بنوك السودان في عزلة رغم انتهاء الحظر

08 سبتمبر 2021
سنوات العقوبات تسببت بضعف القطاع المصرفي (فرانس برس)
+ الخط -

ما زالت بنوك السودان تعاني العزلة رغم انتهاء الحظر الأميركي، والسياسات المالية التي اتخذتها الحكومة في سياق الموافقة على اشتراطات المؤسسات المالية الدولية بغرض إعفاء الدولة من ديونها وتقديم مساعدات لها.

وبدت العزلة التي تعانيها المصارف ليست بفعل القيود الخارجية، وإنما بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة للدولة ووضع البنوك ذاتها التي يؤكد خبراء مصرفيون أنها بحاجة ماسة إلى إعادة هيكلة ودمج الكثير منها لتتمكن من الوفاء بمعايير السلامة المصرفية الدولية.

وانضم السودان رسمياً منذ 21 يونيو/ حزيران الماضي، إلى منظومة رقم الحساب المصرفي الدولي (IBAN) لتسهيل المعاملات المصرفية بين البلاد وبقية دول العالم، إلا أن الخطوة لم تفعل بصورة رسمية في المصارف المحلية، ما يجعل البنوك فعليا غير قادرة على التعامل مع النظام المصرفي الدولي.

تسببت سنوات العقوبات والحظر الأميركي التي استمرت لنحو عقدين في تخلف البنوك السودانية عن الحصول على التقنيات المصرفية المتطورة

ويقول الخبير الاقتصادي السوداني الفاتح عثمان، إنه لا بد من وجود أموال بالنقد الأجنبي في حسابات خارجية والحصول على التقنيات المصرفية الحديثة التي تدير المقاصة الدولية آليا، مؤكدا أنه من دون هذه المتطلبات ستظل المصارف السودانية محدودة التعامل مع النظام المصرفي الدولي.

وتسببت سنوات العقوبات والحظر الأميركي التي استمرت لنحو عقدين في تخلف البنوك السودانية عن الحصول على التقنيات المصرفية المتطورة، فضلا عن ضعف السيولة المالية الناجمة عن الأزمات الاقتصادية الحادة التي شهدها البلد، فيما لا تزال مشاهد هذا الضعف حاضرة بقوة رغم الإجراءات الحكومية لإقالة الاقتصاد من عثرته في إطار ما تصفها بالإصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد والمانحين الدوليين.

موقف
التحديثات الحية

وكانت أغلب البنوك الأجنبية الكبرى قد بدأت بالانسحاب تدريجيا من السودان منذ عام 2000، إذ شنت الولايات المتحدة حملة على التعاملات مع الخرطوم.

ورغم قرار وزارة الخزانة الأميركية في مايو/ أيار الماضي، إزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وبالتالي رفع القيود المفروضة على المعاملات المالية معها، إلا أن تعاملات البنوك لا تزال تواجه الكثير من التحديات.

وقال المحلل الاقتصادي عثمان أبو المجد، إن الانهيار الاقتصادي وضعف المؤسسات الحكومية والمصرفية بصفة خاصة، وضعف الإنتاج وقلة الصادرات وصعوبة جذب الاستثمارات الخارجية، يجعل السودان في وضع يصعب عليه الاستفادة من رفع القيود على معاملاته المالية والاستفادة من منظومة رقم الحساب المصرفي الدولي (IBAN) التي تسهل التحويلات المالية مع مختلف البنوك العالمية.

قطاعات اقتصادية، خاصة المستوردين، لا يزالون يعتمدون على السماسرة للحصول على النقد الأجنبي، وهو ما يعني كلفة إضافية على المستهلك ويفاقم التضخم

وأكد أبو المجد لـ"العربي الجديد" أنه إذا لم تكن هناك إرادة قوية وصادقة من الحكومة لإيجاد حلول جذرية لتفعيل وتنشيط الاقتصاد والبنوك، لن يمكن النظام المصرفي من الاستفادة من التسهيلات الدولية.

واستعادة العلاقات المصرفية الدولية قد تعطي دعما حيويا لاقتصاد لا يزال في أزمة بعد أكثر من عامين من انتقال سياسي في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير.

ويشير محللون إلى أن قطاعات اقتصادية عدة، خاصة المستوردين، لا يزالون يعتمدون على السماسرة للحصول على العملات الأجنبية، وهو ما يعني كلفة إضافية على المستهلكين المحليين ويساعد في تفاقم التضخم الذي وصل في يوليو/ تموز الماضي إلى 422% ليعد الأعلى عالمياً.

وتظهر الأرقام الرسمية أن معدلات التضخم مرت بمنحنيات تصاعدية منذ بداية العام الماضي رغم القرارات التي تصفها الحكومة بالإصلاحية، إذ لم يكن يتجاوز 33% في ديسمبر/كانون الأول 2019، بينما سجل قفزات غير متتالية مسبوقة منذ ذلك الحين.

هذا الارتفاع حدث وسط زيادات في أسعار المواد الغذائية التي أثارت سخطا شعبياً متزايدً، وسط نقص في العملات الصعبة التي يعوّل عليها الاقتصاد في تسديد قيمة الواردات.

المساهمون