على الرغم من تشكيل حركة طالبان حكومة انتقالية وإعلانها العفو العام ودعوتها رموز النظام السابق إلى العودة دون ملاحقة وتسيير أول رحلة تجارية من مطار كابول، إلا أن مراقبين وخبراء في شؤون القانون والمال يؤكدون أن حكومة طالبان ربما لن تحصل على أرصدتها المجمدة في الغرب والتي تقارب 10 مليارات دولار، وربما يستمر تجميد هذه الأموال لفترة طويلة، وهو ما يساهم في خنق الحركة مالياً وعرقلتها في تسيير الأنشطة الاقتصادية والمالية.
كما أن الولايات المتحدة ربما ستستخدم سيطرتها على النظام المالي العالمي لحرمان طالبان من الحصول على تمويلات أجنبية ما دامت حكومتها غير معترف بها من قبل حكومات غربية.
وتوقع خبراء أن تتعامل إدارة جو بايدن مع طالبان مثلما تعاملت في السابق مع الحكومة الإيرانية بعد صعود الخميني للحكم وسقوط حكم شاه إيران في العام 1979، وبالتالي تواصل تجميد الأموال.
لدى دولة أفغانستان أموالاً مجمدة في الخارج تقدر بنحو 10 مليارات دولار من بينها 8.3 مليارات دولار، مجمدة في البنوك الأميركية ونحو 1.7 مليار مجمدة في مصارف غربية أخرى في أوروبا
على صعيد التمويل يقول محللون إن الحكومة الأميركية ستستخدم النظام المالي العالمي لمحاصرة حكومة طالبان وحرمانها من التعاملات المصرفية، وربما تحظر المؤسسات المالية والمصارف التي تتعامل معها مالياً.
يذكر أن لدى دولة أفغانستان أموالاً مجمدة في الخارج تقدر بنحو 10 مليارات دولار من بينها 8.3 مليارات دولار، مجمدة في البنوك الأميركية ونحو 1.7 مليار مجمدة في مصارف غربية أخرى في أوروبا.
وتتخذ الدول الغربية في أوروبا وأميركا حتى الآن موقف "الانتظار والمراقبة" تجاه طالبان، كما تربط التعامل المالي مع أفغانستان ب"شرعية حكم طالبان" والاعتراف بها دولياً، ولكن لا يبدو أن حركة طالبان تعير اهتماماً لهذا الاعتراف أوالشرعية، إذ إن الحكومة الانتقالية التي أعلنتها يوم الثلاثاء لإدارة البلاد ولفترة 6 شهور ضمت شخصيات متهمة بالإرهاب وسجناء سابقين في معتقل غوانتنامو.
ويرى محللون لصحيفة " فاينانشيال تايمز"، أن الحركة بعد تشكيل الحكومة الانتقالية التي ستدير البلاد أو "إمارة أفغانستان الإسلامية"، لا ترغب في التعامل مع الحكومات الغربية، لكن مسؤولين بالحركة ينفون هذه الادعاءات ويؤكدون انفتاحهم على العالم الخارجي.
في هذا الشأن قال البروفسور أفيناش بالوال الأستاذ بجامعة لندن قسم الدراسات الشرقية " ساوث"، لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، إنهم "لا يهتمون بالحكومات الغربية، وتشكيل الحكومة رسالة واضحة للغرب" في إشارة لطالبان.
وبالتالي يرى محللون أن حركة طالبان ربما لن تحصل على أموالها المجمدة في الخارج ما لم يتم الاعتراف بشرعيتها، وحتى الآن هنالك استحالة.
محللون: حركة طالبان ربما لن تحصل على أموالها المجمدة في الخارج ما لم يتم الاعتراف بشرعيتها، وحتى الآن هنالك استحالة.
في هذا الصدد، قال الخبير القانوني والمالي البروفسور روبرت هوكيت، الأستاذ بجامعة كورنيل الأميركية، لموقع"إنسايدر"الأميركي"، مساء الأربعاء، "من المستحيل أن تحصل طالبان على هذه الأموال المجمدة من الناحيتين العملية والقانونية".
