تعرّف إلى الرهانات الخطرة التي تهدد شركات النفط الحكومية بخسائر ضخمة

10 فبراير 2021
+ الخط -

"في حال تابعت شركات النفط الوطنية مسارها الحالي، ستستثمر أكثر من 400 مليار دولار في مشاريع النفط والغاز عالية الكلفة التي لن تحقق درجات التكافؤ، فيما لو تخطت البشرية الأهداف المتعلقة بالحد من انبعاثات الكربون، وسمحت بارتفاع درجة الحرارة العالمية بأكثر من درجتين مئويتين". هذه خلاصة بحث نشره اليوم معهد إدارة الموارد الطبيعية بعنوان "رهانات محفوفة بالمخاطر: شركات النفط الوطنية والتحول في مجال الطاقة".
يشرح البحث أنه إما أن يحقق العالم كل ما هو ضروري للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري أو تمضي شركات النفط الوطنية باستثماراتها. وبالتالي، هذه الشركات ستحقق تعادلاً بين الإيرادات والمصروفات فقط إذا أخفق العالم في تحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ.

هكذا، يمكن لاستثمارات شركات النفط الحكومية إما أن تؤتي ثمارها أو أن تمهد الطريق لأزمات اقتصادية عبر العالم الناشئ والنامي، وتتطلب عمليات إنقاذ مستقبلية ستدفع الشعوب ثمنها، إذ تستخدم غالبية الحكومات المعتمدة على النفط خاصة في أفريقيا وأميركا اللاتينية ويوراسيا الأموال العامة للقيام برهانات محفوفة بالمخاطر. 
ويدعو البحث الحكومات إلى فهم مدى تعرض شركات النفط الوطنية لانخفاض أسعار النفط والغاز، وإعادة النظر في القواعد الخاصة بالتدفقات النقدية من الشركات وإليها التي تملكها الدولة، إضافة إلى قياس أداء شركة النفط الوطنية، وتحسين حوكمة الشركة، ورفع التقارير إلى المواطنين بشكل مستمر.
وتعتبر شركات النفط الوطنية  المفتاح لمكافحة الاحتباس الحراري. وهذه الشركات تكون فيها الحكومة هي المساهم الوحيد أو المهيمن فيها. وتنتج هذه الشركات نصف كميات النفط والغاز في العالم وتستثمر 40% من رأس المال في صناعة النفط والغاز العالمية. 

 

شركات النفط الوطنية مهمة لمكافحة الفقر. يعيش مئتان وثمانون مليون شخص تحت خط الفقر في البلدان التي لديها شركة نفط وطنية، وتلعب دوراً رئيساً في الاستقرار الاقتصادي في العديد من هذه الدول. كما أن الأشخاص الذين يعانون من الفقر هم الأكثر تعرضا لمخاطر تدهور المناخ، وفق البحث.
ويضيف البحث أن التحول السريع في مجال الطاقة يشكل تهديدا لشركات النفط الوطنية. ينتقل الاقتصاد العالمي من استخدام الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة. وكلما تسارع هذا التحول، هدد شركات النفط الوطنية والحكومات التي تعتمد على عائدات النفط، إلا إذا أحسنت الاستعداد.
ويؤكد البحث أنه في مقابل كل أربعة دولارات تكسبها شركة النفط الوطنية المتوسطة من النفط والغاز، تحول دولاراً واحداً فقط إلى حكومتها وما تبقى تنفقه بنفسها، فيما تكون المساءلة تجاه السلطات العليا والمساهمين من المواطنين شبه غائبة في كثير من الأحيان. ويلفت إلى أنه يجب أن يكون المواطنون على دراية ويسألوا ما هي الرهانات التي تقوم بها شركة النفط الوطنية مستخدمة أموالهم،
إذ يتم رفد الحكومات بأموال النفط عن طريق الضرائب وأرباح الأسهم والآليات المالية الأخرى. ومن بين 36 شركة نفط وطنية في العيّنة التي يعمل عليها البحث تحول 20 شركة منها أقل من 25% من إجمالي إيراداتها إلى الحكومة.
الرهانات الكبيرة لشركات النفط الوطنية لن تؤتي ثمارها إلا إذا خسر العالم معركة المناخ. صحيح أن بعض رهانات شركات النفط الوطنية قد تؤتي ثمارها، لكنّ التحول في مجال الطاقة يجعلها أكثر خطورة. فالمبالغ طائلة، إذ قد تتجاوز استثمارات شركات النفط الوطنية 1.9 تريليون دولار على مدى العقد المقبل. وربما يكون الكثير من هذا الاستثمار منخفض المخاطر.

 

لكن قد تستثمر شركات النفط الوطنية أكثر من 400 مليار دولار من الأموال العامة في مشاريع خطرة. وتستثمر شركات النفط الوطنية في البلدان النامية والناشئة مجتمعة 280 مليار دولار في مثل هذه المشاريع عالية التكلفة التي يمكن أن تستخدم في خفض معدلات الفقر مثلاً.
إن الانخفاض النهائي في أسعار النفط يعني أنه قد لا يتم تطوير بعض اكتشافات النفط والغاز على الإطلاق، إذ إنّ الإنفاق الرأسمالي البالغ 943 مليار دولار يحتاج إلى أكثر من 30 دولاراً سعر برميل النفط كمتوسط لتحقيق درجة التكافؤ، إلا أنه من بينها توجد نفقات بقيمة 414 مليار دولار تحتاج إلى أكثر من 40 دولاراً لسعر البرميل للوصول إلى درجة التكافؤ، لكن هذه النسب لا تنطبق على غالبية الشركات النفطية الحكومية في الشرق الأوسط التي تمتلك احتياطات عالية. فيما المخاطر تتزايد في أندونيسيا وسورينام وكولومبيا وفنزويلا والجزائر وغيرها من الدول النفطية.
يجب أن تقرر الحكومات، وفق البحث، إن كانت تريد "البقاء على الطاولة" أو "صرف الأموال". لا تشبه شركات النفط الوطنية شركات النفط العالمية؛ فهي مدعوة لتقديم قيمة من خلال تأمين تدفقات ثابتة من الإيرادات التي تسمح للحكومات بالعمل، فتوفر الوظائف العامة والخدمات الاجتماعية، وتؤدي مجموعة من الأدوار الأخرى.

ويختم البحث أنه "كون التحول في مجال الطاقة يؤثر على مستقبل النفط والغاز، ستتقلص مساحة المناورة لدى العديد من شركات النفط الوطنية فيما ترتفع تكاليف الفرصة الضائعة المتمثلة بالاستثمار في مشاريع باهظة الثمن".

المساهمون