغيرها من كبريات المصارف العالمية، كما يمتلك القصور والعقارات في العواصم الأوروبية ومنها لندن وزيورخ وباريس.
تصوروا سيدة أرملة أو مطلقة تمنعها عفّتها وحياؤها من مد يدها للغير لتتسول مبلغاً صغيراً قد لا يتجاوز الربع دولار تشتري به خبزاً حافاً تطعم به أطفالها الصغار، ورئيس دولتها يطوف العالم شرقاً وغرباً للتسوق من أحدث الماركات العالمية، أو التنزه على شواطئ بروكاي بالفلبين أو نافاجيو باليونان أو هانال بهاواي أو وايت هيفن بأستراليا أو خليج مايا بتايلاند أو الشاطئ الجنوبي بميامي.
تصوروا أن هذا الرئيس اللص قد ينفجر ضاحكاً خلال تناوله طعام الفطور الآتي لتوه من أفخم فنادق ومطاعم لندن، وهو يستمع لطباخه الذي يبلغه أن زوجته وقفت 3 ساعات في طابور طويل أمام مخبز لبيع الخبز، وعندما حل عليها الدور أبلغوها أنه لا يوجد خبز وطلبوا منها أن تمر عليهم غداً.
تصوروا أن هذا الرئيس اللص يتاجر بفقراء بلاده ويلف العالم شرقاً وغرباً للتسول باسمهم، وبدلاً من أن تصب حصيلة ما جمعه من تسول في خزانة الدولة وميزانيتها العامة تذهب مباشرة لحساباته الشخصية في بنوك سويسرا وجزر البهاما.
تصوروا أن هذا اللص يعطي تعليماته لمن حوله بتحويل أموال المعونات والمساعدات الخارجية المخصصة للفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة ومكافحة الفقر والبطالة في بلاده لحساباته الخارجية رأساً.
تصوروا أن عمولات صفقات القمح الفاسد والسلاح والسمسرة في الديون الخارجية وبيع شركات قطاع الأعمال العام الحكومية التي يحصل عليها الرئيس اللص من الشركات الدولية واللصوص الخارجيين مقابل خدمات وصفقات حرام، تذهب مباشرة من الخارج للخارج لتضاف لأرصدته وأصوله المالية والعقارية.
لا تسأل من هذا الرئيس، ولأي دولة ينتمي فالكل سواء.
لا فرق بين حسني مبارك وعلي عبد الله صالح وزين العابدين بن علي وغيرهم من الحكام الفاسدين السابقين الذين نكتشف فسادهم يوماً بعد يوم، أو الحكام الحاليين الذين سنكتشف فسادهم المالي فيما بعد، وقد لا نكتشف فسادهم من الأصل لأنهم أذكياء أو لديهم شبكة علاقات دولية ويعرفون جيداً كيف يخبئون أموالهم المنهوبة أو يغسلونها عبر مصارف وعقارات وسبائك ذهبية.
كلهم لصوص أذكياء نجحوا في خداعنا لسنوات طويلة، ونجح إعلامهم في أن يضللنا ويزرع فينا أوهاماً وأكاذيب من عينة أننا دول لا تمتلك من أمرها شيئاً ولا تمتلك أي ثروات تكفي حتى لتوفير الحد الأدنى من متطلبات شعوبهم المعيشية، وأنه يكفينا الحد الأدنى من الحياة الأدمية والأكل والشرب.
اقرأ أيضا: 60 مليار دولار ثروة الرئيس اليمني المخلوع صالح
من بلد فقير ومعدم بات يفتقر للحد الأدنى من مقومات الحياة نجح الرئيس اليمني المخلوع، علي عبدالله صالح في نهب وسرقة 60 مليار دولار طوال فترة حكمه، فكيف الحال ببلاد تمتلك موارد وثروات ضخمة مثل مصر وتونس والجزائر وليبيا والعراق وغيرها؟
أمس الأول كشف تقرير لجنة العقوبات، التابعة للأمم المتحدة، أن إجمالي ثروة على عبد الله صالح يناهز 60 مليار دولار، وهو ما يفوق 5 أضعاف الموازنة السنوية لبلاده.
وبحسب تقرير لجنة العقوبات، التي حققت في مصادر ثروة الرئيس اليمني المخلوع، فإن صالح، كان يسرق وينهب ما تصل قيمته إلى ملياري دولار سنوياً منذ عام 1978، وهو العام الذي تولى فيه رئاسة الجمهورية العربية اليمنية قبل الوحدة، إلى حين إجباره على التنحي في ثورة شعبية شبابية خرجت في 11 فبراير 2011، وأزاحته عن السلطة عام 2012، وأن أصول ثروة صالح مخبأة في 20 بلداً على الأقل، في أعمال وشركات وهمية.
هؤلاء الحكام لا يستحقون الثورة عليهم وخلعهم فقط، ولا يستحقون فقط بقاء ما تبقى من حياتهم في السجون، بل يستحقون الحرق ملايين المرات في ميدان عام، لأنهم أذلوا شعوبهم ونهبوا ثرواتهم لسنوات قد تزيد على الثلاثين كما هو حال اليمن.
اقرأ أيضاً: ثروة علي عبد الله صالح..قصور وأراضٍ ونهب بالمليارات
اقرأ أيضاً: النظام المالي البريطاني "جنة" أموال الطغاة
اقرأ أيضاً: هنيئاً لآل مبارك مليارات سويسرا