استمع إلى الملخص
- بعد اتفاقات 2020، تطورت العلاقات الاقتصادية بين الدول المطبعة وإسرائيل، مع صفقات ضخمة مثل صندوق الإمارات بقيمة 10 مليارات دولار، وزيادة التعاون الأمني والاقتصادي بين المغرب وإسرائيل.
- تجددت حملات المقاطعة ضد إسرائيل في الشارع العربي، وتحركت برلمانات مثل الجزائر وتونس لحظر التطبيع الاقتصادي، مما قد يعيق جهود ترامب المستقبلية في هذا الملف.
خلال ولايته الأولى (2017-2021)، أسفرت ضغوط دونالد ترامب عن تحقيق نجاحات كبيرة في ملف التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، فقد أُبرمت اتفاقات سلام بين إسرائيل والإمارات، وإسرائيل والبحرين، وجرى توقيع اتفاق تطبيع للعلاقات بين المغرب وإسرائيل في ديسمبر/كانون الأول 2020 بوساطة أميركية، ليصبح المغرب سادس دولة عربية تطبع مع دولة الاحتلال بعد مصر (1979) والأردن (1994) والإمارات (2020) والبحرين (2020) والسودان (2020). كما مارس ترامب ضغوطاً شديدة على دول عربية أخرى للتطبيع مع الكيان أو تعميق التطبيع السياسي والاقتصادي القائم، وكادت بعض تلك الدول أن تدخل حظيرة التطبيع لولا خسارة ترامب الانتخابات الرئاسية أمام جو بايدن في 2020.
وعقب توقيع اتفاقات السلام في 2020، جرى تطبيع اقتصادي وتجاري غير مسبوق بين الدول المطبعة وإسرائيل، حيث جرى وقتها الإعلان عن صفقات اقتصادية وتجارية ضخمة وغير مسبوقة، فقد أعلنت الإمارات عن توقيع اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة مع تل أبيب، وفي شهر مارس/آذار 2021، كشفت أبوظبي عن تأسيس صندوق بقيمة عشرة مليارات دولار لدعم الاستثمارات في إسرائيل. كما أعلنت أنها تسعى إلى زيادة العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل إلى أكثر من تريليون دولار على مدى العقد المقبل.
المغرب أيضاً عمق تعاونه الأمني والاقتصادي والسياحي مع إسرائيل بإبرام صفقة شراء أسلحة قيمتها مليار دولار، إضافة إلى توقيع اتفاقيات لتنشيط التجارة وترويج السياحة بينهما، وفي ديسمبر 2020، وصلت أول رحلة طيران مباشر من تل أبيب إلى الرباط حاملة وفداً أميركياً إسرائيلياً مشتركاً لبحث اتفاقات تطبيع العلاقات بين الرباط وتل أبيب. وأطلقت إسرائيل والبحرين مفاوضات لاتفاقية "تجارة حرة"، كما نمت التجارة بشكل ملحوظ بين البلدين. وتبادلت المنامة وتل أبيب الوفود لبحث تطوير العلاقات في مجالات السياحة والتجارة والاستثمار المباشر والتكنولوجيا الحديثة.
ومع فوز ترامب بولاية ثانية، يتخوف الكثير من إعادة ملف التطبيع إلى الواجهة مجددا كما جرى في ولايته الأولى، لكن تلك المخاوف ربما تكون مبالغاً فيها، فقد أجهضت معركة طوفان الأقصى مشروعات التطبيع ولسنوات مقبلة، وشهد الشارع العربي تغيراً في المزاج العام تجاه دولة الاحتلال، فقد تجددت حملات المقاطعة لسلع ومنتجات دولة الاحتلال بعد أن حاولت أنظمة عربية دفن المقاطعة للأبد وشطب الاتفاقية العربية للمقاطعة الاقتصادية لإسرائيل وترويج تلك السلع داخل أسواق دول المنطقة، وكشفت استطلاعات رأي حديثة عن تراجع حاد في تأييد شعوب الدول المطبعة للتطبيع مع إسرائيل كما هو الحال في مصر والأردن والمغرب.
ونجحت مقاطعة وضغوط الشعوب العربية في إلحاق خسائر فادحة بشركات داعمة للاحتلال في حرب الإبادة ضد أهالي غزة، وقبل أيام، نجح الشعب الأردني في طرد سلسلة متاجر كارفور من أراضيه، كما أغلقت المقاطعة فروع شركات وعلامات تجارية كبرى داخل المملكة.
لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تحركت برلمانات عربية نحو إقرار تشريعات تحظر التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل، أحدث نموذج هو تقديم أكثر من 60 نائباً في البرلمان الجزائري مشروع قانون لحظر أي تعامل تجاري واقتصادي بين الشركات الجزائرية مع نظيرتها الأجنبية الممولة لإسرائيل، ومنع نشاط كل العلامات التجارية الأجنبية التي تدعم دولة الاحتلال، وتفعيل كل آليات المقاطعة الاقتصادية ضد إسرائيل.
بل إن مشروع القانون الجديد يمنع صراحة "أي تماس اقتصادي مع إسرائيل، ويجرم التعامل الاقتصادي مع العدو الصهيوني، ويحظر دخول منتجاته إلى الإقليم الوطني، ويحظر منتجات المستوطنين والشركات الداعمة لها، ويشطب العلامات التجارية للشركات الداعمة للكيان الصهيوني، ويُفعّل المقاطعة الاقتصادية للشركات والعلامات التجارية الداعمة للكيان".
سبقت الخطوة الجزائرية مناقشة البرلمان التونسي مشروع قانون يجرم التطبيع مع إسرائيل ويقترح عقوبات لا تسقط بمرور الزمن، ويعاقب كل مرتكب لجريمة التطبيع بالسجن مدة تتراوح بين ست سنوات و12 سنة، وغرامة تتراوح بين عشرة آلاف و100 ألف دينار (نحو 32 ألف دولار).
الشارع العربي في 2024 ليس هو نسخة 2020، وبالتالي، فإن ترامب قد يواجه صعوبات في إعادة ملف التطبيع إلى الواجهة وفرضه على الجميع، حتى لو حاول فرضه على الأنظمة العربية.