ترقب في الأسواق التركية بعد إقالة محافظ المركزي

20 مارس 2021
لم تتأثر الليرة التركية اليوم السبت، بعد إقالة أغبال (Getty)
+ الخط -

تترقب الأسواق التركية تداعيات قرار الرئيس رجب طيب أردوغان بإقالة محافظ البنك المركزي ناجي أغبال، في الوقت الذي تباينت فيه آراء الخبراء والاقتصاديين في تلك التداعيات وتفسير القرار.

يرى أستاذ النقد السابق بجامعة ماردين، مسلم طالاس، أن نتائج إقالة  أغبال لن تكون إيجابية على الأسواق، وبالتالي الاستثمارات التي تتطلع إليها تركيا، بعد انقشاع آثار وباء كورونا.
وأضاف طالاس في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "الأسواق لا تثق بالسياسة بقدر ما تنظر إلى نتائج قرارات الاقتصاديين على أرض الواقع".

وأكد أن "المحافظ أغبال قام بما يجب القيام به أمس الأول، حينما رفع سعر الفائدة بنحو 200 نقطة، بعد ارتفاع معدل التضخم، عله يكسر حالة الركود التضخمي الذي تعانيه تركيا، ومن ثم يجري تشغيل الجهاز المصرفي وجذب الاستثمارات وتحقيق السياسة الاقتصادية الحكومية التي أعلنها الرئيس أردوغان".
وأشار إلى أنه "لا يمكن جذب الاستثمارات من طريق الطلب إن كانت نسبة التضخم مرتفعة تساوي أو توازي سعر الفائدة"

ويؤكد طالاس "أن إقالة المحافظ أغبال بعد تعيينه بخمسة أشهر، مؤشر على إعادة تدخل السياسيين بالقرار الاقتصادي، ويدل على عدم استقلالية المصرف المركزي التي تنعكس قلة ثقة على الاستثمار، لأن طول بقاء محافظ المركزي أحد المؤشرات على الاستقرار النقدي التي ينظر إليها رجال الأعمال وتأخذها الأسواق كعامل طمأنة.
وسبق لتركيا أن جربت تبديل المحافظ الذي يرفع سعر الفائدة مرتين خلال العامين السابقين.
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، المعروف بعدائه لسعر الفائدة المرتفع، قد أقال بمرسوم رئاسي فجر اليوم محافظ البنك المركزي، ناجي أغبال، من منصبه، وعيّن البروفيسور شهاب قافجي أوغلو خلفاً له، وذلك بعد تعيين أغبال في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، خلفاً للمحافظ الأسبق، مراد أويصال، الذي جاء بعد إقالة سابقه مراد تشتين قايا، في يوليو/ تموز 2019 .
ويرى مراقبون أتراك أن سبب تغيير محافظي المصرف المركزي، أن قراراتهم تتنافى مع السياسة الحكومية التركية التي تنطلق من وقف سياسة رفع أسعار الفائدة التي اعتمدها قايا خلال تراجع سعر صرف الليرة التركية، وأوصل سعر الفائدة إلى 24%، قبل أن تتراجع في فترة أويصال إلى 8.25، ومن ثم ترتفع عبر المحافظين السابقين، لتبلغ وفق قرار لجنة السياسات النقدية بالمصرف المركزي أول من أمس، إلى 19%.

ويقول المحلل التركي، يوسف كاتب أوغلو، إن نهج المحافظين برفع سعر الفائدة ثلاث مرات خلال عامين، واقتصار مواجهة التضخم على هذه الأداة النقدية فقط، يتنافى مع السياسة الاقتصادية والإصلاحات التي أعلنها أردوغان.
ويضيف كاتب أوغلو لـ"العربي الجديد" أن من حق رئيس الدولة وصلاحياته، إقالة محافظ المركزي، حينما يخرج عن السياسة العامة الاقتصادية التي أعلنتها البلاد، وليس في ذلك تدخل أو إساءة إلى المركزي أو ضرب الثقة، بل إعادة ضبط لنهج السياسة النقدية لتتناسب مع الخطة العامة للدولة، مشيراً إلى أن "رفع المحافظ السابق أغبال أول من أمس سعر الفائدة 200 نقطة، كان مفاجئاً وكبيراً حتى لأنصار رفع الفائدة".
ويشير المحلل التركي إلى أن سياسة بلاده ليست جذب الأموال الساخنة إلى خزائن المصارف، بل توجهها إلى القطاعات الحقيقية والإنتاجية وتشغيل الأيدي العاملة"، مؤكداً أن "رفع سعر الفائدة، خلال السنتين السابقتين، لم يحسن سعر الليرة، بل كانت أحياناً بالعكس، تتحسن الليرة بعد تخفيض سعر الفائدة".
ولم تتأثر الليرة التركية اليوم السبت، بعد بقرار إقالة المحافظ أغبال، بل تحسنت اليوم وفق رصد "العربي الجديد" لتسجل العملة التركية ظهر السبت 7.2 ليرات أمام الدولار و8.68 ليرات أمام اليورو، عن سعر يوم الخميس بعد رفع سعر الفائدة من 17 إلى 19% والبالغ 7.34 ليرات مقابل الدولار و8.78 ليرات لليورو الواحد.

وشهدت الليرة التركية تراجعات متتالية خلال العام الماضي، كان أشدها خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر، الذي بدأ بسعر 7.7 ليرات مقابل الدولار، وانتهى الشهر بأدنى سعر لليرة على الإطلاق وقت وصل الدولار إلى عتبة 8.5 ليرات، لتدق تركيا جرس الخطر، فترفع سعر الفائدة مرتين خلال شهري تشرين الثاني من 10.25 إلى 15 بالمئة، وكانون الأول إلى 17%، مع استمرار تحصين السياسة النقدية التي بدأتها تركيا بعزل محافظ المصرف المركزي مراد أويصال، في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني وتعيين وزير المالية السابق ناجي آغبال بدلاً منه.
وتراجعت الليرة التركية خلال الأسبوع الماضي لنحو 7.6 ليرات للدولار بعد أن تحسنت منتصف فبراير/ شباط الماضي، وسجلت أدنى سعر مقابل العملة الأميركية 6.87 ليرات مقابل الدولار.
لكن رغم تراجع الليرة نسبياً خلال الأيام الأخيرة، إلا أنها تحسنت بنحو 12% أمام الدولار خلال العام الجديد، ونحو 15% منذ رفع المصرف المركزي التركي سعر الفائدة من 15 إلى 17% في 24 ديسمبر/ كانون الأول من عام 2020.

المساهمون