تظاهرات ضد غلاء أسعار السلع الغذائية جنوبي العراق

14 مارس 2022
من التظاهرات الاحتجاجية المنددة بالغلاء الفاحش في أسعار السلع الحيوية(فرانس برس)
+ الخط -

لليوم الثالث على التوالي، تشهد مدن عدة جنوب العراق، أبرزها الناصرية والنجف وبابل، تظاهرات شعبية ينظمها كسبة ومواطنون وأصحاب محال تجارية وموظفون، ضد غلاء أسعار السلع الغذائية الرئيسية، مطالبين الحكومة باتخاذ إجراءات لخفض أسعار المواد الغذائية، ومحاسبة التجار الذين يتلاعبون بالأسعار.

وتشهد الأسواق العراقية، منذ أكثر من أسبوعين، ارتفاعاً متسارعاً في أسعار معظم المواد الغذائية الرئيسية، وأبرزها الدقيق والزيت والأرز، إذ بلغ سعر قنينة زيت الطهي 5 آلاف دينار عراقي (نحو 3.5 دولارات)، بعد أن كان سعرها نحو 2100 دينار، كما ارتفع سعر كيس الطحين إلى 60 ألف دينار، بعد أن كان سعره 15 ألف دينار، فضلا عن ارتفاع سعر بيض المائدة والخضروات وغيرها.

ورغم مواصلة وزارة الداخلية العراقية حملتها على الأسواق الرئيسية في بغداد ومدن مختلفة، ضمن خطة لحكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي للسيطرة على الأسعار ومراقبة أي حالات احتكار أو تلاعب في أسعار السلع الغذائية الرئيسية التي شهدت ارتفاعا بنحو 30% على بعض السلع، خلال الأيام الأخيرة، وسجلت اعتقال عدد من التجار المتورطين في عمليات التلاعب بالأسعار، إلا أن الأسعار لم تشهد أي انخفاض ملحوظ إلى غاية الآن.

وسجل اليوم الاثنين ارتفاع أسعار الخبز بواقع 5 أرغفة بألف دينار (الدولار الواحد 1450 دينارا).

وقال حسين محمود، أحد المتظاهرين في مدينة الناصرية، جنوب البلاد، إن "الأسعار مرتفعة جداً في الأسواق، ولم يعد المواطن الفقير يجد ما يأكله هو وعياله"، مبيناً، لـ"العربي الجديد"، أن "قوات الأمن شددت الرقابة على التجار، إلا أن الأسعار لم تنخفض، بل إن بعضهم رفع أسعار الزيوت والدقيق والبيض، بحجة أن البضائع مستوردة".

وأكمل أن "بعض التجار في مدن جنوب العراق يحتكرون المواد الغذائية ويصدّرونها لبغداد، لجني مزيد من الأرباح، من دون الاكتراث للأهالي في مناطق الجنوب"، مشيراً إلى أن "التظاهرات ستستمر إلى حين خفض الأسعار واتخاذ إجراءات حكومية بشأن رفع سعر صرف الدولار، الذي زاد الفقراء فقراً في البلاد".

من جهته، أشار الناشط من النجف علي الحجيمي إلى أن "السوق العراقية وأسعار المواد الغذائية باتت أعلى من إمكانية المواطنين محدودي الدخل، وأن التظاهرات هي السبيل الوحيد للضغط على الحكومة"، معتبراً، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "مرتبات الموظفين وأجور الكسبة باتت لا تغطي المتطلبات الأساسية، وما يحدث حالياً يمثل حرباً على الفقراء، في ظل صمت حكومي وإجراءات إعلامية لا تتحقق على أرض الواقع".

وتحاول الحكومة العراقية السيطرة على ارتفاع الأسعار المتسارع بالسوق المحلية، وبعد اجتماعات متتالية وجّه رئيس الوزراء العراقي، الأحد الماضي، خلال اجتماع طارئ، باتخاذ خطوات عاجلة لتأمين الخزين الاستراتيجي للمواد الغذائية الأساسية.

وقرر مجلس الوزراء العراقي تقديم منحة مالية من الحكومة بقيمة 100 ألف دينار (نحو 68 دولارا)، لمواجهة غلاء المعيشة للمتقاعدين والموظفين والمشمولين بالرعاية الاجتماعية ومعدومي الدخل، فضلا عن توزيع حصتين غذائيتين على المواطنين ضمن مفردات الحصة التموينية.

من جانبه، أكد عضو البرلمان العراقي هادي السلامي، لـ"العربي الجديد"، أن "فقراء العراق ومحدودي الدخل تأثروا كثيراً من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وباتوا لا يستطيعون تأمين قوت يومهم، وهم حالياً يبحثون عن طرق لوضع حدٍ لارتفاع الأسعار"، موضحاً أن "تظاهرات الفقراء تشرح الإخفاق المالي والسياسي في العراق، وما تسببت به الأحزاب المتنفذة من تعطيل طيلة السنوات الماضية للصناعة المحلية التي كانت ستنقذ البلاد من شبح الاستيراد المفرط".

والأسبوع الماضي، قال الخبير الاقتصادي عبد الرحمن الجبوري إن "ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وتحديداً الزيوت والطحين، هي أزمة عالمية بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، لكن العراق يعاني منها بشكل أكبر، لأنه لا يملك أي بدائل غير الاستيراد من الخارج"، مبيناً، لـ"العربي الجديد"، أن "هذه الأزمة متوقعة، وقد تتكرر في المستقبل بشكل أكبر وأخطر، لأن الحكومات العراقية لم تدعم المنتج المحلي وقطاع الزراعة والصناعة، كما لم تقم بتأهيل المعامل والمصانع المحلية، وما يحدث حالياً هو نتيجة طبيعية لأخطاء مستمرة منذ أكثر من 16 عاماً".

المساهمون