يتخوف المنتجون من وفرة محاصيل التمور في الجزائر، واتهموا الحكومة بالتقصير وعدم مساندتهم لتصدير منتجاتهم للخارج، وفي المقابل وجه مسؤولون اتهامات للمنتجين بالتصدير غير الشرعي نحو دول الجوار.
وكان منتجو التمور حذروا منذ شهر مارس/أذار المنصرم، من احتمال كساد محاصيلهم في حال لم تتدخل الحكومة لمساعدتهم على التصدير.
وفي المقابل، ردت الحكومة الجزائرية على منتجي التمور بطريقة غير متوقعة، حيث اتهم وزير التجارة كمال رزيق، المنتجين بتصدير تمورهم نحو تونس بطرق غير شرعية، ليتم في ما بعد تخزينها وتعليبها ويُعاد تصديرها تحت وسم "صنع في تونس"، مضيفا أن الحكومة ستغلق كل المنافذ على المنتجين في هذا الإطار.
وإن لم ينكر ممثلو منتجي التمور هذه الممارسات، إلا أنها حسب رئيس اتحاد منتجي التمور في الجزائر، كمال غبريني، "تبقى حالات معزولة ولا يمكن تعميمها على كل منتجي التمور، وفي الحقيقة قد تكون مشروعة من حيث الدوافع، فلا يمكن للمنتج أن يعيش كل سنة نفس السيناريو، ويبقى قابضا على قلبه ينتظر الفرج من عند الحكومة في كل مرة".
وأضاف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" أن "أزمة وفرة إنتاج التمور ليست جديدة على الجزائر، فالمشكلة تعود كل سنة، وبالتالي المنتج أو الفلاح قام بعمله، والتقصير مرده الطرف الآخر الذي عجز عن وضع شبكة تصدير يمكنها تسويق التمور وحتى بعض المنتجات الفلاحية الأخرى على غرار البطاطا والفراولة والطماطم التي سجلت فيهم الجزائر اكتفاء كبيرا."
واستغرب غبريني تصريحات وزير التجارة، قائلا إن "الحكومة عليها التقرب من المنتجين والفلاحين في هذا التوقيت الذي تعيش الجزائر فيه شح الموارد المالية، على الأقل لتحقيق الهدف الذي وضعه الرئيس عبد المجيد تبون برفع الصادرات خارج النفط من ملياري دولار إلى 7 مليارات دولار، ولا يمكن للجزائر أن تصدر تمورا بقيمة 30 مليون دولار سنويا، في حين تصدر تونس ما قيمته 300 مليون دولار مع العلم أن الجزائر تنتج ضعف إنتاج تونس من التمور."
وتحول محصول التمور في المحافظات الصحراوية في الجنوب الجزائري، من نعمة إلى نقمة باتت تؤرق الفلاحين، وسط عجزهم عن تسويقه بعد انتهاء موسم جني التمور في يناير/ كانون الثاني الماضي، حيث يضطر الكثير منهم لدفع أموال كبيرة مقابل التخزين في غرف التبريد، ما يزيد من حجم الخسائر قبيل أشهر قليلة من انطلاق موسم الجني المقبل لموسم 2020 /2021.
وحسب منتجي تمور، فإن محصول هذه السنة زاد عن محصول السنة الماضية إذ بلغ عتبة 1.2 مليون طن، موزعة على 250 نوعا، منها 3 أنواع واسعة الاستهلاك، في مقدمتها (تمر النور) أو (دجلة نور) كما يسمى في الجزائر، ما جعل السنة الحالية من بين أكثر السنوات إنتاجا.
وتحصي الجزائر قرابة 18.6 مليون نخلة مغروسة على مساحة 167 ألف هكتار، حسب أخر الأرقام الصادرة عن وزارة الزراعة، ما جعلها من أكثر الدول إنتاجا للتمور بحوالي 14 في المائة من الإنتاج العالمي، وتعتبر محافظة بسكرة في الجنوب الشرقي للبلاد الأولى محليا من حيث الإنتاج بـ42 في المائة، تليها محافظة الوادي الحدودية مع ليبيا بـ25 في المائة من الإنتاج المحلي.
إلا أن هذه الوفرة في محصول التمور أصبحت تشكل للمزارعين كابوسا يتكرر كل سنة، في ظل تراجع الطلب المحلي، وعجز الجزائر عن تسويق تمورها ذات الجودة العالية، إذ لا يغادر البلاد منها سوى نسبة 20 في المائة سنوياً فقط.
وفي هذا السياق، أكد رئيس جمعية المصدرين الجزائريين، علي باي ناصري، أن "إشكالية تصدير التمور من حيث المنطلق والأسباب تعود لنفس أسباب عدم تصدير منتجات فلاحية أخرى، بداية بثقل الإجراءات الإدارية وهذا أمر غير مقبول، وثانيا ضعف شبكة النقل داخل البلاد.
وأضاف أن "التمور تحتاج لتخزين في درجات حرارة منخفضة، ورطوبة متوسطة وبالتالي يعني مصاريف إضافية، دون الحديث عن إشكالية البنوك الجزائرية التي تعطل تحويل الأموال من الخارج إلى الجزائر".
وتابع علي باي ناصري لـ "العربي الجديد" أن "شعبة التمور تعاني من مشكل آخر يعقد عملية التصدير وهو التغليف، إذ يضطر المستورد لاستيراد علب بموصفات الحفظ العالمية وفق معيار "ISO"، وذلك لغياب مصنعين في هذا المجال في الجزائر للأسف، وبالتالي العملية تحتاج لجلوس الجميع على طاولة الحوار عوض الكلام المجاني.
وأوضح ناصري أنه "من جانبنا طالبنا بممرات خضراء في الموانئ والمطارات تسمح بتصدير المنتجات بصفة مستعجلة، إلا أن الممرات كانت ظرفية تزول مع الوقت ربما لوجود ذهنيات متحجرة ترفض الانفتاح على العالم".