حرب السودان.. نصف الشعب في براثن البطالة والجوع

10 اغسطس 2023
عدد الذين يواجهون الجوع الشديد زاد بنحو 8.6 ملايين مواطن بسبب الحرب (أشرف شاذلي/فرانس برس)
+ الخط -

دفعت الحرب التي اقتربت من نهاية شهرها الرابع نصف أفراد الشعب السوداني إلى براثن البطالة والجوع. كل شيء اتجه نحو التوقف في مناطق الصراع، المصانع، المزارع والمتاجر، إلا آلة الحرب هي التي ازداد دورانها وتفاقمت شظاياها التي تطايرت على مختلف الأنشطة الاقتصادية والمعيشية.

وارتفعت نسبة البطالة في السودان بصورة كبيرة بسبب الحرب المندلعة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ 15 إبريل/ نيسان الماضي متجاوزة تقديرات صندوق النقد الدولي والذي رجح في بداية هذا العام أن تصل إلى 30.6 بالمائة.
وحسب مراقبين، اقتربت نسبة البطالة بعد اندلاع الحرب من نحو 50% في ظل التداعيات المترتبة على الصراع والمتمثلة في هروب الاستثمارات وتوقف المصانع وتعطل الكثير من الأنشطة الزراعية، والتجارية، والسياحية، وغيرها. وحسب بيانات رسمية، فإن نسبة البطالة وسط الشباب والخريجين تجاوزت 60%.

ارتفعت نسبة البطالة في السودان بصورة كبيرة بسبب الحرب المندلعة بين الجيش وقوات الدعم السريع

ومنذ إبريل الماضي فقد مئات الآلاف من السودانيين وظائفهم وأعمالهم ودخلوا تلقائيا إلى قائمة العاطلين من العمل في وقت أشارت فيه تقارير غير رسمية إلى دخول مليوني عاطل إلى القائمة.

ظاهرة تفشي البطالة في السودان ليست بالجديدة وإنما ألقت بظلال سلبية على البلد نتيجة للأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد وسياسات التعليم والتوظيف المتناقضة. ومع ضيق خيارات العمل والأوضاع الاقتصادية المتردية بسبب الحرب توقفت الكثير من الوظائف والمهن.

الخبير الاقتصادي السوداني الفاتح عثمان قال لـ"العربي الجديد"، إن أزمة البطالة في السودان قديمة جدا وظهرت منذ ستينيات القرن العشرين في أوساط المتعلمين، والسبب يعود أساسا لمحدودية الاقتصاد السوداني العاجز عن توليد الوظائف، وبالطبع تتحمل النخبة السياسية عبء المسؤولية في غياب النهضة الاقتصادية والتنموية في السودان، لكن السبب الرئيسي يعود إلى أن السودان لم يحظ قط بقيادة سياسية تمتلك رؤية نهضوية للدولة السودانية وإرادة سياسية قوية لتنفيذها.
وأضاف عثمان أن الحرب الحالية تسببت بنزوح حوالي 3 ملايين مواطن (رجال ونساء وأطفال)، من الخرطوم ودارفور وشمال كردفان، بالإضافة إلى الذين بقوا في منازلهم بدون عمل في الخرطوم ودارفور وبعض ولايات كردفان.
وتابع: يمكن القول إن ما لا يقل عن مليوني مواطن فقدوا أعمالهم بسبب الحرب وانضموا إلى قائمة البطالة في السودان، وهو ما يمثل نحو 20% من حجم العمالة الكلية في السودان، أي أن البطالة ارتفعت لتطاول نحو نصف القوى العاملة في البلاد تقريبا.
وأكد أن وقف الحرب هو السبيل الوحيد لتنفيذ خطط محاربة البطالة، لأن الحرب بطبيعتها تجعل السودان غير جاذب للاستثمار ومعطلا للاقتصاد.

وأدى الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى نزوح أكثر من ثلاثة ملايين شخص داخل السودان

من جانبه، يقول المحلل الاقتصادي هيثم فتحي، لـ"العربي الجديد": في تقديري يمكن أن تؤدي الحرب إلى زيادة البطالة حتى في البلدان المجاورة التي تستضيف العمالة السودانية الوافدة إليها.

وأضاف: "الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي يعيشها السودان الآن، إلى جانب النزوح الداخلي المتصاعد وتدفقات السودانيين لدول الجوار، تتسبب في خسائر واسعة النطاق من حيث التوظيف والدخل للأسر السودانية".

فالحروب تؤدي إلى أزمة إنسانية كبيرة من حيث ارتفاع معدلات البطالة والفقر ونقص الغذاء والدواء، حسب فتحي.
وقال المحلل الاقتصادي السوداني: الحرب الحالية التي تدخل نهاية شهرها الرابع طال أمدها، ما سيضع ضغوطا مستدامة على أسواق العمل وأنظمة الرعاية الاجتماعية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة بنسب قياسية.

وزاد العدد التقديري للأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بشكل حاد في السودان بوتيرة أسرع من المتوقع إلى 20.3 مليوناً، أو ما يعادل 42 بالمئة من السكان، في الوقت الذي يؤدي فيه الصراع إلى تعميق الأزمة الإنسانية في البلاد، حسبما جاء في "التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي"، وهو عبارة عن شراكة بين وكالات الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية وجماعات أخرى.

وكشف التصنيف أن المناطق الأكثر تضررا تشمل العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور في غرب البلاد وأجزاء من كردفان، وجميعها تشهد قتالا وهجمات وأعمال نهب منذ اندلاع الحرب في منتصف إبريل الماضي.
وأدى الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى نزوح أكثر من ثلاثة ملايين شخص داخل السودان وأجبر أكثر من 900 ألف شخص على الفرار إلى الدول المجاورة.
وكشف التصنيف أن "النتائج تعكس زيادة كبيرة في المدى المتوقع لحالة انعدام الأمن الغذائي"، وأن عدد الذين يواجهون الجوع الشديد ويحتاجون إلى دعم عاجل زاد بنحو 8.6 ملايين مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وتوقعت الأمم المتحدة في وقت سابق أن يعاني 19.1 مليون شخص من الجوع بحلول أغسطس/ آب الجاري.

المساهمون