تراجع الدعم الخارجي يعمق الأزمة الاقتصادية في الأردن

20 ديسمبر 2022
يحاول الأردن تعويض نقص الدعم الخارجي عبر إجراءات تقشفية (الأناضول)
+ الخط -

لا يكاد يمر عام على الأردن دون أزمة يكون سببها الاقتصاد، لا سيما أن المملكة تقع في مكان جيوسياسي جعل منها واجهة لتلقي ويلات وتداعيات أزمات تحيط بها.

وشهد الدعم الدولي المقدم للأردن تراجعاً ملحوظاً، واقتصر على قروض لم تجنبه تداعيات الأزمات، حيث انشغلت دول العالم، وخاصة الأوروبية منها، بالأزمة الروسية الأوكرانية وما خلفته من نتائج ثقيلة عليها، فيما تبحث دول إقليمية عن تعزيز مكانتها العالمية، ليُترك الأردن وحيداً تحت وطأة مواقفه السياسية التي لا تلقى استحساناً من أطراف ترى فيها معارضة لمصالحها.

يحاول الأردن أن يعوض نقص دعمه الخارجي عبر إجراءات حكومية لا يقبلها الشعب، ومنها "المشتقات النفطية" التي شهدت ارتفاعاً كبيراً أدى إلى حدوث إضراب قطاع النقل في الخامس من الشهر الجاري، وما نتج عنه من تطورات واحتجاجات أسفرت عن مقتل 4 من رجال الأمن، ومشتبه به في قتل واحد منهم.

تراجع المنح ولا مؤشرات لعودتها

المحلل الاقتصادي مازن مرجي بيّن أن "المساعدات التي كان يتلقاها الأردن كمنح، إن كانت من الدول العربية وخاصة الخليج، أو من الاتحاد الأوروبي ودوله، إضافة إلى الولايات المتحدة وكندا واليابان، كانت تشكل ركيزةً أساسيةً لدعم الموازنة الحكومية السنوية".

وتابع أن "منها ما كان منحاً مطلقة غير مشروطة ودون مقابل موجه إما لبرامج الموازنة أو برامج أخرى تنفذ بإشراف هذه الجهات الداعمة، أو ضمن برامج واتفاقيات ثنائية لدعم قطاعات معينة، مثل الصناعة والتجارة والطاقة والمياه وغيرها".

أما عن الوضع الحالي، فاعتبر مرجي أن "هناك تراجعاً كبيراً بالمساعدات الموصوفة بالمنح، وأصبحت قليلة جداً منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008".

وأشار إلى أن "بعض الدول المانحة خفّضت مساعداتها للأردن بشكل كبير لأسباب ودوافع سياسية خاصة بها، ولا ترتبط بقدرة تلك الدول أو عدمها على مساعدة الأردن".

ورأى أن بعض الدول "تحاول الضغط على الأردن بسبب مواقفه السياسية من قضايا معينة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وما يسمى صفقة القرن التي تسعى لرفع يد المملكة عن وصايتها على الأماكن المقدسة فيها".

ولفت إلى أن "تراجع أدوار الأردن المحورية بالمنطقة، وتمثيله سابقاً عن دول عظمى، وخاصة الولايات المتحدة، دفع بدول مانحة لتقليص وتخفيض مساعداتها بما يتناسب مع الدور المفترض للأردن".

وأضاف أن "الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي تُقدم للأردن مساعدات كبيرة للموازنة، ورغم ذلك فإن العجز مستمر، وسابقاً كان يُغطى من المساعدات الأخرى للدول، إلا أن مساعدات تلك الدول تحولت إلى برامج لا تسمن ولا تغني من جوع، وهو ما فاقم الوضع الاقتصادي".

وتوقع مرجي استمرار المصاعب الحكومية بالأردن للعام القادم 2023، مرجعاً سبب ذلك إلى "استمرار التوسع بالإنفاق ما بين 9 إلى 10 بالمائة، وعجز بالموازنة 2.6 مليار دينار (3.6 مليارات دولار)، ونسب نمو متدنية لا تزيد على 2.6 بالمائة، وبطالة نسبتها 22.6، وفقر نسبته 22 بالمائة".

وحسب ما تبرر الحكومة، لا يستطيع الأردن حل تلك المشكلة إلا باللجوء نحو الاقتراض الخارجي والداخلي، وهو ما أدى إلى ارتفاع قيمة المديونية إلى 50 مليار دولار، وبما نسبته 116 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.

تداعيات كورونا

من جانبه، أرجع محمد بني سلامة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك (حكومية)، أسباب تراجع الدعم الدولي للأردن إلى عوامل تخص بالشأن الداخلي، وأخرى خارجية تتعلق بالدول المانحة.

وأضاف بني سلامة أن "كثيراً من الدول المانحة تربط المساعدات التي تقدمها بالتحسن في ملفات حقوق الإنسان والديمقراطية".

أما فيما يتعلق بالدول المانحة، فقد عزا تراجع دعمها للأردن إلى "ظروفها الداخلية والأعباء الاقتصادية التي ترتبت عليها"، بسبب أزماتها المختلفة وخاصة فيروس كورونا.

وحثّ بني سلامة بلاده كي لا تُعوّل كثيراً على المساعدات الخارجية؛ لأنها "مشروطة دائماً، وربما يأتي يوم تتوقف فيه بشكل كلي، وعليه أن يكيّف نفسه للتعامل مع هذه المستجدات على المدى البعيد".

وشهد الأردن خلال الأيام الماضية احتجاجات واسعة جاءت تطوراً لإضراب في قطاع النقل، طالب منفذوه بـ "خفض أسعار المشتقات النفطية" التي سجلت ارتفاعات كبيرة خلال العام الجاري.

(الأناضول)

المساهمون