تدهور إنتاج الحمضيات في سورية بسبب غلاء الأسمدة والوقود

16 نوفمبر 2021
ارتفاع كبير في أسعار السلع الزراعية (Getty)
+ الخط -

شهد إنتاج الحمضيات في سورية تراجعاً حاداً، بعد غلاء أسعار المحروقات والمبيدات وأجور العمالة وتكاليف الري.
وتتقاطع التقديرات هذا العام، مع بدء قطاف الحمضيات، بتراجع الإنتاج لتتزايد الفجوة عن ذروة الإنتاج عام 2018 وقت تعدت الحمضيات السورية عتبة 1.2 مليون طن، كان لحريق أكثر من مليون شجرة مثمرة العام الماضي الدور الأهم، ليأتي ارتفاع تكاليف الإنتاج واستغلال الفلاحين، عوامل إضافية بتراجع سورية عن موقع الثالث عربياً، بعد مصر والمغرب، والذي تبوأته منذ تسعينيات القرن الماضي.
وحسب مدير مكتب الحمضيات في وزارة الزراعة بحكومة النظام السوري، سهيل حمدان، فقد انخفض إنتاج الموسم الحالي بنسبة 27.3% عن المتوسط العام للإنتاج خلال الفترة ما بين 2016 و2020، حيث بلغ إنتاج موسم عام 2018 ما يقارب 1.2 مليون طن، أما موسم 2019 فكان بحجم إنتاج 817 ألف طن، وعام 2020 بحجم 832 ألف طن ليستمر التراجع بنحو 6% هذا الموسم عن العام الماضي.

ويشير حمدان خلال تصريحات مؤخرا، إلى أن توقعات إنتاج الحمضيات ببلاده، لا تزيد عن 786.885 طنا على مستوى سورية. ويتساءل أحد كبار حائزي كروم الحمضيات بريف مدينة اللاذقية، علي القدّار: لماذا لم يشر مدير مكتب الحمضيات إلى أسباب تراجع الإنتاج؟ وهل السعر الذي تحدده دائرة التسعير، سواء بمكتب الحمضيات أو بمديريات الزارعة وحماية المستهلك، يتناسب مع تكاليف الزراعة التي ارتفعت أكثر من 15 ضعفاً منذ عشر سنوات؟

ويشرح القدّار في حديثه لـ"العربي الجديد" أن أعباء زيادة التكاليف، من أسمدة وأدوية ومحروقات، أرهقت مزارعي الحمضيات بالساحل السوري، ما دفع كثيرين لهجرة حقولهم أو قلع أشجار الحمضيات والبحث عن زراعات أكثر مردودا كالخضر والفواكه وبناء بيوت بلاستيكية. وأضاف أن أشجار الحمضيات تحتاج لري بكميات كبيرة والتي تحتاج لمازوت يضطر المزارعون لشرائه من السوق السوداء بسعر لا يقل عن ألف ليرة لليتر (الدولار = نحو 3450 ليرة).

بدروه، يحذر المهندس الزراعي، يحيى تناري، من استمرار تدهور زراعة الحمضيات في سورية، بعد تكرار خسائر الفلاحين وعزوف كثيرين منهم عن جني المحاصيل أو الانتقال إلى زراعات أخرى، عقب اقتراب أسعار الحمضيات بمدن الساحل السوري (موطن الإنتاج الأساسي) من أسعار التكاليف، مبيناً أن بعض المدن السورية لا تصل إليها الحمضيات، مثل مدن الجزيرة، كما تباع الحمضيات بالمدن الكبرى، بخمسة أضعاف شرائها من الفلاح.

وقال: "لا يطرح في السوق السورية أكثر من نصف الإنتاج والباقي يتم تصديره للخارج". ويضيف تناري لـ"العربي الجديد" أن بلاده احتلت حتى قبل سنوات، المرتبة الثالثة عربياً في إنتاج الحمضيات والسابعة على مستوى دول حوض البحر المتوسط و المرتبة 20 على مستوى العالم، وقت وصل الإنتاج لنحو 1% من الإنتاج العالمي تقريباً.
وفيما يحذر تناري من انعكاس تراجع إنتاج الحمضيات واستغلال المزارعين، على حياة ومستوى دخل نحو 35 ألف عائلة، يبيّن أن الإنتاج السوري خسر أهم ميزتين كان يتمتع بهما: خلوه من الأسمدة، واعتماد الفلاحين على المكافحة الحيوية، وذلك بعد انتشار المبيدات وأساليب تسريع النضج وتكبير الثمرة.

ويتردد في سورية منذ عام 2001 الحديث عن تشييد معامل لعصائر الحمضيات، لاستيعاب إنتاج الموسم الذي يطرح بالأسواق، لكن معوقات كثيرة وأعذارا حكومية، كان آخرها تصريح لوزير الصناعة، زياد الصباغ، بدّدت هذا الحلم.
ويرى الاقتصادي السوري، صلاح يوسف، أن الاستمرار في التصدير أهم أسباب إرجاء إشادة مصانع عصائر، كاشفا لـ"العربي الجديد" أن آخر مشروع تم تقديمه لحكومة بشار الأسد نهاية العام الماضي، بالتوازي مع تخلي الحكومة عن القطاع العام.

المساهمون