جيش بريطانيا ينتشر لمواجهة نقص الوقود... والأزمة تتمدّد أوروبياً

04 أكتوبر 2021
تتركز مشاكل إمدادات البنزين في لندن وجنوب شرقي البلاد (فرانس برس)
+ الخط -

في الوقت الذي بدأ فيه الجيش البريطاني انتشاره، اليوم الاثنين، لمواجهة أزمة نقص الوقود الحادة والسعي لتزويد محطات التوزيع التي اجتاحها سائقو السيارات، في محاولة لحل المشكلة نتيجة نقص اليد العاملة، بدا أن أزمة السائقين تخطت حدود البلد باتجاه أوروبا.

فقد أوردت "فرانس برس" أن العسكريين بدأوا فعلا الانتشار في بريطانيا، الاثنين، لتزويد محطات الوقود بالمحروقات، تزامنا مع تشكل طوابير انتظار طويلة مجددا، الإثنين، أمام نقاط البيع التي تعاني منذ 10 أيام بسبب نقص سائقي الشاحنات البالغ 100 ألف، بحسب المعلومات المتوافرة.

وهذا الوضع الاستثنائي هو أحدث نتيجة لنقص العمالة الناجم عن وباء كوفيد-19 وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مع مشاكل التوصيل التي تؤثر أيضا على رفوف محلات السوبرماركت وسلاسل الوجبات السريعة وحتى الحانات.

وقال سائق سيارة غاضب لوكالة "فرانس برس" في لندن: "الجمعة بعد الانتهاء من عملي اضطررت للوقوف في طابور في هذه المحطة لمدة ساعتين و20 دقيقة للتزود بالوقود"، موضحا أنه عاد، الاثنين، للتزود بالوقود قبل نفاده من المحطة مرة أخرى".

وتتركز مشاكل إمدادات البنزين في لندن وجنوب شرقي البلاد، حيث يتم إرسال الجنود كأولوية. وبعد تدريبهم على قيادة آليات البضائع الثقيلة وملء مضخات البنزين، يفترض أن يتم نشر نحو مئتي عسكري، نصفهم من السائقين، في إطار العملية التي سميت "إيسكالين".

وقال متحدث باسم الحكومة: "تجري إعادة تشكيل المخزونات في لندن وجنوب إنكلترا بمعدل أبطأ قليلاً مما هو عليه في مناطق أخرى من المملكة المتحدة، لذلك بدأنا نشر عسكريين لزيادة الإمدادات في تلك المناطق".

وعلى الرغم من تأكيد رئيس الوزراء بوريس جونسون، الأحد، أن الوضع "يهدأ"، ما زال 22% من محطات الوقود في لندن وجنوب شرق إنكلترا من دون وقود، حسبما صرح المدير التنفيذي لجمعية تجار التجزئة للبترول غوردون بالمر.

ومن أصل نحو 1100 محطة كان على اتصال بها، الأحد، نفد الوقود في بعضها منذ أكثر من أسبوع.

تجديد المخزون يحتاج إلى 10 أيام

وقال بالمر لمحطة "سكاي نيوز": "نأمل أن يتحسن الوضع هذا الأسبوع"، محذرا من أن تجديد المخزونات سيستغرق مدة قد تصل إلى عشرة أيام.

وشكلت صور صفوف الانتظار أمام محطات الوقود وكذلك الرفوف الفارغة في محلات السوبرماركت في الأيام الأخيرة مصدر إحراج لبوريس جونسون الذي يعقد حزبه المحافظ حاليا مؤتمره السنوي في مانشستر (شمال إنكلترا).

وتظاهر مربو الخنازير، اليوم الاثنين، قرب مقر هذا المؤتمر، تنكر بعضهم على هيئة خنازير، احتجاجا على نقص القصابين الذي أجبرهم على قتل حيواناتهم لعدم تمكنهم من إرسالها إلى المسلخ أو الاحتفاظ بها في مزارع ممتلئة.

وقالت فيكي سكوت، مربية الخنازير في شرق يوركشير: "إنه أمر إجرامي. أجبرنا على اتخاذ هذا القرار وقتل حيوانات سليمة ستلقى في القمامة". وأعربت عن أسفها لأن "الحكومة لا تتفهم المشكلة على ما يبدو"، فيما يطلب أصحاب المزارع من الحكومة تأشيرات موقتة للعمال الأجانب.

ويؤثر نقص العاملين على الكثير من القطاعات، من الخدمات اللوجستية إلى قطاع الفنادق والمطاعم ويؤثر أيضا على الكوادر أيضا من محامين ومحاسبين واستشاريين، بينما يرافق الانتعاش الاقتصادي زيادة في الطلب على العمالة، حسب صحيفة "فايننشال تايمز"، الإثنين.

وردا على سؤال حول نقص العمالة، قال وزير المال ريشي سوناك لمحطة "بي بي سي"، اليوم الاثنين، إن الحكومة "لا تملك عصا سحرية" لكنها "تبذل كل ما في وسعها لمحاولة الحد من المشاكل".

ومع اقتراب عيد الميلاد وخطر أن تفرغ الموائد عندئذ، عدلت الحكومة سياستها المتعلقة بالهجرة التي تم تشديدها بعد بريكست لمنح عدد من العمال يصل إلى 10500 تأشيرات عمل موقتة خصوصا لسائقي الشاحنات.

لكن بوريس جونسون حذر من أنه لن يعود إلى "النموذج القديم المتعب والمعيب" لما قبل بريكست و"الهجرة غير المنضبطة".

الأزمة تتمدّد إلى دول أوروبية

ويبدو أن أزمة المحروقات لا تقتصر على المملكة المتحدة، فقد حذر خبراء من أن أزمة نقص سائقي الشاحنات تمتد إلى قارة أوروبا التي تواجه أيضا نقصا محتملا ومشكلات في سلاسل التوريد.

وقال المدير العام في الاتحاد الفيدرالي للشحن والخدمات اللوجستية في ألمانيا فرانك هويستر، في تصريحات نقلتها وكالة "رويترز"، إنه على الرغم من أن الأوضاع في برلين ليست مأساوية حتى الآن، إلا أنها قد تواجه نقصًا في سائقي الشاحنات.

وأشار إلى أنه في حين أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كان له تأثير على المملكة المتحدة، إلا أن قطاع النقل الأوروبي الأوسع نطاقًا يواجه مشكلة طويلة الأمد مع نقص العمال.

ونقلت شبكة "بلومبيرغ" عن فيس راغافان، المدير التنفيذي لأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى "جيه بي مورغان تشايس"، قوله إن سوق الطاقة في أوروبا تواجه عاصفة كاملة، وليس هناك يقين حول موعد تعافي أسعار النفط والغاز.

وتوقع راغافان، في حديث أجراه في لندن، فترة متقلبة من الحركات الصعودية والتصحيحية لبعض الوقت، وقال: "لكننا لسنا على شفا انهيار السوق".

المساهمون