تونس تعتزم زيادة الضرائب العقارية لكبح المضاربات

26 أكتوبر 2023
سوق العقارات في تونس تشهد انفلاتاً غير مسبوق متجاوزة قدرات المواطنين الشرائية (Getty)
+ الخط -

تخطط الحكومة التونسية لزيادة نسبة الضرائب المفروضة على الأراضي المخصصة للبناء، بداية من العام المقبل، مبررة ذلك بكبح المضاربات في القطاع العقاري، بعد شبهات بشأن تحول القطاع إلى ميدان لغسيل أموال المهربين، ما تسبب في زيادات قياسية في أسعار الأراضي.

وكشف قانون موازنة العام المقبل عن سعي الحكومة لتشديد القيود على المضاربة في القطاع العقاري من فرض رسوم على تسجيل الأراضي المعدة لبناء المساكن ليس فقط لأول عملية شراء والتي تتراوح بين 1% و5%، وإنما أيضا لدى تسجيل عقود الشراء المتعددة بعد ذلك بنسبة تصل إلى 6% من قيمة الشراء.

ونتيجة للمضاربة شهدت أسعار الأراضي المعدة للتطوير العقاري خلال السنوات الماضية ارتفاعات قياسية، بلغت أوجها عام 2021 بحسب بيانات معهد الإحصاء الحكومي.

وتكشف أحدث البيانات الرسمية المتاحة على موقع المعهد أن أسعار الأراضي سجلت خلال الربع الثاني من 2021 زيادة بنسبة 13.7%، قبل أن تنخفض بنحو 9.6% خلال الربع الأخير من ذلك العام.

وتحاول السلطات التونسية احتواء القطاعات المتهربة ضريبياً أو التي يمكن أن تكون ميادين آمنة للمضاربين وغاسلي الأموال، غير أنها لا تكشف عن النتائج المحققة من الإجراءات التي تتخذ سنوياً ضمن قوانين المالية (الموازنة العامة).

ويقول الخبير المالي خالد النوري لـ"العربي الجديد" إن الغاية من فرض رسوم على تسجيل الأراضي المعدة للبناء هي مقاومة التهرب الجبائي والحد من القطاع الموازي الذي يحوّل جزءاً من أمواله نحو المضاربة في العقارات.

ويعتبر النوري أن الإجراءات التي تنوي الحكومة تنفيذها بداية من عام 2024 محدودة الجدوى، نظراً لغياب الشفافية في معاملات شراء الأراضي، مشيرا إلى أن العشوائية تسيطر على القطاع العقاري بنسبة عالية.

ويضيف: "وفق بيانات أصدرتها وزارة التجهيز والإسكان، يسيطر البيع العشوائي على 37% من الأراضي العقارية وهي أراضٍ لا تحمل رسوماً أو شهادات تسجيل، ما يجعل المضاربة فيها أمراً سهلاً".

ويشير إلى أن المضاربين في العقارات غالباً ما يخفضون القيمة الحقيقية للشراء عند كتابة العقود وتسجيلها للتهرب من الضرائب وعدم دفع الرسوم المتوجبة على نقل ملكيتها، ما يحبط كل محاولات السيطرة على التهرب الضريبي أو شبهات غسيل الأموال في هذا القطاع.

وتشهد سوق العقارات في تونس انفلاتاً غير مسبوق متجاوزة قدرات التونسيين الإنفاقية، وسط اتهامات للوسطاء العقاريين بتحويل السوق إلى ساحة للمضاربة بالأسعار على حساب حق المواطنين في السكن.

وأفقد الغلاء وتصاعد كلفة البناء أجيالا من التونسيين حقّ امتلاك المسكن، بعدما سجلت أسعار العقارات خلال السنوات العشر الأخيرة طفرات غير مسبوقة تسببت في تضاعف كلفة الشقق.

وكشفت دراسة صادرة عن الغرفة المهنية للمطورين العقاريين، صدرت في إبريل/ نيسان 2020 ارتفاع أسعار العقارات بنسبة 86% خلال السنوات العشر الماضية، مشيرة إلى أن أسعار الوحدات السكنية قفزت خلال السنوات الخمس الأخيرة قبل صدور التقرير بنسبة 46%، فيما زادت أسعار المنازل بنسبة 60% والأراضي المخصصة للبناء بنسبة 41%.

ويقول الخبير العقاري نور الدين شيحة، إن ثمن الأراضي المعدة للبناء يشكل ما بين 15% و25% من كلفة المساكن، ما يجعل محاصرة المضاربة في الأراضي أمراً جيداً للحد من ارتفاع أسعارها والمساهمة في خفض كلفة البناء.

ويضيف شيحة لـ"العربي الجديد" أن حصر الرسوم الضريبية في الأراضي المعدة للبناء سيدفع مالكي الأراضي على استغلالها في البناء دون محاولة المتاجرة فيها ببيعها مجدداً بعد زيادة سعرها، لاسيما أن الاحتفاظ بالأراضي بغرض الادخار أو المضاربة منتشر منذ فترة طويلة.

ويؤكد أن تحوّل الأراضي إلى ساحة مفتوحة للمضاربة أضر كثيراً بحقوق التونسيين في الحصول على سكن نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار الشقق سواء المخصصة للتمليك أو الإيجار، وتسبب في ركود المبيعات وتعثر القطاع الذي يشغل نحو 500 ألف تونسي.

المساهمون