حذر حاكم مصرف لبنان المركزي بالإنابة وسيم منصوري، من أن تأخير إقرار القوانين الإصلاحية في البلد المتعثر يؤدي إلى تنامي الاقتصاد النقدي ويعرّض لبنان لمخاطر عزله عن النظام المالي الدولي.
وفي مؤتمر صحافي عقده، قبل ظهر اليوم الجمعة، أكد منصوري أنّ الاستقرار النقدي مستمرّ ولن يُمسّ باحتياطي البنك المركزي بالعملات الأجنبية، معلناً أنّ رواتب القطاع العام للشهر الحالي ستُدفع بالدولار الأميركي.
ودعا منصوري من مقرّ البنك المركزي السلطة السياسية إلى عقد جلسات متتالية لإقرار القوانين التي تضمن مصلحة وحقوق المواطنين والمودعين، مؤكداً أن البنك المركزي مستعد ليجنّد نفسه ويكون بكامل الاستعداد لتقديم كافة الأرقام والمساعدات المطلوبة.
وقال حاكم مصرف لبنان بالإنابة إنّ "موازنة 2023 التي أقرت الأسبوع الفائت في مجلس الوزراء خلُصت إلى عجز مقدر لغاية اليوم بـ46 تريليون ليرة لبنانية أي ما يفوق 24% منها، وكان أول مطلب في خطة مصرف لبنان إقرار موازنة متوازنة، فمن أي موارد خارجية ستتم تغطية العجز؟ هل يعتقد أحد أنه بالإمكان الاستمرار بهذه السياسة المالية؟ ومن أين ستؤمن الحكومة احتياجاتها بالعملة الأجنبية؟".
وشدد منصوري على أنّ مصرف لبنان لن يقوم بتغطية العجز عبر إقراض الحكومة لا بالدولار ولا بالليرة ولن تتم طباعة عملة لبنانية لتغطية العجز، بل يقتضي أن يتم ذلك من خلال تفعيل الجباية وتوزيع عادل للضرائب وتوسيع شريحة المكلفين وفتح كافة دوائر الدولة وعلى رأسها مراكز الميكانيك، والدوائر العقارية وضبط مرافئ الدولة والحدود الشرعية وغير الشرعية، مؤكداً أنّ "الانتظام المالي للدولة لن يتحقق من دون إقرار القوانين الإصلاحية وعلى رأسها قانون الكابيتال كونترول، وقانون إعادة التوازن المالي وإعادة هيكلة المصارف".
ولفت منصوري إلى أن "الاستقرار النقدي مستمرّ وتتم المحافظة على هذا الاستقرار بالوسائل النقدية التقليدية، أي بالتدخل في السوق بالتوافق ما بين وزير المالية وحاكم المصرف المركزي ولم يكلف هذا التدخل الذي حافظ على الاستقرار النقدي خلال الشهر الفائت أي مبلغ من احتياطات المصرف المركزي بالعملات الأجنبية"، مجدداً التأكيد أنه "لن يُمس بهذه الاحتياطات إطلاقاً".
وأضاف: "على الرغم من تدخلنا في السوق، فإنّ الكتلة النقدية انخفضت بقيمة 2 تريليون ليرة لغاية اليوم، لتصل إلى 59.9 تريليون ليرة وقد تم التوافق وبالتشاور مع رئيس الحكومة ووزير المال على أن يكون الاستقرار النقدي هو الأولوية في هذه المرحلة الدقيقة ولذلك فإن الاستحقاق الآتي المتعلق بهذا الاستقرار هو دفع رواتب القطاع العام".
وتابع: "الكتلة النقدية التي يتطلبها هذا الاستحقاق هي حوالي 7 تريليونات ليرة وإذا جرى دفع هذه الرواتب بالليرة اللبنانية فسيؤدي ذلك في غياب القوانين الإصلاحية المطلوبة والتدابير الحكومية إلى الضغط على سعر الصرف، لذلك، سيتم دفع رواتب القطاع العام للشهر الجاري بالدولار الأميركي لكل القطاع العام وعلى سعر 85500 ليرة لبنانية، للدولار الواحد، وبذلك يتم ضخ كتلة نقدية بالدولار في السوق عبر موظفي القطاع العام تساعد على ضبط سعر الصرف بدلاً من الضغط عليه"، مشيراً إلى أنه "سيتم ضخ الدولار في السوق على 400 ألف عائلة مما يؤمن الشفافية والعدالة بالتوزيع وتعزيز الاستقرار الاجتماعي".
كذلك، قال منصوري إنه "جرى التوافق على تأمين احتياجات الجيش والقوى الأمنية من دون المساس باحتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية"، مضيفاً أنّ "المشكلة أنّ الحاجات ذاتها موجودة لدى مؤسسة كهرباء لبنان ووزارات الاتصالات، الصحة، الخارجية، الأشغال العامة، والتربية، وفي الواقع كل مؤسسات الدولة تحتاج لتحويل أموالها الموجودة بالليرة إلى الدولار أو العملة الأجنبية لكن لا يمكن تأمين هذه المبالغ دفعة واحدة على الرغم من أن الوزارات تحتاجها فوراً".
وأردف منصوري: "الأولويات المذكورة تحددها الحكومة وإمكانات مصرف لبنان للمساعدة في تحويل الأموال إلى العملة الأجنبية لا تغطي إلا جزءاً محدوداً من احتياجات الوزارات، كما أنّ الأمر قد لا يكون ممكناً تأمينه الشهر القادم وإذا تأمّن قد لا يكون ممكناً تأمينه بالشهر الذي يليه، لذلك، إنها حلول نقدية تقليدية ولكن الاستدامة ليست في ما نقوم به اليوم، بل تكون في الإصلاحات".
تبعاً لذلك، تابع منصوري أنّ "الاستقرار النقدي الذي يحققه المصرف المركزي له حدوده في الزمان والظروف السياسية والاقتصادية والأمنية المتعلقة به، ولا يمكن للمصرف المركزي وحده التحكم بالسياسة النقدية والحفاظ على استقرار سعر العملة المحلية دون تعاون تام مع الحكومة والمجلس النيابي".