تونس: الأفران توقف إنتاج الخبز تزامناً مع حملة حكومية ضد الاحتكار

01 اغسطس 2023
صف طويل أمام أحد المخابز بمدينة تونس لشراء الخبز (Getty)
+ الخط -

قرر اليوم نحو 1500 من المخابز التونسية تعليق نشاطها استجابة لقرار المجمع المهني للمخابز العصرية التابع لـ"كونفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية" (كوناكت)، إيقاف إنتاج الخبز في جميع المخابز التابعة له، تزامناً مع تواصل أزمة تتعلق بأهم مادة حيوية في موائد التونسيين.

وطلب المجمع المهني للمخابز، في بيان صادر عن الموقع جرى نشره على الصفحة الرسمية لمنظمة "كوناكت" على "فيسبوك"، وقف إنتاج الخبز بعد قرار اتخذ إثر اجتماع أعضاء المكتب التنفيذي الوطني للمجمع المهني للمخابز العصرية.

ولم يحدد البيان الأسباب التي دفعت المجمع المهني إلى اتخاذ قرار إيقاف إنتاج الخبز أو مدة الوقف، غير أن قرار الأفران وقف إنتاج الخبز يأتي بعد إعلان السلطات شنّ حملة مراقبة واسعة النطاق على الأفران التي تضارب في أثمان الخبز، وتتولى استعمال الدقيق المدعم بطرق غير قانونية.

وبدأت أمس الاثنين فرق مشتركة بين وزارتي التجارة والداخلية حملات مراقبة مشتركة على المخابز في جميع محافظات البلاد، هدفها الحد من احتكار الدقيق المدعم، وترشيد أسعار الخبر وتحسين العرض من الخبز الذي فقد في العديد من مناطق البلاد.

وقالت اليوم وزارة التجارة إن حملات المراقبة التي نفذتها فرق المراقبة الاقتصادية مكنت من حجز 105 أطنان من الدقيق المدعم، ورفع 249 مخالفة، وذلك خلال يومي 30 و31 يوليو/ تموز الماضي، عقب إخضاع 1153 مخبزة مصنفة.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وتنقسم صناعة الخبز في تونس بين صنفين من الأفران؛ صنف المخابز التي تحصل على الدقيق المدعم وتلتزم بالتسعيرة الحكومية للخبر، وأخرى تصنع الخبز وفق أسعار حرة. 

وتصنع الأفران التونسية يومياً 6.7 ملايين خبزة، منها 3,9 ملايين خبزة كبيرة، و2,7 مليون خبزة من الصنف الأقل حجماً أو ما يطلق عليه محلياً "الباقات" محولة من 6,5 ملايين قنطار من الدقيق.

ومنذ أشهر تتواتر في تونس أزمة التزود بالخبز ونقص المواد الأساسية من الدقيق، غير أن السلطات تقول إن الأمر مفتعل من قبل لوبيات تسعى إلى تأجيج الأوضاع الاجتماعية والتنكيل بالتونسيين.

وبسبب نقص التزود بالخبز يضطر التونسيون إلى الوقوف يومياً في طوابير للحصول على المادة الأساسية على موائدهم، بينما أطلقت المخابز العنان للأسعار التي تضاعفت في بعض الأصناف التي تصنع من الدقيق غير المدعم وهو ما دفع السلطات إلى شن حملة مراقبة قابلها تصعيد من قبل الخبازين بغلق الأفران.

وفي تصريحات سابقة لوكالة الأنباء الرسمية التونسية أكد رئيس المجمع المهني للمخابز العصرية، محمد الجمالي أن نقابته "تضم 1500 مخبز".

وخلال السنوات الأخيرة شهدت تونس توسعاً في شبكة الأفران غير المصنفة التي تبيع الخبز وفق أسعار محررة مقابل عدم حصولها على الدعم الحكومي الذي تحصل عليه الأفران التي تصنع الخبز الشعبي، أو ما يعرف محلياً بـ"الخبز الكبير".

وتمر تونس بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها، ما أثر في قدرة المؤسسات الحكومية المكلفة بالمشتريات العمومية على توريد الحاجيات الأساسية للغذاء والدواء والطاقة، كما نزلت مخصصات دعم الغذاء إلى أدنى مستوياتها.

وبين تقرير تنفيذ الموازنة الصادر عن وزارة المالية أن تونس أنفقت خلال الربع الأول من العام الحالي 42 مليون دينار فقط لدعم الغذاء من مجموع مخصصات مرسمة بالموازنة بقيمة 2,5 مليار دينار.

ويراقب ديوان الحبوب الحكومية حصرياً مشتريات الحبوب، سواء عبر قبول المحاصيل المحلية، أو التوريد من السوق الخارجية. 

وتستورد تونس نحو 90 بالمائة من حاجياتها من القمح اللين، وهو ما يجعل كل 4 أرغفة خبز مستوردة مقابل رغيف واحد مصنوع من الدقيق المحلي، بينما تواجه البلاد فاتورة قياسية لواردات القمح نتيجة الجفاف الذي أضر بنحو 80% من محصول الحبوب المرتقب حصاده في الموسم المقبل.

كذلك تستمر ضغوط صندوق النقد الدولي على سلطات البلد المنهك اقتصادياً من أجل الانطلاق في إصلاح منظومة الدعم، ومن أهمها دعم الغذاء والطاقة.

وفي وقت سابق أكد صدر مهني من قطاع الخبازين، فضل عدم الكشف عن اسمه لـ"العربي الجديد"، أن السلطات بدأت فعلاً بعد شهر رمضان في تقليص حصص الدقيق الموزعة على الأفران التي تصنع الخبز المدعم، بنحو 20 بالمائة، مشيراً إلى أن تقليص حصص الدقيق تدخل ضمن سياسة رفع الدعم.

ويبلغ السعر الحقيقي للخبز الكبير من دون دعم 465 مليماً للخبزة الواحدة ويباع للعموم بسعر 230 مليماً، فيما تباع "الباقات" وهي وحدة الخبز الأقل حجماً بـ190 مليماً مقابل سعر حقيقي بـ274 مليماً.

وكان وزير الخارجية والهجرة، نبيل عمار، قد طلب أثناء محادثات ثنائية جمعته برئيس الجمهورية الاتحادية بـ"تتارستان" رستم مينيخانوف دعم مسعى بلاده في الحصول على أسعار تفاضلية للحبوب، وذلك على هامش المنتدى الاقتصادي بموسكو، بعد أن خسرت البلاد هذا العام ما يزيد عن 80 بالمائة من إنتاجها المحلي من الحبوب نتيجة الجفاف.

المساهمون