تونس: إنتاج السكر ينقذ موسم حلويات العيد
- تواجه الصناعة تحديات مثل تقادم المعدات وارتفاع أسعار السكر بنسبة 100%، مما أثر على تكلفة الحلويات وأدى إلى تراجع الطلب بنسبة 20% بسبب انخفاض القدرة الشرائية.
- تعد صناعة السكر حيوية للاقتصاد التونسي، ليس فقط في تلبية الحاجيات الوطنية ولكن أيضًا في دعم الصناعات الغذائية الأخرى وتوفير فرص العمل، مع تأكيد على أهميتها في استقرار السوق والاستعدادات لعيد الفطر.
أعلنت الشركة التونسية للسكر التي تدير أكبر مصنع حكومي عن استئناف نشاطها بعد فترة صيانة عانى فيها السوق من شح في هذه المادة.
وتزامنت عودة إنتاج السكر المحلي مع اقتراب عيد الفطر الذي يزيد فيه الطلب على واحدة من أهم المواد الأساسية في صناعة الحلويات.
وأكدت الشركة أن المصنع سيوفر إنتاجا يوميا بنحو 500 طن ستضخ في السوق لتلبية حاجيات الصناعيين والأسر بعد أن عانت البلاد من شح السكر على امتداد أشهر رغم توريد كميات من السكر الجزائري.
ويلبي مصنع السكر الحكومي نحو 45 بالمائة من حاجيات البلاد، غير أن تقادم معداته ودخوله في فترات صيانة متواترة أثّر على تزويد السوق وأربك إنتاج سلسلة من مصانع المواد الغذائية والمشروبات التي تحتاج هذه المادة ضمن تركيبة منتجاتها.
وخلال الفترة التي تسبق عيد الفطر يقبل التونسيون بكثافة على التزود بالسكر لصناعة الحلويات ما ينعش شبكات المضاربة رغم محاولات وزارة التجارة تعقّب مستودعات التخزين غير القانونية.
واعتبرت رئيسة الغرفة الوطنية لصناعة المرطبات سامية ذياب أن عودة إنتاج السكر وتحقيق كفاية السوق كانت مهمة جدا بالنسبة للصناعيين خلال هذه الفترة، حيث تمكن الصناعيون من تجاوز أزمة المواد الأولية التي عانوا منها خلال العام الماضي.
وقالت ذياب في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الصناعيين لم يجدوا صعوبة هذه السنة في الحصول على كميات السكر التي يحتاجونها.
وتابعت: "في المقابل تضاعف سعر السكر الموجه للصناعيين بنسبة 100 بالمائة هذه السنة إذ مرّ سعر كلغ الواحد من 1.5 دينار إلى 3 دنانير (الدولار = نحو 3.10 دنانير) بينما تم الحفاظ على سعر السكر الموجه للاستهلاك الأسري.
وأفادت في ذات السياق بأن زيادة أسعار المواد الأولية ترفع كلفة حلويات العيد الذي يعد أهم موسم تجاري لصناعيي المرطبات، مشيرة إلى أن أغلب المهنيين يحاولون خفض هوامش ربحهم من أجل الحفاظ على استقرار الأسعار أو تعديلها بنسبة لا تتجاوز 5 بالمائة مقارنة بالعام الماضي.
في المقابل تؤكد ذياب تسجيل تراجع في الطلب مقارنة بالسنوات الماضية في حدود 20 بالمائة ناجم عن هبوط القدرة الشرائية لشريحة واسعة من التونسيين.
وعانت أسواق تونس التي تحتاج سنوياً إلى نحو 360 ألف طن من السكر من نقص هذه السلعة الرئيسية تحت تأثير ارتفاع الأسعار في السوق العالمية وعدم قدرة المصانع المحلية على مسايرة احتياجات المستهلكين.
وتقوم منظومة الإنتاج المحلية على ثلاثة مصانع، مصنع حكومي هو أكبرها ومصنعان تابعان للقطاع الخاص، أحدهما يشهد تعثراً ماليا تسبب في إغلاقه.
وقال المسؤول عن التخزين والتوزيع بمصنع السكر أحمد الوحيشي إن سلسلة الإنتاج عادت إلى العمل بمعدل يتراوح ما بين 500 و550 طنا يوميا وهو ما يوفر نصف الحاجيات الوطنية من مادة السكر.
وأكد الوحيشي في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه جرى توفير مخزون أولي بنحو 8 آلاف طنا سيتولى ديوان التجارة ضخها في الأسواق. وتابع: "هذه الكميات مهمة لتلبية الطلب الصناعي والأسري خلال فترة العيد".
وتتحول صناعة الحلويات في النصف الثاني من شهر الصيام إلى مصدر لرزق لمئات الأسر التونسية التي تعمل في إعداد أصناف مختلفة من الحلويات التقليدية التي عادة ما تكون أقل سعرا من الحلويات التي تعرض في المحلات المختصة.
كذلك تنعكس استعادة إنتاج السكر إيجابيا على باقي الصناعات الغذائية التي تحتاجه كمادة أولية ما يبعد شبح البطالة عن آلاف العمال التونسيين ممن يشتغلون في هذه المصانع.
وفي وقت سابق، تسبب تراجع الاحتياطات الاستراتيجية من السكر إلى مستويات متدنية في توقف العديد من المصانع أو التخفيض من طاقة إنتاجها اليومي، الأمر الذي أدى إلى تخفيض ساعات العمل وتلويح وحدات الإنتاج بإحالة العمال إلى البطالة المؤقتة من دون رواتب.
وترتبط بصناعة السكر في تونس العديد من الأنشطة الاقتصادية التي تخلق آلاف مواطن الشغل في القطاع الصناعي والخدماتي، كما يؤثر تعثرها على الواقع الاجتماعي في المحافظات التي تتركز فيها وحدات الإنتاج.
وتقوم صناعة السكر في تونس على الإنتاج الشامل للسكر المستخرج من الشمندر (البنجر) السكري بمعدل 15 ألف طن سنوياً، بينما تتولى وحدة التصنيع الحكومية تكرير ما بين 150 و180 ألف طن من السكر المورد الخام، وهو ما يمثل 45% من الإنتاج المحلي.