تونس وصندوق النقد: تعتيم رسمي على المفاوضات وبدائل التمويل

04 يوليو 2021
تحرك سابق ضد التفاوض مع صندوق النقد (شاذلي بن إبراهيم/ Getty)
+ الخط -

يلفّ التعتيم مخططات الحكومة المالية التونسية ومسار مفاوضاتها مع المانحين الدوليين، خاصة صندوق النقد الدولي. وتتكتم السلطات في تونس على برامجها لتوفير موارد لا تقل عن 18,5 مليار دينار بهدف تمويل الموازنة، فيما يسجل العجر المالي في البلاد أرقاما قياسية وسط ترجيحات بتواصل هبوط نسب النمو نتيجة التفشي الكاسح لفيروس كورونا.

ومنذ إعلان الحكومة نهاية مايو/ أيار الماضي الدخول في مفاوضات تقنية مع خبراء صندوق النقد الدولي بشأن اتفاق مالي بقيمة 4 مليارات دولار، لم تكشف السلطات المالية عن أي تفاصيل جديدة حول هذا الملف.

في المقابل، يتواصل نسق التنفيذ السريع للالتزامات تجاه صندوق النقد برفع الدعم وكبح كتلة الأجور رغم الأزمة الاجتماعية وتزايد نسب البطالة، حيث رفعت الحكومة منذ إعلانها عن المفاوضات مع الصندوق غالبية أسعار المواد الأساسية والمحروقات مستثنية فقط المعجنات والخبز، كما أطلق التجار العنان لأسعار المواد غير المدعومة من قبل الحكومة.

ويقول الخبير المالي خالد النوري إن الحكومة ستواصل تعبئة الموارد من السوق المالية في حدود الإمكانيات المتاحة وتحت مراقبة البنك المركزي من أجل توفير الحد الأدنى من التمويلات التي تضمن تسيير النفقات الضرورية وأهمها توفير الرواتب.

ويؤكد النوري في تصريح لـ "العربي الجديد" أن السوق المالية المحلية والموارد المباشرة هي المنافذ الوحيدة للحكومة لتأمين التزاماتها المالية، في انتظار الضوء الأخضر من صندوق النقد الدولي للخروج إلى السوق الدولية للحصول على القروض الخارجية اللازمة.

ويفيد في السياق ذاته بأن الحكومة لا تملك أي خطة واضحة لتعبئة الموارد وهو ما يفسر غياب التوضيحات الرسمية بشأن مصير المفاوضات مع صندوق النقد الدولي أو البدائل المطروحة لتوفير أكثر من 18,5 مليار دينار (الدولار = 2.74 دينار) لتمويل الموازنة.

وتواجه الحكومة انتقادات واسعة من قبل أحزاب سياسة والنقابات العمالية بشأن غموض خطتها لتعبئة الموارد المالية. واستنكر حزب التكتل "التعتيم الذي تمارسه الأغلبية الحاكمة في تعهدات الدولة تجاه المانحين الدوليين، خاصة صندوق النقد الدولي، وتحديداً في ما يتعلق ببرنامج الإصلاح المزعوم المقتصر على الترفيع في الأسعار وحماية اللوبيات على حساب الطبقات الوسطى والفقيرة والمؤسسات المتوسطة والصغيرة".

ويقول مصدر مقرب من الحكومة فضل عدم كشف هويته لـ"العربي الجديد" إن حكومة هشام المشيشي تنتظر القرار النهائي بشأن استكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، مشيرا إلى أن الصندوق سيحدد موقفه عقب اجتماع مجلس إدارته خلال شهر تموز/ يوليو الحالي. ويضيف المصدر ذاته أن تونس لن تتمكن من التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي قبل شهر أكتوبر/ تشرين الأول القادم في حال الحصول على مبادرة إيجابية من مجلس إدارة الصندوق وموافقته على مواصلة تمويل اقتصاد تونس.

وتكشف معطيات وزارة المالية في تقريرها حول متابعة تنفيذ ميزانية الدولة للعام الحالي عن تعبئة قروض خارجية طيلة الربع الأول 2021 تناهز قيمتها 889.5 مليون دينار، أي نحو 325 مليون دولار، في حين بلغت أقساط القروض المسددة في ذات الفترة 689.7 مليون دينار ما يعادل 255 مليون دولار.

وفي وقت سابق، قال المكلف بالملف الاقتصادي برئاسة الحكومة عبد السلام العباسي لـ"العربي الجديد" إن المالية العمومية ستواجه ضغوطا خلال شهري تموز/ يوليو وآب/ أغسطس بسبب الحاجة المؤكدة إلى مليار دولار لسداد قسطي قروض خارجية.

ويوم الخميس، كشف موقع "البورصة " أن الحكومة تمكنت من تعبئة 716 مليون دينار من السوق المحلية عبر قرض اكتتاب وطني ساهم فيه المودعون من الأشخاص الطبيعيين والشركات. وفي حزيران/ يونيو الماضي فتحت وزارة المالية باب المساهمة في الاكتتاب في قرض وطني بهدف تعبئة موارد لفائدة الموازنة من السوق الداخلية.

وقالت وزارة المالية في قرار أصدرته في الجريدة الرسمية للمساهمين في القرض إن سداده سيمتد ما بين 5 و7 سنوات حسب صنف الاكتتاب مع نسبة فائدة تتراوح بين 8,7 و8,9 في المائة. وصادق مجلس الوزراء التونسي على قرار يسمح باللجوء إلى آلية لاقتراض من التونسيين والمؤسسات للمرة الرابعة في تاريخ البلاد، لسد جزء من حاجيات تمويل ميزانية الدولة وذلك عبر إصدار قرض رقاعي وطني ومن خلال الاكتتاب.

وتحتاج الحكومة التونسية إلى تعبئة موارد مالية عبر الاقتراض بنحو 6.77 ملايين دولار لتمويل ميزانية الدولة لسنة 2021، وتتوزع القروض بين اقتراض داخلي في حدود 5.6 مليارات دينار واقتراض خارجي بقيمة 13 مليار دينار.

وتواصل تونس في الأثناء مفاوضاتها التقنية مع خبراء صندوق النقد الدولي من أجل التوصل إلى اتفاق مالي بقيمة 4 مليارات دولار، غير أن وزير المالية علي الكعلي رجّح أن تتوصل تونس إلى اتفاق مع الصندوق بداية الربع الثالث من السنة الحالية.

المساهمون