تركيا تنافس الصين وروسيا على أسواق القارة السمراء

22 أكتوبر 2021
أردوغان مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود (Getty)
+ الخط -

وسط التقدم الصناعي والتوسع الاقتصادي السريع الذي تشهده تركيا خلال السنوات الأخيرة والتحديات المالية والنقدية المتنامية التي تواجهها، تبحث أنقرة عن أسواق جديدة، خاصة في مجال تسويق الصناعات الهندسية والدفاعية وعقود الإنشاءات في الأسواق الأفريقية. وكانت تركيا قد كسبت في الأعوام الأخيرة عقوداً باكستانية مربحة لصيانة غواصات ومقاتلات فرنسية وكانت مثار غضب الرئيس إيمانويل ماكرون على أنقرة. كما كسبت صفقات مع دول شمال أفريقيا منها الجزائر والمغرب وتونس وليبيا. وتدخل تركيا عبر بناء علاقاتها الأفريقية في منافسة مباشرة مع الصين وروسيا وفرنسا.

ويلاحظ أن جولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي شملت دول توغو وأنغولا ونيجيريا، جاءت لتمهد لمناسبتين تجاريتين مهمتين لتركيا، وهما القمة الاقتصادية والتجارية التركية ـ الأفريقية التي بدأت أعمالها أمس الخميس في إسطنبول لمدة يومين، ومنتدى الشراكة الاقتصادية بين تركيا وأفريقيا الذي سيعقد في 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
وتستهدف تركيا عبر تعزيز علاقاتها بدول القارة الأفريقية حصد الفرص التجارية الضخمة التي توفرها السوق الأفريقية النامية للصناعات التركية الحديثة.
ويقدر الاتحاد الأفريقي حجم السوق الأفريقية بنحو 1.2 مليار مستهلك و2.5 تريليون دولار وفق بيانات الاتحاد الأخيرة. وكانت الدول الأفريقية قد أسست منطقة التجارة الحرة في العام 2018.
وحسب البيانات التركية الرسمية، تستهدف تركيا رفع حجم صادراتها إلى أكثر من 200 مليار دولار خلال العام الجاري، ويقدر البنك الدولي حجم الاقتصاد التركي بنحو 720 مليار دولار، وهو اقتصاد تقود نموه حتى الآن الصادرات الصناعية والسياحة، حيث باتت مدينة بورصة التركية من المراكز المهمة لصناعة السيارات وقطع الغيار، كما باتت إسطنبول من أبرز مراكز الجذب السياحي حول العالم.
وربما تتمكن الشركات التركية عبر القوة الناعمة والتدخل الإيجابي في حل النزاعات والحروب الأهلية بالقارة من كسب حصة أكبر من أسواق القارة السمراء الغنية بالمعادن والنفط والغاز الطبيعي وبحاجة إلى البضائع المصنعة.
ويرى محللون أن هنالك عدم رضا شعبي في الشارع الأفريقي من مشروعات الصين في أفريقيا التي شاب بعضها الفساد، كما دمر بعضها المشروعات التجارية المحدودة التي كانت تعتمد عليها الأسر في المعيشة، كما أن فرنسا تواجه صعوبات سياسة متزايدة في مستعمراتها السابقة في غرب أفريقيا. وبالتالي فهنالك فرص أمام تركيا لأخذ حصة أكبر من أسواق القارة السمراء ومنافسة الصين وروسيا على مشروعات الإنشاء وصفقات السلاح.

وكان أردوغان قد قال خلال زيارته التي انتهت الأربعاء "علاقاتنا مع أفريقيا ليست مبنية على الاستعمار وإنما مبنية على أساس المنافع المتبادلة وأن ننجح معًا"، وذلك في إشارة واضحة إلى دور الشركات الفرنسية التي تستغل الموارد المعدنية الأفريقية عبر دعمها الحكومات الديكتاتورية وتدعم فسادها على حساب الشعوب الفقيرة في القارة.
وحسب تقرير لمركز الدراسات الأمنية الأفريقي، فإن تركيا عززت خلال عقدين من علاقاتها الاقتصادية والتجارية والدبلوماسية مع دول القارة السمراء، حيث رفعت حجم الاستثمار المباشر من مائة مليون دولار في العام 2003 إلى 6.4 مليارات دولار في العام الجاري 2021.
وحسب تقرير المعهد الذي يوجد مقره في جنوب أفريقيا، فإن تركيا رفعت كذلك حجم الدعم الرسمي في مشاريع التنمية الأفريقية إلى 3.9 مليارات دولار حتى العام 2019.
وأكد وزير التجارة التركي محمد موش، في تعليقات نقلتها وكالة الأناضول أمس الخميس، أن العلاقات الاقتصادية بين بلاده والقارة الأفريقية شهدت تطوراً كبيراً منذ عام 2003.
وخلال كلمة ألقاها في منتدى الأعمال التركي النيجيري بالعاصمة أبوجا، أشار موش إلى أن "استراتيجية تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الدول الأفريقية" عام 2003 ساهمت بشكل كبير بتطوير العلاقات بين تركيا ودول القارة.
وأوضح أن الاستراتيجية ساهمت في رفع حجم التجارة بين تركيا وأفريقيا من 5.4 مليارات دولار عام 2003، إلى 25.3 ملياراً في 2020. وبين أن الصادرات التركية ارتفعت من ملياري دولار إلى 15 مليار دولار، كما ازدادت واردات تركيا من القارة من 3 مليارات إلى 10 مليارات. وتجاوز حجم الاستثمارات التركية في القارة الأفريقية 6 مليارات دولار، منذ عام 2003، أما المشاريع التي نفذتها شركات الإنشاء التركية فبلغت قيمتها 77 مليار دولار، بحسب الوزير موش. ويذكر أن الخطوط الجوية التركية رفعت رحلاتها إلى 58 وجهة في القارة السمراء.
وينظر القادة الأفارقة بإعجاب إلى الأدوار الإيجابية التي قامت بها تركيا في الصومال وليبيا، حيث ساهمت بدور كبير في وقف الحرب الأهلية في الصومال، كما وقفت إلى جانب الشرعية الدولية في ليبيا، وتمكنت القوات التركية من وقف تقدم قوات خليفة حفتر التي كانت على مشارف العاصمة طرابلس.
وفي الصومال زار الرئيس أردوغان مقديشيو للمرّة الأولى في العام 2011 في فترة مجاعة مهلكة، فكان القائد غير الأفريقي الأوّل الذي يزور منذ عقدَين العاصمة الصومالية التي مزّقتها الحرب.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وحسب تقرير في معهد بروكنغز، أطلقت تركيا المشاريع التنموية وفتحت المدارس وانخرطت بدور ريادي في وضع أجندة بناء الدولة الصومالية، بما في ذلك افتتاح منشأة عسكرية ضخمة لتدريب الجنود الحكوميين الصوماليين". وتشغّل شركات تركية حالياً مطارات مقديشو وموانئها وتزخر أسواقها ببضائع تركية الصنع وللخطوط الجوية التركية.

المساهمون