تونس تودّع الدعم: الاتجاه لإلغاء 6 عقود من كبح أسعار الوقود

26 نوفمبر 2022
تونس ستصل إلى التحرير الكامل لأسعار المحروقات مطلع العام المقبل (فرانس برس)
+ الخط -

تتجه تونس نحو إلغاء ستة عقود من دعم أسعار المحروقات في بداية عام 2023، وذلك تحت ضغوط واسعة من صندوق النقد الدولي من جهة، والأزمة المالية العميقة التي تخنق موازنة البلاد من جهة أخرى.

والأربعاء نشرت وزارة الطاقة التونسية في الجريدة الرسمية قرار زيادة قيمة التعديل الشهري في سعر المحروقات إلى حدود 7 في المائة بعد زيادات سابقة بنسب راوحت ما بين 1.5 و2 في المائة.

وأعلنت الوزارة في اليوم ذاته تعديل أسعار كل أصناف المحروقات 5 في المائة وهي أعلى نسبة زيادة تنفذ هذا العام.

وعدلت حكومة نجلاء بودن أسعار المحروقات في غضون سنة واحدة خمس مرات، ولفت الخبير الطاقي حامد الماطري إلى أن تونس ستصل إلى التحرير الكامل لأسعار المحروقات مطلع العام المقبل، مرجحاً أن يصل سعر لتر البنزين إلى 3 دنانير، مقابل 2525 مليماً حالياً.

وقال الماطري في تصريح لـ "العربي الجديد" إن الحكومة في مرحلة حرجة ما بين تنفيذ سياسات صندوق النقد الدولي التي تفرض الوصول السريع إلى إنهاء دعم الطاقة، والخوف من ردة الفعل الشعبية التي قد تنتج عن تصاعد الأسعار في الأسواق بالتزامن مع ارتفاع كلفة النقل وتشغيل المصانع وغيرها من مكونات الإنتاج.

وأكد الماطري على أن قرار الرفع النهائي للدعم يحتاج إلى شجاعة سياسية في ظل وضع اجتماعي واقتصادي صعب في البلاد.

وتنفذ الحكومة التونسية خطة إصلاح اقتصادي غير شعبية مقابل توقيعها على اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي بقيمة 1.9 مليار دولار ستصرف على مدار أربع سنوات.

ومنذ بداية شهر مارس/ آذار 2020، تعتمد تونس في تعديل أسعار المحروقات على قراري وزارة الطاقة ووزارة المالية، والأخيرة أوكلت قرار تحديد الأسعار إلى اللجنة الفنية المكلفة ضبط أسعار بيع المواد البترولية ومتابعتها.

وينص أحد فصول القرار على ألا يتجاوز التعديل شهرياً نسبة 1.5 في المائة من السعر المعمول به وقت التعديل.

ورأى الخبير الاقتصادي خالد النوري في حديث مع "العربي الجديد" أن إقرار زيادة النسبة الشهرية في تعديل أسعار المحروقات إلى7 في المائة يعني حسابياً رفع الدعم نهائياً عن المحروقات سريعاً، باعتبار أن الارتفاع في الأسعار سيصل إلى نحو 95 في المائة في هذه الحالة مما يؤدي إلى بلوغ ما يعرف بالأسعار المحررة.

وقال النوري إن رفع الدعم عن المحروقات والذهاب إلى تحرير الأسعار سيعيق الجهاز الإنتاجي في تونس ويمس الحقوق الأساسية للمواطنين في الوصول إلى السلع الأساسية بأسعار تتيحها قدرتهم الشرائية.

وأضاف انه منذ توقيع اتفاقية قرض صندوق النقد الدولي في سنة 2016، تعرضت تونس إلى ضغوط من الصندوق ورفعت أسعار المحروقات عدة مرات وقامت بمأسسة الرفع الآلي للدعم من خلال التعديل الشهري للأسعار من أجل تقليل الفجوة ما بين سعر البيع في المضخة والسعر الدولي.

عملياً، كشف التقرير الشهري حول الوضع الطّاقي في تونس، الذّي نشرته أخيراً وزارة الصناعة والطّاقة والمناجم تعمّق عجز الميزان التجاري الطّاقي بنسبة 84 في المائة بما يوازي 7046 مليون دينار في أواخر سبتمبر/ أيلول 2022.

وازدادت قيمة الواردات بنسبة 77 في المائة لتصل إلى 10929 مليون دينار. (الدولار 3.24 دنانير) ولا تنكر حكومة بودن خطة مواصلة الزيادة في أسعار المحروقات حيث أكدت وزيرة المالية سهام نمصية أخيراً استمرار العمل بالتعديل الآلي للأسعار.

ومنذ بداية سنة 2022 ارتفعت أسعار المحروقات أربع مرات بزيادة 3 في المائة في فبراير/ شباط و3 في المائة في مارس/ آذار و5 في المائة في أبريل/ نيسان ثم 3.9 في المائة في منتصف سبتمبر/ أيلول بعد انقطاع دام خمسة أشهر وبذلك تكون أسعار المحروقات قد سجلت منذ بداية السنة ارتفاعا بنسبة 14.9 في المائة.

ولفت المتحدث باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر إن الاحتجاجات مرجحة للعودة بقوة مع توالي غلاء الأسعار وزيادة ثمن المحروقات، مؤكداً أن تعديل سعر البنزين والسولار سيحرك أسعار كل المواد التموينية والخدمات.

وأضاف بن عمر في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن الحراك الاجتماعي لا يتوقف على مدار السنة، غير أنه يصبح أكثر كثافة مع وجود عوامل محفزة، ومن أهمها رفع أسعار الطاقة. وتقوم الحجة الأساسية لصندوق النقد الدولي لاشتراط تفعيل سياسة رفع الدعم على المحروقات على أن نظام الدعم الحالي غير عادل لأنه يفيد الأسر الأكثر ثراء والمالكة للسيارات على حساب بقية الفئات الهشة.

وسجل العجز في ميزانية 2022 ارتفاعاً إلى 3.03 مليارات دولار بحسب ما نشرته الحكومة في الجريدة الرسمية الأربعاء الماضي.

ورغم إقرار وزارة الطاقة مخطط الطاقة الشمسية الذي يرمي إلى تطوير حصّة مصادر الطاقة المتجددة كمصدر لإنتاج الكهرباء إلى 30 في المائة بحلول سنة 2030، لكن حتى اليوم لم تصل قدرة الطاقات المركزة سوى إلى نسبة 3 في المائة أي أقل من 400 ميغاواط ما يزيد من الاعتماد على الوقود الأحفوري.

 

المساهمون