لا أعرف تحديدا من هي الجهة التي يجب أن تحاكم الرئيس التنفيذي لشركة "تيسلا" للسيارات الكهربائية وأغنى الأغنياء، الملياردير أيلون ماسك، على الجرائم التي يرتكبها بحق ملايين المستثمرين حول العالم، خاصة هؤلاء الذي تكبدوا خسائر فادحة خلال الفترة الأخيرة تجاوزت مئات المليارات من الدولارات ومن بينهم آلاف المستثمرين العرب والشباب الخليجيين، مقابل عشرات المليارات التي ربحها ماسك خلال فترة وجيزة.
المطلوب أولا وقف تربحه وتلاعبه بكل هؤلاء، وبعدها محاكمته سواء أمام محاكم فيدرالية باعتباره مواطناً أميركياً يترأس أكبر شركة لإنتاج السيارات الكهربائية حول العالم، أو محاكمته شعبيا وبرلمانيا في عدة دول تضرر مستثمروها من ألاعيب ماسك.
واحدة من أبرز الجرائم التي ارتكبها الملياردير الأميركي ماسك هي التلاعب بسوق العملات الرقمية، ودفع ملايين المستثمرين والمدخرين والطامعين والراغبين في حصد الأرباح السريعة نحو التكالب على شراء تلك العملات.
تغريدات ماسك رفعت قيمة بيتكوين إلى 65 ألف دولار خلال أسابيع قليلة خاصة عقب اعلانه ضخ تيسلا عن ضخ 1.5 مليار دولار في سوق العملات الرقمية
لدرجة أنه خلق ما يشبه حالة الهوس والجنون بها، وهو ما دفع بعملة مثل بيتكوين، الأشهر بين العملات المشفرة، لأن يقفز سعرها إلى 65 ألف دولار قبل أيام مقابل أقل من 20 ألف دولار في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وأن يحصد ماسك مليارات الدولارات على حساب كل هؤلاء المستثمرين، وأن يحرك سعر بيتكوين لأعلى بتغريدة، وأن يخفضها ويفقد قيمتها السوقية مليارات الدولارات بتغريدة أخرى.
صحيح أنه خسر نحو 15.2 مليار دولار من ثروته بسبب هبوط سعر عملة بيتكوين في شهر فبراير الماضي، لكنه ربح أضعاف هذا الرقم بسبب الطفرة في سعر العملات الرقمية ومنها بيتكوين.
والنتيجة دخول سوق العملات الرقمية في حالة من التخبط والغموض والقلق الشديد وربما الاضطرابات والتذبذبات العنيفة في بعض الأوقات، ودخول المستثمرين حالة من التيه و"اللخبطة" وفقدان البوصلة وعدم التركيز.
لا أحد يعرف على وجه الدقة، هل ستعود الأسعار للارتفاع، وبالتالي تعويض المضاربين جزء مما خسروه، أم ستواصل التراجع، وبالتالي فقدان مدخرات وتحويشة عمر صغار المدخرين الذين لا يمتلكون الخبرة الكافية في إدارة الأموال، ولا يعرفون حيل وألاعيب كبار المضاربين والـ " ديلز" ومنهم رئيس أكبر شركة لإنتاج السيارات الكهربائية في العالم.
البداية كانت في صباح أحد أيام شهر يناير/كانون الثاني الماضي عندما أضاف ماسك هاشتاغ "#bitcoin" إلى سيرته الذاتية على حسابه على تويتر، ساعتها قفزت العملة بنسبة 20% في يوم واحد تقريبًا.
وفي الشهر التالي، فبراير/ شباط، أعلن ماسك أن "تيسلا" قررت اقتحام سوق العملات الرقمية، وأنها اشترت بالفعل بيتكوين ودوغ كوين وغيرها من العملات بقيمة 1.5 مليار دولار.
تيسلا تخسر 15.2 مليار دولار في يوم واحد، لكنها ربحت أضعاف هذا الرقم بسبب الطفرة في سعر العملات الرقمية ومنها بيتكوين
لم يكتفِ الملياردير الأميركي بإلقاء هذه القنبلة التي أحدث دويا هائلا في سوق العملات الافتراضية، بل وفي كل أسواق العالم، بل أعلن أن شركته ستقبل بيتكوين كعملة سداد لشراء السيارات التي تنتجها.
وعلى أثر هذه التغريدات المثيرة، شهدت العملات الرقمية قفزات متواصلة تخللتها بعض التذبذبات الناتجة عن صدور تحذيرات من قبل بنوك مركزية وجهات تنظيمية بشأن خطورة مثل هذا النوع من الاستثمار وعدم الاعتراف به وملاحقة البنوك المشاركة.
ويوماً بعد يوم، بات ماسك الرقم الصعب في سوق العملات المشفرة، وباتت السوق تتراقص على تغريداته، وأصبح المستثمرون يترقبون أي إشارة ولو عابرة منه ليحددوا على أثرها قرار واتجاه الاستثمار، بيعا وشراء، زيادة أم تراجعا.
باتت تغريدات ماسك متناقضة ويكتنفها غموض شديد ربما لضمان الاقبال على الاستثمار في تلك العملات وبالتالي حصد أرباح طائلة.
ففي الوقت الذي يعتبر ماسك أن تلك العملات هي عملات المستقبل، وأنه لا مستقبل للعملات التقليدية، يعود ليؤكد أن أسعار بيتكوين تبدو مرتفعة أكثر من قيمتها، وليشكك في مستقبلها، ويعرب عن قلقه من مشاكل قد تواجهها ومنها الزيادة السريعة في استخدام الوقود الأحفوري لتعدين بيتكوين، وخاصة الفحم.
بل يغرد بأن تسلا لن تقبل "بيتكوين" كدفعة لسياراتها، وأنها علقت مبيعات السيارات التي تنتجها باستخدام العملات المشفرة.
بيتكوين تفقد نحو 50% من قيمتها السوقية لتتراجع إلى 32 ألف دولار نهاية الأسبوع الماضي مقابل 65 ألف دولار قبل أيام
عقب تلك التغريدات تهاوت العملة الرقمية ليتراجع سعر بيتكوين إلى 32 ألف دولار نهاية الأسبوع الماضي، وهو ما يعني أنها فقدت نحو 50% من قيمتها خلال أيام، كما تهاوت معها بقية العملات الرقيمة الأخرى، ويفقد سوق العملات المشفرة نحو 400 مليار دولار من قيمته، في أقل من 24 ساعة، يوم19 مايو.
الاستثمار في العملات الرقمية لا يزال عالي المخاطر والتكلفة، وكبار المضاربين أمثال ماسك يستخدمون صغار المستثمرين والباحثين عن الأرباح السريعة حطباً لتظل هذه السوق مشتعلة، وبالتالي ضمان تدفق المليارات على أرصدتهم في بنوك سويسرا وغيرها من بنوك العالم.