استمع إلى الملخص
- يتضمن الاتفاق إعادة تنظيم الإنتاج والتطوير التقني، حيث سيتم تصنيع طرازات جديدة في مواقع مختلفة، مثل "آي دي 3" و"كوبرا" في فولسبورغ، ونقل إنتاج "غولف" إلى المكسيك، مع إلغاء حوالي 4000 وظيفة بحلول 2030.
- أشاد الباحثون والمسؤولون بالاتفاق، معتبرين أنه يحافظ على مواقع الإنتاج ويضمن الأمن الوظيفي، مع تحسين القدرة التنافسية لصناعة السيارات الألمانية في ظل التحديات التكنولوجية والمنافسة الصينية.
بعد مفاوضات ماراثونية استمرت لخمسة أيام خلف أبواب مغلقة، توصل مساء أمس الجمعة ممثلو الإدارة في شركة فولكسفاغن؛ عملاق صناعة السيارات الألمانية، والموظفون إلى حل وسط في نزاع المفاوضات الجماعية. فماذا حملت النتائج من تفاصيل بعد أن كان التوجه لإغلاق المصانع وتخفيض الأجور وتسريح العمال؟
خلصت المفاوضات الجماعية بين الطرفين إلى التجنب الفوري لإغلاق مصانع فولكسفاغن في ألمانيا، حرصاً على استعادة الأمن الوظيفي الذي كان قائماً منذ ثلاثة عقود مرحلياً، على أن يتم إلغاء أكثرمن 35 ألف وظيفة من أصل 120 ألفاً بحلول عام 2030 لكن بطريقة مسؤولة اجتماعياً.
وفي المقابل، سيتنازل الموظفون عن زيادات الأجور في السنوات المقبلة، وسيتم تخفيض المكافآت. وبحسب نقابة آي جي ميتال، فإن "الراتب الشهري لن يتأثر بعد أن كانت فولكسفاغن قد طالبت بتخفيض الرواتب بنسبة 10%".
وجاء في الاتفاق أن فولكسفاغن ستعمد إلى تقليل القدرة الفنية بشكل دائم في مواقعها بمقدار 734 ألف مركبة، مع استمرار مصنع مدينة أوسنابروك بإنتاج سيارة "تي روك" المكشوفة لفترة أطول مما كان متوقعاً سابقاً وحتى أواخر صيف عام 2027، على أن يُنهى الإنتاج في دريسدن نهاية عام 2025.
وعلاوة على ذلك، ومن أجل إعادة تنظيم التطوير التقني بشكل فعال، والتمكن من الاستثمار بشكل أكبر في الابتكارات، سيتم تصنيع طرازي "آي دي 3" و"كوبرا" في فولسبورغ، فيما سيُنقل إنتاج طرازي "غولف" و"غولف فارينت" إلى المكسيك، اعتباراً من 2027. وكجزء من عملية إعادة التنظيم أيضاً سيتم إلغاء حوالي 4000 وظيفة بحلول 2030. ومن ناحية ثانية، سيستمر تصنيع طرازات "آي دي 7" و"آي دي 4" في مدينة إمدن، على أن يُبقى على موقع التصنيع في سفيسكاو، لإنتاج سيارة أودي كيو 4 إي ترون".
وأمام ما تقدّم، قال الباحث الاقتصادي دافيد رايشل، في حوار مع "العربي الجديد"، إن الحزمة التي توصل إليها الجانبان جيدة، لا سيما أن عمادها الحفاظ على جميع مواقع الإنتاج تقريباً، وعلى أساس التضامن والحفاظ على الأمن الوظيفي، وحفظ الشراكة الاجتماعية بتجنب تسريح آلاف الموظفين في الوقت الحاضر، وهو ما ينقذ آلاف العائلات. ومن زاوية أخرى، يخلق الاتفاق آفاقاً مستقبلية للقوى العاملة، بعد أن حددت مسارات لقدراتها وهياكلها وتكاليفها، بحيث سيصار إلى تخفيضات بما يقارب 15 مليار يورو سنوياً من التكاليف على المدى المتوسط، بينها 1.5 مليار وحدها من تكاليف الموظفين، وفقاً لرايشل.
وأضاف الباحث الاقتصادي أنه: "بحكم أن الاتفاقية الجماعية الجديدة توفر أربعة مليارات يورو سنوياً، لا يجب إنكار أن مجلس العمل تخلّى عن الدفعات الخاصة، وجرى دمج وتكييف أحدث اتفاقية مفاوضة جماعية في صناعة المعادن والكهرباء في اتفاقية المفاوضة الجماعية للشركة"، مشيراً إلى أن الأموال لا تفيد الموظفين، بل تتدفق إلى صندوق لتأمين الوظائف حتى عام 2030.
ومن جهة ثانية، أشار رايشل إلى ضرورة تذكر أنه، في نهاية المطاف، فإن المتاعب التي تعرضت لها فولكسفاغن ليست بسبب تكاليف موظفيها، بل لعدم مواكبة التطورات التكنولوجية، إذ تفوّقت عليها المنافسة الصينية في السيارات الكهربائية، ما أدى إلى تراجع مبيعاتها. وأكد أن الجودة العالية تتطلّب عادة تحفيز الموظفين، من خلال حصولهم على رواتب وظروف عمل جيدة لإنتاج سلع منافسة، فضلاً عن أن الرواتب الجيدة عامل مهم لتحسين الدورة الاقتصادية.
وقال توماس شيفر رئيس فولكسفاغن إن الاتفاقية الجماعية حققت الأهداف الثلاثة للشركة، والمتمثلة في خفض تكاليف العمالة، ورفع تكاليف التطوير إلى مستوى تنافسي، وتقليص الطاقة الفائضة في المواقع الألمانية، لكنه أقر أيضاً بأن القرارات جاءت صعبة، مبرزاً أهميتها لمستقبل الشركة. بدوره، قال مدير التفاوض من نقابة آي جي ميتال؛ تورستن غروغر، ليل الجمعة، إن النقابة دخلت المفاوضات الجماعية بأهداف واضحة، والجميع ممتن للالتزام بالخطوط الحمراء التي حُدّدت: لا تسريح جماعياً للعمال، ولا إغلاق مصانع ولا تخفيض للأجور الشهرية.
وكان المستشار أولاف شولتز قد رحّب بالاتفاق وعدّه حلاً جيداً ومقبولاً من الناحية الاجتماعية، على الرغم من كل التنازلات، لكنه ضمن الحل الوسط، وسمح للشركة بالاحتفاظ بموظفيها، وأمن مستقبلهم. وقال وزير الاقتصاد روبرت هابيك، والمنتمي إلى الخضر، "يجب علينا الآن أن نعمل معاً لتجديد وتعزيز القدرة التنافسية لصناعة السيارات الألمانية، وإعطاء زخم جديد لتكثيف التنقل بالسيارات الكهربائية".