منيت أول تجربة لدفع الفواتير إلكترونيا في مناطق سيطرة النظام السوري بالفشل، حيث فوجئ آلاف المشتركين بعدم تمكنهم من دفع فواتيرهم عبر شبكة الإنترنت، وهو ما تسبب بقطع الخدمة عنهم، وتغريمهم جراء التخلف عن الدفع.
وأرجعت الجهات الرسمية في النظام السوري هذا الفشل إلى الضغط الكبير على الشبكة، حيث "لم تتوقع" أن يكون الإقبال كبيراً على الدفع الإلكتروني، مع انطلاق تجربته في بداية العام 2024، برغم أنها أعلنت مسبقا أن الدفع سيكون إلكترونيا بشكل ملزم لكل السكان.
وقال مدير الدفع الإلكتروني في المصرف التجاري التابع للنظام وسيم العلي، لموقع "بزنس2 بزنس" الموالي، إن "سبب التعثر في الدفع الإلكتروني يعود إلى بعض المشكلات التي ظهرت في المخدمات، كونها غير مهيأة لأن يدخل هذا العدد الكبير من المواطنين في وقت واحد"، مشيرا إلى أن قطع الاتصالات عن المتأخرين عن السداد زاد من الضغط على الشبكة، و"هذا يتطلب من الجهات المعنية منح تسهيلات أكثر من أجل عدم حصول اختناقات، وتطوير منظومتها".
ورأى أن الهدف من تعميم عملية الدفع الإلكتروني هو "وجود حساب إلكتروني لكل مواطن، والتخلص من حمل النقود".
وكان العديد من المؤسسات الحكومية في مناطق سيطرة النظام، مثل شركات المياه والهاتف والإنترنت والكهرباء ومؤسسات وزارة النقل، قد أعلنت نهاية العام الماضي أنها سوف تتوقف عن استقبال عمليات الدفع لفواتيرها يدوياً، وقصر ذلك على الدفع الإلكتروني.
وفي تعليقه على هذه الأزمة، طالب وزير حماية المستهلك السابق عمرو سالم بإيقاف إلزامية دفع الفواتير إلكترونيا إلى حين تنتهي معالجة "البديهيات التي لم يتم الانتباه إليها ولا حسبانها قبل هذا التحوّل"، بحسب قوله.
وقال سالم، في منشور له على "فيسبوك"، إنه "لا توجد تغطية لشبكة الإنترنت في أقسام واسعة من الريف، وحتى المناطق المغطاة لا تتحمل شبكاتها ضغط ملايين عمليات الدفع في نفس الوقت، حيث إن مخدمات عمليات الدفع لا تتحمل هذا العدد من العمليات في وقت واحد".
وأضاف وزير حماية المستهلك السابق: "الوضع الحالي للدفع الإلكتروني يتعارض مع الغاية منه، لأن الموظفين يلزمهم أن يسحبوا رواتبهم من بطاقاتهم ليصرفوا منها مصاريف حياتهم. وإذا أرادوا دفع فواتير الهاتف الخلوي مثلاُ، يجب عليهم تغذية حسابهم نقداُ، ثمّ إجراء عملية الدفع الإلكتروني، أي أن الدفع الإلكتروني حاليّاُ يضيف إلى معاناة المواطنين والموظفين، ولا يقدم فائدة لا إلى الدولة ولا إلى المواطن".
من جهته، قال مدير الإدارة التجارية في الشركة السورية للاتصالات فراس البدين لموقع "أثر" المحلي إن الشركة السورية للاتصالات استعدت "فنياً وتقنياً" لخطوة الدفع الإلكتروني، وقامت بحملات توعية للمستخدمين الذين لا يمكنهم التعامل مع الأمور الفنية عبر قنوات الدفع الإلكتروني، شملت كل وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
وأضاف أنه يجري حاليا تنفيذ 200 ألف عملية دفع إلكتروني تقريباً في اليوم الواحد، مشيرا إلى أنه في اليوم الأول كانت نسبة التحصيل المالي من خلال الدفع الإلكتروني تقريباً 121 مليون ليرة سورية من قيمة الفواتير، ومع ازدياد عمليات الدفع وصلت القيمة في اليوم الثامن إلى نحو مليار ليرة سورية، معتبراً أن "هذا مؤشر جيد لاستجابة السوريين لثقافة الدفع الإلكتروني".
غير أن العديد من المواطنين عبروا، لـ"العربي الجديد"، عن استيائهم من عدم تمكنهم من الدفع الإلكتروني، لأن التطبيق المخصص للدفع لا يستجيب بسبب شدة الضغط عليه كما يبدو.
وقال سامي الحسين، من دمشق، إنه أخفق مرات عدة في تسديد فاتورة الهاتف إلكترونيا، لينتهي به المطاف إلى قطع الخدمة عنه نتيجة عدم الدفع. وقال مشترك آخر إنه لم تظهر في التطبيق قيمة الفاتورة، وإنه لم يتمكن من الدفع لأن التطبيق كان لا يعمل أغلب الوقت.