مع استمرار إغلاق المدينة أمام الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية وموجة الغلاء، بدت الحركة التجارية في أسواق مدينة القدس المحتلة ضعيفة عشية حلول عيد الأضحى.
ففي منطقة باب العامود، الباب الرئيس المؤدي إلى الأسواق التاريخية في البلدة القديمة بالمدينة، كانت حركة الناس بطيئة وقليلة. ويؤدي باب العامود إلى أسواق خان الزيت والقطانين والعطارين واللحمين والخواجات، التي كانت تاريخياً تعج بالناس، لا سيما في الأيام ما قبل الأعياد.
ولكن مع إغلاق المدينة أمام سكان الضفة الغربية في سنوات التسعينيات والارتفاع المتواصل بالأسعار الذي وصل إلى ذروته في موجة الغلاء الأخيرة، فإنّ التسوق بات يقتصر على عدد قليل من السكان.
يبلغ عدد السكان الفلسطينيين في القدس الشرقية نحو 375 ألفاً، تقول جمعية حقوق المواطن في إسرائيل (غير حكومية) إنّ 75% من العائلات الفلسطينية بينهم تعيش تحت خط الفقر.
وفي منتصف الطريق المؤدي إلى الأسواق القديمة، كان التاجر جميل الحلواني ينادي بأعلى صوته للترويج للمكسرات والحلويات في محله التجاري، علماً أنّ المكسرات والحلويات هي من الأساسيات في العيد، إذ تقدّم إلى الزوار المهنئين بالعيد في المنازل.
وقال الحلواني لوكالة الأناضول: "الوضع سيئ جداً ولكن مناسبة العيد تفرض نفسها والله سبحانه وتعالى وضع البركة في هذه البلد وسيرزقنا". وأضاف: "الوضع من عام إلى آخر يزداد سوءاً والسبب هو عدم نزول الناس إلى البلدة القديمة والغلاء.. الإغلاق الإسرائيلي المفروض على القدس خنقنا ولكننا نعيش برحمة الله".
وإذ اشتكى من عدم قدرة الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية من الوصول إلى أسواق القدس القديمة، قال الحلواني: "من لديه تصريح إسرائيلي يتمكن من الوصول إلى المدينة ومن يتمكن من الالتفاف على الحواجز الإسرائيلية والدخول إلى المدينة يتم الإمساك به (من قبل الشرطة الإسرائيلية) وإعادته إلى الضفة الغربية".
وتابع أنّ "هناك تضييقات من خلال تقييد وصول سكان الضفة الغربية وعرقلة وصول المواطنين من الداخل الفلسطيني، وعمليات التفتيش للنساء والبنات تجعل الناس يخشون من القدوم"، مضيفاً أنّ "هذا يؤثر علينا ولكننا على مر السنوات اعتدنا على هذا الأمر ونحن صامدون في البلد ونبقي محالنا التجارية مفتوحة حتى لو اضطررنا للصرف من جيوبنا". وقال: "نحن نشعر بأننا مخنوقون بسبب الالتزامات والضرائب وقلة الحركة التجارية".
وفي شارع صلاح الدين، القلب التجاري لمدينة القدس الشرقية خارج أسوار البلدة، فإنّ الوضع لم يبدُ أفضل. وقال عماد منى، تاجر في شارع صلاح الدين، لـ"الأناضول": "الحركة التجارية في مدينة القدس في ركود تام منذ سنوات طويلة، ولكن عادة قبل الأعياد تتحسن الحركة التجارية قليلاً، خاصة محلات الحلويات والملابس".
وأضاف: "ولكن حتى الآن لا أرى صعوداً بالحركة التجارية والسبب هو أنه إما أن الناس ينتظرون رواتبهم (لموظفي السلطة الفلسطينية) أو أن قدرتهم الشرائية انخفضت.. القوة الشرائية باتت تتوزع ما بين أسواق القدس الشرقية وأسواق القدس الغربية وأسواق الضفة الغربية".
وتابع منى: "نتأمل أن يتحسن الوضع في اليوم الأخير ما قبل العيد، إذ إن الكثيرين ينتظرون الساعات الأخيرة ما قبل حلول العيد للتبضع".
وعكس الارتفاع الكبير بالأسعار الذي بدأ المواطن الفلسطيني يلمسه منذ عدة أسابيع بنفسه على القوة الشرائية. وفي هذا الصدد قال منى: "الغلاء الذي حدث في الآونة الأخيرة أثر على البيع بشكل عام في العيد وغير العيد، ولكنه ملموس في فترة العيد، ولا ننسى اقتراب عيد الأضحى زمانياً من عيد الفطر قبل شهرين وبالتالي هذا أثر على القدرة الشرائية".
وتاريخياً كانت مدينة القدس تعتمد على المتسوقين من خارج المدينة، ولكن مع إغلاق المدينة في سنوات التسعينيات فإن قدرة المواطنين على القدوم إليها من الضفة الغربية باتت قليلة.
ويلزم الفلسطينيين من الضفة الغربية الحصول على تصاريح خاصة من جيش الاحتلال الإسرائيلي للمرور عبر الحواجز العسكرية الإسرائيلية للوصول الى القدس. ولكن التصاريح عادة ما تصدر فقط للعمال ولرجال أعمال وكبار السن.
وقال منى: "قبل سنوات طويلة كانت مدينة القدس تعج بالناس من كل أنحاء الضفة الغربية، فوقفة العيد كانت تبدأ قبل 10 أيام من العيد فتكون الأسواق مليئة بالناس وخاصة قبل الأعياد وخلال شهر رمضان". وأضاف: "كان التجار في القدس يستعدون لفترات الأعياد ببضائع بكميات كبيرة".
وأردف قائلاً: "لقد بات هذا من الماضي، فمنذ سنوات طويلة بدأ توافد الناس من الضفة الغربية بالتقلص شيئاً فشيئاً، أما اليوم فإنه لا يوجد ناس من الضفة الغربية وإنما يتسوقون في مدنهم مثل رام الله وبيت لحم وغيرها".
ويتدفق عشرات آلاف الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى صباح اليوم الأول للأضحى، لأداء صلاة العيد ثم تخلو شوارع المدينة من السكان طوال فترة العيد.
(الأناضول، العربي الجديد)