تساؤلات حول أزمة مالية قادمة بعد انهيار الأسواق في 2020

10 مارس 2021
ألحقت كورونا أضراراً بالغة بالأسواق المالية وقادت اقتصاد العالم إلى انكماش كبير (Getty)
+ الخط -

بعد انهيار كبير للأسواق العالمية سنة 2020 بتأثير من جائحة كورونا التي ضربت الاقتصاد العالمي مدخلة إياه في انكماش خطير، تنفست الأسواق الصعداء مع انطلاقة العام 2021، لكن مع ذلك تذهب بعض التوقعات إلى أن الأسوأ قادم وثمة أزمة مالية تلوح في الأفق.

فقد سجّل شهر مارس/ آذار 2020 انهياراً تاريخياً للأسواق المالية العالمية فيما شهد مارس/ آذار 2021 كسر أرقام قياسية في بورصتي "وول ستريت" وفرانكفورت. أي أنه خلال عام، انتقلت البورصات العالمية من الانهيار إلى الازدهار في سرعة تثير قلق بعض المراقبين.

في 12 مارس/ آذار 2020، غداة إعلان منظمة الصحة العالمية رسمياً فيروس كورونا وباء عالمياً، كان يوم خميس أسود بالنسبة لأسواق المال: سُجّل تراجع غير مسبوق في بورصات باريس بنسبة 12% ومدريد بـ14% وميلانو بـ17%. وكذلك في بورصتي لندن بنسبة 11% ونيويورك بـ10%، في سابقة منذ انهيار أسواق المال في أكتوبر/ تشرين الأول 1987.

وبقيت الأسواق تعاني في الأيام التالية. وفي 16 مارس/ آذار، تراجعت المؤشرات الأميركية بنسبة تفوق 12%.

وقال المحلل في مجموعة "سويسكوت بنك" إيبيك أوزكارديسكايا: "لقد كان الأمر حقاً جنونياً، كانت السوق تتراجع بوتيرة جعلتنا نظنّ أنه لن يكون هناك قعر". بعد عام، استعاد عدد كبير من المؤشرات نفسها مستويات ما قبل أزمة الوباء، وحتى تجاوزتها.

واعتباراً من يونيو/ حزيران الماضي، سجّل مؤشر ناسداك الأميركي لأسهم شركات التكنولوجيا، قفزة. فبين أدنى مستوى له في 23 مارس/ آذار 2020 وآخر رقم قياسي سجّله في 12 فبراير/ شباط 2021، ارتفع المؤشر 105%.

وسجّلت بعض الشركات ارتفاعاً حاداً عام 2020 مثل الشركة المصنعة للسيارات الكهربائية "تيسلا" (+743%) وتطبيق "زوم" (+396%) وشركة "موديرنا" للتكنولوجيا الحيوية (+434%). 

في فرانكفورت، يكسر مؤشر "داكس 30" أرقامه القياسية واحداً تلو الآخر.

ولا يشبه هذا المشهد إطلاقاً الأزمة المالية الطولية التي تلت اعتباراً من خريف العام 2008، إفلاس مصرف "ليمان براذرز". إنما يحصل السيناريو بشكل معاكس حالياً، إذ إن هذه المرة كان تراجع الأسواق ناجماً عن توقف العجلة الاقتصادية.

ويشير المسؤول في شركة "سويس لايف إيه أم" لإدارة الأصول، إريك بورغينيون في حديث لوكالة "فرانس برس" إلى "أننا واجهنا أزمة عرض" جديدة تماماً. وتوقف الاقتصاد العالمي مع تعليق أنشطة المصانع وإغلاق الحدود وتجميد الطائرات على مدرجات المطارات وإغلاق أبواب المتاجر والمطاعم.

ويستذكر المدير المساعد في شركة "أموندي" لإدارة الأصول فانسان مورتييه "أنها كانت المرة الأولى التي سُجّل فيها ركود ملحوظ إلى هذا الحدّ، شامل إلى هذا الحدّ لكن يُنظر إليه على أنه قصير" من حيث المدة الزمنية.

ويرى المسؤول الدولي عن بحوث الاقتصاد الكلي لدى مصرف "سوسييتيه جنرال"، كوكو أغبو- بلوا، أن كل شيء كان يذكّر "بحالات الحرب".

ويعتبر مورتييه أنه لهذا السبب اتخذت المصارف المركزية والحكومات تدابير "قوية للغاية بدون الحاجة إلى محاسبتها". ويضيف أنها كانت ردّة فعل "ضخمة جداً (...) ممولة فقط من الدين".

نقطة ضعف

ويوضح أغبو- بلوا أن حوالى "24 ألف مليار دولار" من الأموال الجديدة تمّ ضخّها على الصعيد العالمي. ويضيف بورغينيون أن هذا الأمر يفرح كثيراً الأسواق "المدمنة على السيولة" منذ سنوات.

ويقول جي جي كينان، المسؤول عن استراتيجية الأسواق لدى شركة "تي دي أميريترايد" في نيويورك، إنه كان من المستحيل التكهّن بأحداث البورصات عام 2020، معتبراً أن "الطريقة التي خرجنا بها (من الأزمة) كانت مذهلة جداً".

ويلاحظ بنك التسويات الدولية وهو المصرف المركزي لكافة المصارف المركزية في العالم، وجود مؤشرات مماثلة على الوفورات، بحسب قوله، لمؤشرات فقاعة الإنترنت في تسعينيات القرن الماضي.

ولا يساهم اقتحام مستثمرين أفراد لا يمكن التكهن بسلوكهم، الأسواق بأعداد كبيرة في تبديد المخاوف، وهو ما تشهد عليه موجة المضاربات الأخيرة حول سلسلة "غايم ستوب" الأميركية لمتاجر ألعاب الفيديو والتي تواجه فيها مضاربون كبار في وول ستريت مع "متلاعبين" في البورصة.

ويقول مورتييه: "برأيي، سيكون خطيراً جداً التفكير بأن نهاية الأزمة الصحية تعني نهاية الأزمة، في الواقع الوضع معاكس"، فيما يقول أغبو- بلوا إن "نقطة ضعف هذا التوازن البدائي" الذي خُلق عن طريق الاستدانة "هو بوضوح التضخّم".

منذ بضعة أسابيع، يراقب المستثمرون بقلق ارتفاع معدّلات الفائدة ويشعرون بالخوف عندما يتوقعون ارتفاع الأسعار، ما قد يدفع المصارف المركزية إلى وقف ضخّ الأموال.

ويقول بورغينيون: "استدانة مفرطة وقطاعات تدهورت بشكل نهائي واقتصاد على شفير الهاوية: يتطلب الأمر الكثير من المهارة للحفاظ على (هذا) النظام مع مرور الزمن".

(فرانس برس)

المساهمون