ترجيح استمرار عجز ميزانية السعودية مع ارتفاع المصروفات وانخفاض الإيرادات النفطية

13 سبتمبر 2023
ارتفاع أسعار النفط خفف من العجز (Getty)
+ الخط -

يثير اتساع عجز الميزانية السعودية بنسبة 82% خلال الربع الثاني من العام الجاري 2023 إلى 5.3 مليارات ريال، ما يعادل 1.41 مليار دولار، بالمقارنة مع 2.9 مليار ريال خلال الربع الأول، قلقا لدى الأوساط الاقتصادية، خاصة مع الارتفاع الكبير بالمصروفات الحكومية وانخفاض الإيرادات النفطية، إلا أن ارتفاع أسعار النفط عالمياً قد يحد من العجز، حسب حديث مراقبين لـ"العربي الجديد".

وشهدت مالية السعودية تحولاً إلى العجز بقيمة 8.2 مليارات ريال في النصف الأول من العام الحالي، مقابل فائض قدره 135.4 مليار ريال في الفترة المماثلة من 2022 (الدولار = 3.75 ريالات).

غير أن قفزة في الإيرادات غير النفطية بنسبة 13% خففت من حدة القلق، إذ تتوقع الميزانية العامة للسعودية لعام 2023 إيرادات بنحو 1.123 تريليون ريال، ونفقات بـ1.114 تريليون ريال، بفائض 9 مليارات ريال، حسبما أورد الموقع الرسمي لوزارة المالية السعودية.

ورغم أن الخفض الطوعي لإنتاج النفط بواقع مليون برميل يومياً سيستمر حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري، مع إعلان المملكة عن تمديده حتى نهاية سبتمبر/أيلول، إلا أن تأثيره في إيرادات المملكة قد ينحسر في ظلّ اتجاه أسعار النفط العالمية إلى الارتفاع وتداول خام برنت في الآونة الأخيرة فوق مستوى 80 دولاراً للبرميل.

استمرار الاعتماد على النفط

يؤكد الخبير الاقتصادي، عامر الشوبكي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن الميزانية السعودية ما زالت تعتمد بشكل كبير على سعر النفط، الذي يحدد ما إذا كانت ستتكبد عجزا أو تحقق فائضا، لافتا إلى أن السعر استقر عند حدود 75 دولارا للبرميل في الربع الثاني، فيما كانت التوقعات بتكبد ميزانية المملكة عجزا إذا قل السعر عن 81 دولارا للبرميل، وهو سعر تعادل الميزانية المتوقع عند إنتاج 10 ملايين برميل يوميا.

ولا يتوقع الشوبكي أن تستعيد الميزانية السعودية حالة الفائض المالي في ضوء إجراء المملكة تخفيضا طوعيا لإنتاج النفط في الربع الثالث من العام الحالي، ما يعني أن سعر التعادل بالموازنة السعودية سيرتفع من 81 دولارا إلى 90 دولارا، وفق تقديره.

لكن معدلات أسعار النفط في الربع الثالث لاتزال أقل من 85 دولارا، ولذا من المتوقع أن يبقى عجز الميزانية السعودية قائما بنفس القيمة التي تكبدتها في الربع الثاني، وذلك رغم التخفيضات الطوعية لإنتاج النفط، التي تستمر فيها السعودية حتى سبتمبر/أيلول القادم، حسبما يرى الخبير الاقتصادي.

ومع بقاء الفرص لتمديدها، تحتاج الميزانية السعودية إلى نفس الرقم (90 دولارا) حتى نهاية العام، لتحقيق التعادل في موازنتها، بحسب الشوبكي، مشيرا إلى أن ارتفاع سعر النفط، في الفترة القادمة وارد، لكن بقاء الأسعار بحدود 85 دولارا للبرميل مع اقتراب نهاية الربع الثالث يرجح الابتعاد عن سعر التعادل المقدر بعد التخفيضات الطوعية، خاصة أن حدود إنتاج النفط السعودي الآن تبلغ 9 ملايين برميل يوميا فقط، بعد تخفيض إنتاج نحو مليون برميل، وفق المعلن رسميا من المملكة.

حجم الإنتاج

يشير الخبير الاقتصادي والمستشار المصرفي، علي أحمد درويش، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى سببين وراء عجز الميزانية السعودية، الأول هو اعتماد حكومة المملكة سياسة تحديد حجم الإنتاج النفطي عبر شركتها الحكومية العملاقة "أرامكو"، التي تتولى عملية الإنتاج وتحول للدولة نسبة الأرباح، لافتا إلى أن الاقتصاد السعودي لايزال ضمن تصنيف الاقتصادات النفطية، رغم الزيادة المضطردة للإنتاج غير النفطي بالمملكة.

أما السبب الثاني فيتمثل في سياسة الدعم الاجتماعي التي تعتمدها الحكومة السعودية، بحسب درويش، مؤكدا أن هذه السياسة زادت من الإنفاق وساهمت في عجز الميزانية.

لكن الخبير الاقتصادي يتوقع، بخلاف الشوبكي، أن يتلاشى العجز بالميزانية السعودية، نهاية العام 2023، سواء عن طريق تعديل مستوى الإنتاج النفطي عبر زيادته، أو عبر ضبط الإنفاق.

ويؤكد درويش أن زيادة الإنتاج غير النفطي بالمملكة لا تزال ضمن مستويات غير مؤثرة في تحديد مصير عجز الميزانية، إذ لا تزال أسعار النفط وحجم إنتاجه هي المؤشر الأساسي بالنسبة للميزانية السعودية.

توقعات النمو
وكان صندوق النقد الدولي قد خفض توقعاته بشأن آفاق نمو الاقتصاد السعودي، في تقريره الصادر في شهر يوليو/تموز الماضي، من 3.1% كما في توقعات شهر إبريل/نيسان الماضي إلى 1.9%، وذلك بعد أن تصدرت السعودية اقتصادات دول مجموعة العشرين في العام الماضي بتحقيقها نموّاً بلغ 8.7%.

المساهمون