تواجه أوروبا أزمة في تراجع منسوب الأنهار الذي تعتمد عليه في نقل البضائع والمياه المطلوبة للصناعات، بسبب جفاف الأنهار وتبريد مفاعلات الطاقة النووية.
وحسب دراسة صدرت حديثاً عن مركز "كارنيغي يورب"، تشهد أوروبا بالفعل نتائج المخاطرة المتزايدة لندرة المياه، إذ أصبح الجفاف من العوامل الجيولوجية في بلد مثل فرنسا.
ولم تقتصر تداعيات جفاف الأنهار على الممرات التجارية أو تقلص الإنتاج الزراعي، لكنها تمددت بزيادة الاستقطاب السياسي والعنف المدني في البلاد.
لم تقتصر تداعيات جفاف الأنهارعلى الممرات التجارية أو تقلص الإنتاج الزراعي، لكنها تمددت بزيادة الاستقطاب السياسي والعنف المدني في البلاد
وكجزء من محاولة الاتحاد الأوروبي خفض انبعاثات النقل البري بنسبة 90 في المائة بحلول منتصف القرن، تريد الدول الأعضاء نقل المزيد من البضائع من الطرق البرية إلى شبكة الممرات المائية الداخلية التي يبلغ طولها 37 ألف كيلومتر.
وحسب تقرير بصحيفة "بوليتيكو" الأميركية، سيكون من الصعب خفض تلوث النقل البري بشكل متزايد إذا استمرت مستويات المياه في الأنهار والقنوات الرئيسية في الكتلة في الانخفاض، أو أصبحت أكثر صعوبة للتنبؤ بمنسوباتها نتيجةً لتأثيرات تغير المناخ الذي يفاقم الجفاف.
وفي وقت سابق من هذا العام، أدى انخفاض مستويات المياه إلى تقييد حركة الشحن على طول نهر الراين في ألمانيا الذي يعد أحد أهم الممرات المائية في أوروبا، مما تسبب في اضطرابات كبيرة في الشحن التجاري.
وحسب التقرير، حذر اقتصاديون من أن عرقلة النقل النهري ستبطئ التعافي الاقتصادي في ألمانيا قاطرة الصناعة والنمو الاقتصاد في قارة أوروبا.
وعانى قطاع الشحن في ألمانيا من مشاكل مماثلة في العام 2018 وكذلك في العام الماضي، عندما أجبرت الانخفاضات الكبيرة في مستويات المياه الشركات على على خفض نقل البضائع عبر الأنهار والتحول للنقل البري، وهي خطوة معقدة لوجستياً للشركات ومكلفة أثرت على الاقتصاد الألماني برمته.
ويحذر خبراء من أن الاضطراب في منسوب مياه الأنهار هو نذير لما يمكن أن يحدث في المستقبل، بالنسبة للزراعة والتجارة وتوليد الطاقة النووية.
يحذر خبراء من أن الاضطراب في منسوب مياه الأنهار هو نذير لما يمكن أن يحدث في المستقبل، بالنسبة للزراعة والتجارة وتوليد الطاقة النووية
في هذا الصدد، قال المدير الإداري لأبحاث ومركز تعليمي تديره مجموعة NABU في ألمانيا، إن أزمة تراجع المنسوبات في نهر الراين يمكن أن تتواصل بسبب قلة هطول الأمطار وذوبان الأنهار الجليدية في جبال الألب.
وهو ما يعني أنه من المحتمل أن تكون لنهر الراين "مراحل أطول من مستويات المياه المنخفضة"، وبالتالي يمكن أن يتسبب ذلك في حدوث صداع مؤلم للمزارعين الذين يعتمدون على الأنهار لري حقولهم ومحطات الطاقة النووية التي تعتمد على مياه النهر للتبريد وللصناعات الواقعة على نهر الراين.
كما أنه يخاطر بضرب خطط بروكسل "للاستفادة من الإمكانات غير المستغلة" للممرات المائية للكتلة لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عبر النقل البحري.
في الاتحاد الأوروبي، تتركز الملاحة الداخلية في البلدان القريبة من نهر الراين أو الدانوب مثل رومانيا وبلغاريا وهولندا، حيث شكلت القوارب ما يقرب من 42 في المائة من نقل البضائع الداخلية الهولندية في العام 2021.
وتهدف بروكسل إلى زيادة النقل عبر الممرات المائية الداخلية بمقدار الربع بحلول عام 2030، و50 في المائة بحلول عام 2050.
لكن وفقاً ليوروستات، كانت النتيجة الفعلية انخفاضاً بنسبة 10 في المائة عام 2022 عن مستويات عام 2021.