أثار تذبذب أسعار النفط على الرغم من وجود دلائل على تراجع الإمدادات، بما في ذلك انخفاضُ مخزونات الخام الأميركية، حالة من عدم اليقين في الأسواق، خاصة أن كثيرا من دول تحالف منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك+)، وعلى رأسها السعودية، أعلنت خفضاً طوعياً إضافياً في الإنتاج، ما عزز القلق بشأن مستقبل أسعار النفط خلال الفترة المقبلة.
وتباينت الأسعار خلال الأسبوع الأخير من يونيو/حزيران، وسط وقوع المتعاملين بين المخاوف من أن يتسبب ارتفاع أسعار الفائدة في ضعف النمو الاقتصادي العالمي وضعف الطلب على النفط من جهة، وبين سندان التراجع الأكبر المتوقع لمخزونات الخام الأميركية من ناحية ثانية.
وأظهرت مبادرة بيانات المنظمات المشتركة (جودي)، في 19 يونيو/حزيران، تراجع صادرات السعودية من النفط الخام في إبريل/ نيسان إلى أدنى مستوى لها في خمسة أشهر.
ومع ذلك، خفض بنك "جي بي مورغان" متوسط تقديره لسعر خام برنت إلى 81 دولارا للبرميل هذا العام من 90 دولارا للبرميل في توقعات سابقة، وعزا محللوه ذلك إلى أن تخفيضات "أوبك+" ليست كافية لتحقيق التوازن بين العرض والطلب العالميين حتى لو مُدّدت حتى 2024.
وتشير العديد من التوقعات إلى استمرار تراجع أسعار النفط في المستقبل القريب، إلا في حال حدوث تغير جذري في عوامل العرض والطلب، بحسب تقرير نشرته وكالة "رويترز"، مشيرة إلى أن دول "أوبك+" تحاول وضع حد أدنى لأسعار النفط لا يقل عن 80 دولارا للبرميل، لكن هذا قد يكون غير كاف لتغطية مصاريفها الحكومية والاستيرادية.
ويشير الخبير الاقتصادي الإماراتي علي سعيد العامري، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى صعوبة التنبؤ بمدى استمرار الانخفاض في أسعار النفط بدقة تامة، إذ قد تستمر أسعار النفط في التقلب والتأثر بعوامل متعددة في المستقبل.
ويوضح العامري أنه يجب دراسة تطورات العرض والطلب والتوترات الجيوسياسية والسياسات العالمية المتعلقة بالنفط لتقدير اتجاهات الأسعار المستقبلية، مشيرا إلى أنه "رغم خفض الإنتاج من قبل منظمة أوبك ودول غير أعضاء فيها مثل روسيا في إطار تحالف أوبك+، إلا أنه لا يمكن تحديد تأثير هذا الخفض على أسعار النفط بشكل دقيق".
وبالنسبة لتوقعات الأسعار المستقبلية، يرى العامري أنها تعتمد على العديد من العوامل المعقدة والمتغيرة، مثل الأحداث الجيوسياسية العالمية، والتوترات الإقليمية، ومستوى الطلب العام على النفط، والتطورات التكنولوجية في مجال الطاقة المتجددة، ولذا لا يمكن تحديد ما إذا كان الانخفاض في أسعار النفط سيستمر أم لا.
وعن تأثير انخفاض أسعار النفط، يؤكد العامري أنه مرتبط بشكل وثيق بإيرادات دول الخليج العربية وأي دولة تعتمد في مدخولها على النفط، "حتى ولو قامت بتنويع اقتصاداتها".
فتحوُّل الاقتصاد في دول الخليج للتنوع لا يمكن أن يحقق أهدافه بشكل كامل في وقت قصير، ولا يمكن أن يحل محل النفط بسرعة كمصدر رئيس للإيرادات، ولذا فان الدول الخليجية تقوم باتخاذ إجراءات للتكيف مع انخفاض أسعار النفط، مثل خفض النفقات الحكومية، وتحسين كفاءة الإنفاق، وتعزيز الاستثمارات الأخرى، وتنفيذ إصلاحات اقتصادية، بحسب العامري.