كشفت وثيقة حكومية عن حاجة تونس إلى قروض بقيمة 103 مليارات دينار (35.9 مليار دولار) خلال السنوات الخمس المقبلة، وهو ما يتجاوز إجمالي الديون التاريخية المستحقة على الدولة، والتي قدرها تقرير حديث صادر عن وزارة المالية بنحو 102.2 مليار دينار.
وأظهرت خطة اقتصادية لحكومة نجلاء بودن للسنوات الخمس المقبلة، حصل "العربي الجديد " على نسخة منها، أن الاحتياجات التمويلية للعام المقبل 2022 تقدر بنحو 23 مليار دينار، و21.1 مليار دينار في العام 2023، وحوالي 20.5 مليار دينار في 2024 ، ونحو 19.6 مليار دينار في 2025، وحوالي 18.8 مليار دينار في عام 2026.
وتواصل سلطات تونس طرق أبواب الخارج من أجل الحصول على قروض لتسيير النفقات الأساسية لدفع رواتب الموظفين وتوريد المواد الأساسية من طاقة وحبوب وأدوية، فيما تستنزف القروض الحكومية الداخلية إمكانيات القطاع المصرفي.
ديون غير مسبوقة
وتأتي الأرقام التي كشفت عنها الوثيقة الحكومية لتزيد المخاوف بشأن تسجيل قفزات غير مسبوقة في إجمالي الديون التاريخية المتراكمة على مدار عقود.
إذ كشفت وزارة المالية، يوم الجمعة الماضي، أن الدين العام المستحق على البلاد ارتفع إلى حوالي 102.2 مليار دينار في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2021، بزيادة 12% مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، وبما يعادل 81.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
تكلفة خدمة الدين بلغت 11.3 مليار دينار خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري
وذكرت الوزارة أن الدين الخارجي بلغ حوالي 62 مليار دينار، بما يمثل 49% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما بلغ الدين المحلي حوالي 40.2 مليار دينار، ما يعادل 32% من الناتج المحلي الإجمالي، مشيرة إلى أن تكلفة خدمة الدين بلغت 11.3 مليار دينار خلال الأشهر العشرة الأولى من هذا العام.
وشهدت تونس في 2021 إحدى أسوأ أزماتها الاقتصادية التي عرفتها منذ الاستقلال في خمسينيات القرن الماضي، وفاقمتها تداعيات انتشار جائحة كورونا والتجاذبات السياسية، لا سيما بعد التدابير الاستثنائية التي أقرها الرئيس قيس سعيّد في 25 يوليو/ تموز، وجمد بمقتضاها عمل مجلس نواب الشعب (البرلمان) وأحكم سيطرته على السلطات.
ويرجح خبراء الاقتصاد أن تتواصل صعوبات تونس في توفير الاحتياجات التمويلية للموازنة، في ظل غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي، الذي استأنفت تونس المفاوضات التقنية معه في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي للحصول على قروض جديدة.
الاقتراض من صندوق النقد
وكان محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي قد رجح، أخيراً، أن تتوصل بلاده إلى اتفاق مع الصندوق في الربع الأول من العام المقبل، بعد تقديم برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يتعيّن على الحكومة تنفيذه في السنوات الأربع المقبلة.
لكن وزير المالية السابق حسين الديماسي توقع، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن يفرض صندوق النقد شروطه التي تتضمن مطالب "غير شعبية تزيد من الضغوط المعيشية على التونسيين".
وحذر الديماسي من خطورة مواصلة استنزاف القطاع المصرفي لتمويل عجز الموازنة العامة عبر القروض الداخلية على حساب تمويل الاقتصاد، مشيرا إلى أن انخراط البنوك في تمويل الموازنة يحرم الاستثمار من التمويل ويرفع التضخم إلى مستويات قياسية.
الدين العام ارتفع إلى حوالي 102.2 مليار دينار في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2021
ورغم المحاولات التي تبذلها السلطات التونسية للحصول على قروض بينية من دول عربية، لم تتمكن حكومة نجلاء بودن إلا من توقيع اتفاق مالي وحيد مع الجزائر بقيمة 300 مليون دولار، حصلت عليها تونس في شكل قرض، وتم الإعلان عنه رسميا خلال الزيارة التي قام بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى تونس في وقت سابق من الشهر الجاري.
في المقابل، تأخرت وعود المساعدات المالية الأخرى من الدول التي دعمت قرارات الرئيس التونسي في 25 يوليو/تموز، فيما أشار المدير العام للتمويل والدفوعات الخارجية في البنك المركزي عبد الكريم لسود، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى وجود نقاشات "متقدمة جدا" مع السعودية والإمارات من أجل الحصول على موارد مالية.