توتر تجاري بين مصر والمغرب: الرباط تتهم القاهرة بعرقلة الصادرات وتلوح بـ"المعاملة بالمثل"

27 يونيو 2021
مصنع سيارات "رينو" في مدينة طنجة بالمغرب (فرانس برس)
+ الخط -

تبيّن أنّ المباحثات بين وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي المغربي، مولاي حفيظ العلمي، ووزيرة الصناعة والتجارة المصرية نيفين جامع، قبل أيام، لم تكن هادئة، كما تشي بذلك تصريحات ما بعد الاجتماع الصادرة من القاهرة، فقد اعتراه التوتر بسبب العراقيل التي تطاول المبادلات التجارية بين البلدين.

وعقب جلسة مباحثات موسعة لمسؤولي التجارة والصناعة في البلدين، عبر تقنية الفيديو، الأربعاء الماضي، خرجت وزيرة الصناعة المصرية لتؤكد في بيان صحافي "عمق وتاريخ العلاقات الثنائية المصرية المغربية والتي تستند إلى علاقات الترابط الأخوي والعربي بين البلدين"، مشيرة إلى "الاتفاق مع الجانب المغربي على تشكيل مجموعة عمل من وزارتي التجارة في البلدين لحصر العوائق والتحديات التي تعترض حركة التبادل التجاري والتعاون الاستثماري وإيجاد حلول جذرية لها في أسرع وقت ممكن".

لكنّ توضيحات قدمها الوزير المغربي أمام لجنة برلمانية أخيراً تشير إلى توجه المغرب نحو "معاملة مصر بالمثل"، إذ قال إنّ مصر تعرقل دخول السلع المغربية، موضحاً أنّ "المواد المغربية تلزمها 3 أشهر لدخول السوق المصرية"، مضيفاً أنّ السيارات التي تصنع في المغرب عند تصديرها إلى مصر تواجه العرقلة أيضا ويفرض الجانب المصري شروطاً لدخولها رغم استيفائها الشروط التي تنص عليها اتفاقية أكادير".

كذلك يتضح من تصريحات الوزير المغربي أنّ سلطات بلاده عاقدة العزم على تشديد المراقبة على الصادرات من مصر، إذ قال أمام البرلمان إنّه "تم اكتشاف لجوء مصدرين من مصر إلى استيراد سلع من الصين وتصديرها إلى المغرب كي تستفيد من المعاملة التفضيلية التي تتيحها اتفاقية أكادير".

وتخضع المبادلات التجارية بين البلدين لاتفاقية أكادير الموقعة في الرباط، بين المغرب وتونس ومصر والأردن، في 25 فبراير/ شباط 2004، والتي دخلت حيز التطبيق في الربع الأول من 2007.

ووفق الوزير المغربي فإنّ هناك "تزييفاً للمنتجات المصرية المتوجهة إلى المغرب"، مضيفاً أنّه "جرت مؤخراً مراقبة الحاويات الآتية من مصر، وتبين أنّ 3 منها تحمل منتجات مزورة وحاصلة على شهادة من السلطات بأنّها مصرية في حين أنّها منتجات من صنع صيني".

وتابع أنّه أخبر وزيرة التجارة والصناعة المصرية، خلال المباحثات، أنّه ستتم عرقلة دخول السلع المصرية إلى المغرب في حال مواصلة عرقلة ولوج السلع المغربية إلى مصر، وهو ما ردت عليه الوزيرة باقتراح تشكيل لجنة من أجل تناول المشاكل التي تعترض التبادل التجاري بين البلدين.

ويبدو أن الحكومة المصرية لم تكن تتوقع خروج الغضب من عرقلة المنتجات المغربية عن نطاق الاجتماعات بين البلدين. وقال مصدر مسؤول في وزارة التجارة والصناعة المصرية إنّ "الوزارة قررت تشكيل لجنة بالتعاون مع الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، لبحث الاتهامات الموجهة للقاهرة بشأن تصدير منتجات صينية على أنّها مصرية الصنع، وإخطار المملكة المغربية بنتائج أعمال هذه اللجنة، في ضوء العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين".

وأضاف المسؤول في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ "من المقرر تشكيل مجموعة عمل مشتركة من وزارتي الصناعة في مصر والمغرب، لإزالة أيّ عوائق تعترض حركة التبادل التجاري بين البلدين، وتسهيل نفاذ الصادرات المغربية إلى الأسواق المصرية، والعكس بالعكس، وفقاً لإجراءات وضوابط زمنية محددة متفق عليها بين الجانبين".

لكنّ محمد بنعياد، الكاتب العام السابق لوزارة التجارة الخارجية المغربية، قال لـ"العربي الجديد" إنّه "أجريت في السابق العديد من اللقاءات مع الجانب المصري، من أجل ضمان انسيابية الصادرات المغربية لكن من دون جدوى"، مضيفاً أنّ "الموقف المصري من صادرات المغرب من السيارات غير مفهوم، فالقاهرة تتحفظ على استيراد سيارات رينو المصنعة بمدينة طنجة (شمال المغرب)، بينما تسمح بولوج سيارات الشركة ذاتها المصنعة بمصنع صوماكا في الدار البيضاء".

ويشكو المغرب منذ عدة سنوات من عراقيل تضعها مصر أمام دخول سيارات "رينو" الفرنسية المصنعة في المغرب إلى سوقها. وسبق لرئيس الجمعية المغربية للمصدرين، حسن سنتيسي، أن اشتكى من الصعوبات التي تواجه "رينو" في تصدير سياراتها المصنعة بطنجة في شمال المملكة إلى مصر، التي تعتبر من الدول الأربع الموقعة على اتفاقية أكادير. وعلق مسؤول مغربي لـ"العربي الجديد" أنّ "العراقيل التي توضع أمام صادرات المغرب من السيارات تجد تفسيرها في كون مصر كانت ترى أنّها الأحق في احتضان مصنع إنتاج سيارات رينو، إذ بذلت مساعي في السابق من أجل تحقيق ذلك الهدف".

وبلغت المبادلات التجارية بين المغرب ومصر نحو 681 مليون دولار بنهاية عام 2019، منها صادرات مصرية بقيمة 540 مليون دولار، مقابل واردات من المغرب في حدود 141 مليون دولار.

وتتكون صادرات مصر نحو المغرب من المنتجات الإلكترونية والألمنيوم والبلاستيك والكاوتشوك والسلع الغذائية، بينما تتشكل وارداتها من المغرب من السيارات.

المساهمون