وأضاف البروفسور هوكيت، "من الناحية القانونية فإن حصول حكومة طالبان على هذه الأرصدة المجمدة مستحيل، لأن طالبان "غير معترف بها بعد كحكومة شرعية لأفغانستان من قبل الحكومة الأميركية".
وقال، حسب نصوص القانون الأميركي فإن "الولايات المتحدة تملك الحق في تجميد الأموال لدولة ما معترف بها، حينما يتم استبدال حكومتها بحكومة اخرى غير معترف بها".
وقال إن الطريقة الوحيدة التي يمكن لحكومة طالبان الحصول على أرصدة أفغانستان المجمدة هي حل "حركة طالبان نفسها"، وذلك لأن طالبان مصنفة أميركياً "حركة إرهابية".
وحسب ما ذكر محافظ البنك المركزي الأفغاني الهارب أجمل أحمدي لصحيفة "نيويورك تايمز" في لقاء سابق، فإن لدى المركزي الأفغاني أرصدة في حسابه مع مصرف الاحتياط الفيدرالي" البنك المركزي الأميركي" في نيويورك قيمتها 7 مليارات دولار و1.3 مليار دولار مجمدة في حسابات أخرى.
من جانبه يرى رئيس المعهد الآسيوي الإسكتلندي رودي قاو، أن طالبان ستستغل الوضع الجيوسياسي في منطقة أسيا الوسطى للحصول على تمويل.
لكن هوكيت قال"إن الأرصدة الأفغانية ستظل مجمدة في الولايات المتحدة إلى أجل غير محدد، مثلما حدث مع الأموال الإيرانية التي جمدتها أميركا لعقود طويلة في أعقاب سقوط الشاه محمد رضا بهلوي وسيطرة الخميني على الحكم".
رئيس المعهد الآسيوي الإسكتلندي رودي قاو: طالبان ستستغل الوضع الجيوسياسي في منطقة أسيا الوسطى للحصول على تمويل.
وقال في "حال إيران استمرت الأموال الإيرانية مجمدة في الولايات المتحدة لعقود، ونفس الحال قد يحدث للأرصدة الأفغانية".
ويشرح البروفسور الأميركي هوكيت صعوبة فك تجميد الأموال بقوله، "من الناحية القانونية يمكن أن تجمد الولايات المتحدة هذه الأرصدة لمائة سنة أو لعقود".
وأشار هوكيت إلى أن لدى أفغانستان أموالا مجمدة في دول أخرى وربما ستواجه نفس مصير الأرصدة المجمدة في أميركا.
ويطرح هوكيت عدة احتمالات بشأن مصير الأموال الأفغانية المجمدة، من بين تلك الاحتمالات، "أن تستخدمها الحكومة الأميركية لدفع تعويضات القضايا القانونية التي سيرفعها اللاجئون الأفغان الذين تم إجلاؤهم بواسطة القوات الأميركية وقوات حلف الناتو في أعقاب سيطرة حركة طالبان على الحكم في أفغانستان".
ووفق خبراء فمن المتوقع أن يتمكن هؤلاء اللاجئون من رفع قضايا ناجحة في المحاكم الأميركية والأوروبية ضد حركة طالبان تمكنهم من الحصول على تعويضات مجزية وتسدد من هذه الأموال المجمدة".
وبشأن مستقبل كيفية تمويل الحكومة الأفغانية، قال خبراء غربيون إن طالبان ربما تتمكن من الحصول على أموال من"عناصر مارقة". لكن خبراء آخرين قالوا إن الحركة ستتجه للحصول على تمويلات من الصين وباكستان.
ولدى الصين استثمارات تقدر بنحو 630 مليون دولار في أفغانستان وتضع عينها على المعادن النادرة التي تحتويها الجبال الأفغانية والتي تقدر مصلحة الجيولوجيا الأميركية قيمتها بين تريليون و3 ترليونات دولار.
وتوفر أفغانستان حركة ربط مباشرة لمشروعات "الحزام والطريق" الصينية مع كل من باكستان وإيران.وبلغ حجم التجارة بين الصين وأفغانستان نحو 550 مليون دولار خلال العام الماضي.
وبالتالي لا يستبعد الخبير البريطاني ورئيس المعهد الآسيوي الإسكتلندي، رودي قاو، أن تحصل طالبان على تمويلات من الصين على المدى القصير.