ثلث القمح الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا

16 يونيو 2022
شحنات قمح على مرافئ أوديسا لا يستطيع التجار شحنها عبر البحر الأسود (getty)
+ الخط -

فشلت الوساطة التركية، حتى الآن، في تسهيل مرور شحنات القمح الأوكراني عبر ميناء أوديسا على البحر الأسود إلى الأسواق العالمية. وحسب تقرير لوكالة الأناضول، فإن الفشل يرجع إلى غياب الثقة بين طرفي الحرب، أي موسكو وكييف، وكذلك إلى عدم وجود دعم أميركي للوساطة بين البلدين من شأنها تخفيف حدة القيود والعقوبات المفروضة على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

كما تشير الوكالة إلى أن هناك مخاوف أوكرانية حقيقية من نكوص روسيا وعدم التزامها بتعهداتها بعدم مهاجمة ميناء أوديسا، في حال قيام أوكرانيا بتنظيف موانئها من الألغام البحرية.
ولا يستبعد التحليل أن تستغل موسكو تلك الحالة وتشن هجوماً مباغتاً تستولي من خلاله على أوديسا. وكانت تركيا قد أعلنت، في الشهر الماضي، عن وساطة بين موسكو وكييف لفك الحصار على القمح الأوكراني الذي لا يجد طريقه إلى الأسواق.
ويعتبر محللون غربيون أن روسيا تستخدم سلاح القمح، كما الغاز الطبيعي، كسلاح في الحرب ضد أوكرانيا. وكان نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديميتري ميدفيديف قد ذكر، مطلع إبريل/نيسان الماضي، على تليغرام قائلاً: "لن نزود إلا أصدقاءنا بالمنتجات الغذائية والزراعية"، واصفاً الطعام بأنه "سلاح هادئ" أيام الحرب.
وبحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز"، فإن روسيا قدمت ما يصل إلى ثلث واردات القمح للشرق الأوسط وأفريقيا، واشترى برنامج الغذاء العالمي، أكبر منظمة إنسانية في العالم، نصف قمحه من منطقة البحر الأسود في 2021. وهذا يمنح روسيا قوة إضافية، خاصة تجاه الدول الأكثر جوعاً في العالم.
وتعتبر البلدان ذات الدخل المنخفض الأكثر تضرراً من ارتفاع أسعار الحبوب لسببين: الأول يتعلق بالأنظمة الغذائية لهذه البلدان التي تعتمد بشكل أكبر على الكربوهيدرات. والثاني، لكون الغذاء يشكل نسبة كبيرة من الميزانيات الإجمالية، إذ يستحوذ الغذاء على نحو نصف ميزانيات الأسر في كثير من البلدان منخفضة الدخل، بينما تتراوح نسبته في الولايات المتحدة بين 7 و10 في المائة.
ويشير خبراء إلى أن الخطر الحقيقي ليس في نقص الحبوب والقمح العالمي فقط، بل في تفاقم حالة القلق والجزع الناتجة عن المخاوف من ارتفاع أسعار الحبوب إلى درجة يعجز فيها الفقراء عن شرائها، ما يتسبب في حدوث مجاعات على نطاق واسع.

يؤكد الخبراء في تعليقات نقلتها الأناضول، أن معاناة الناس اليوم من الجوع ليست بسبب نقص الغذاء، بل لأنهم لا يملكون المال الكافي أو القدرة على شرائه. وفي هذا السياق، يؤكد عارف حسين، كبير الاقتصاديين في برنامج "الغذاء العالمي" التابع للأمم المتحدة، أن "المجاعات لا تتعلق أبدا بإنتاج الغذاء، بل تتعلق دوماً بإمكانية الحصول عليه".
وفي عام 2021، شكلت محاصيل روسيا وأوكرانيا على البحر الأسود نحو 28 بالمائة من صادرات القمح في العالم. وتنتج روسيا وأوكرانيا معاً نحو 13 بالمائة من محصول القمح في العالم، فيما يشكل القمح الأوكراني وحده 3.7 بالمائة فقط، وهذا لا يشمل احتياطيات القمح في البلدان حول العالم. وفي 8 إبريل/نيسان الماضي، توقعت منظمة "فاو" مستوى إمداد مريحا نسبياً من الحبوب في جميع أنحاء العالم.
وترى أنجي سيتزر التي شاركت في تأسيس مجموعة "كونسوس" الاستشارية في مجال الإنتاج الزراعي أنه "إذا ظل الجميع هادئين، فهناك ما يكفي لتخطي الأمر"، وهذا حدث أيضاً لمؤشر أسعار الغذاء العالمي لمنظمة الأغذية والزراعة، عندما برزت العناوين الرئيسة حول نقص الغذاء في جميع أنحاء العالم.

وحذر محللون من مجاعة جماعية وحظي المضاربون بيوم مشهود، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، إلى درجة أن بورصات شيكاغو التي يضارب فيها المتداولون على التعاقدات الآجلة لتوريد الحبوب وصلت أقصى حدودها اليومية، واضطرت إلى التوقف عن التداول خمسة أيام متتالية.

وردا على ذلك، فرضت عدة دول قيوداً على الصادرات الغذائية، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بخلق ندرة مصطنعة، وبالتالي تولّد ما حذر البنك الدولي منه، وهو أن يحدث تأثير مضاعف على الأسعار العالمية. وتعد صادرات أوكرانيا جزءا أساسياً من سوق التصدير العالمي في الذرة وزيت دوار الشمس والقمح.

المساهمون