في عام 2005، وقّع نظام مبارك اتفاقية مع دولة الاحتلال تقضي بتصدير 1.7 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً لإسرائيل، لمدة 20 عاماً، بثمن بخس يتراوح بين 70 سنتاً و1.5 دولار للمليون وحدة حرارية، بينما وصل سعر التكلفة آنذاك إلى 2.65 دولار تحمّلها المواطن المصري من ماله ووقته وكرامته حيث كان يجري في الشوارع بحثا عن أنبوبة غاز للطهي المنزلي.
وعقب قيام ثورة 25 يناير، اكتشف المصريون كيف أن نظام مبارك أهدر ثرواتهم لصالح عدو تاريخي، وأنه تنازل عن مليارات الدولارات من أموال الشعب لصالح الخزانة الإسرائيلية، خاصة أن أسعار الغاز تراوحت وقتها ما بين 3 و11 دولارا لكل مليون وحدة.
كما اكتشفوا أن نظام مبارك جامل عدو البلاد التاريخي على حساب مواطن كان يئن ساعتها من المرض والفقر والبطالة وغلاء الأسعار ونهب الثروات العامة، مرة عبر الخصخصة وبيع الشركات العامة، وأخرى عبر بيع الديون الخارجية.
ونجحت الثورة المصرية في إرغام صانع القرار على وقف تصدير الغاز المصري لإسرائيل، وفي وقت لاحق أجبرته على وقف مفاوضات استيراد الغاز الإسرائيلي لمصر.
لكن في فبراير 2018، نجحت إسرائيل في إبرام اتفاق يقضي بتصدير غازها المنهوب من حقلي تمار ولوثيان إلى مصر لمدة 10 سنوات، في صفقة تاريخية بلغت قيمتها 15 مليار دولار. ساعتها وصف بنيامين نتنياهو الاتفاق بأنه عيد لإسرائيل.
والملفت أن الصفقة تأتي رغم إعلان الحكومة المصرية في العام 2015 اكتشاف أكبر حقل لإنتاج الغاز في العالم، وهو حقل "ظهر"، الواقع قبالة المياه الإقليمية وفي منطقة شرق البحر المتوسط.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، ففي سبتمبر 2018 استحوذت شركتا ديليك الإسرائيلية وآخرون على 39% من أسهم شركة غاز شرق المتوسط المصرية، التي تمتلك خط أنابيب نقل الغاز بين مصر وإسرائيل.
ويوم الأحد الماضي، انتقلنا لخطوة أخطر، حين أعلنت شركة ديليك دريلينغ الإسرائيلية أنها تعتزم شراء حصص في موانئ مصرية متخصصة في تصدير الغاز الطبيعي المسال، وتحديدا الميناءين الواقعين قرب إدكو ودمياط على ساحل البحر المتوسط.
وفي الجزائر، وبعد اندلاع الحراك الشعبي المناهض لنظام عبد العزيز بوتفليقة، بدأت وسائل إعلام محلية وعالمية تكشف عن مزيد من مظاهر الفساد خلال فترة حكم بوتفليقة، خاصة في قطاع الطاقة والغاز، وتتحدث عن إهدار المال العام، والامتيازات الضخمة التي كان يتم منحها لما يسمى بـ"الكارتل المالي"، الذي يضم رجال أعمال مقربين من النظام، وهو ما أضاع على البلاد مليارات الدولارات.
وما فضائح فساد شركة سوناطراك، إحدى أكبر شركات المحروقات في العالم، وفضيحة الطريق السيار شرق غرب، المسمى بمشروع القرن، الذي استنزف أكثر من 17 مليار دولار من ميزانية الدولة، وفضيحة رجل الأعمال عبد المؤمن خليفة، إلا نماذج صارخة لحالات فساد ضخمة شهدتها فترة حكم بوتفليقة على مدى العشرين سنة الماضية.