في السابع من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، احتل الفرنسي برنارد أرنو، الرئيس التنفيذي لمجموعة "إل في إم إتش" LVMH الفاخرة، صدارة قائمة أغنى رجل في العالم لفترة وجيزة، بعد أن قفزت ثروته إلى 185 مليار دولار، متقدما على الأميركي إيلون ماسك رئيس شركات تسلا لصناعة السيارات الكهربائية و"سبايس إكس" العاملة في مجال الفضاء و"تويتر"، وفق تصنيف أجرته مجلة فوربس الأميركية.
ليست هذه هي المرة التي يزيح فيها أرنو، ماسك من صدارة القائمة، وإنما سبق أن تكرر المشهد في الأشهر الأخيرة، ما يؤشر إلى إمكانية أن يتربع أرنو على عرش أباطرة المال في أي لحظة مقبلة ليزيج عمالقة التكنولوجيا والطاقة والتجارة الإلكترونية الأميركيين الذين تحصنوا لسنوات طويلة خلف جدران وول ستريت الشاهقة.
سبق أن اختبر قطب الموضة الفرنسي، إمكانية إزاحة ماسك من الصدارة في مايو/أيار 2021، لينجح بالفعل آنذاك، بعد أن وصلت ثروته الصافية إلى 186.3 مليار دولار، ليتخطى جيف بيزوس، مؤسس أمازون، الذي بلغت ثروته أنذاك 186 مليار دولار بنحو 300 مليون دولار، كما تجاوز ماسك الذي بلغت ثروته حينها 147.3 مليار دولار، بحسب فوربس أيضا.
ورغم السن المتقدمة للملياردير الفرنسي البالغ من العمر 73 عاماً، إلا أنه يبدو حريصاً على توسع إمبراطوريته وإضافة المزيد من الخزائن إلى عائلته التي يعيد هيكلة وضعها داخل شركاته. فقد ارتفعت ثروة قطب الموضة بفضل تحسن نتائج المجموعة الرائدة عالمياً للمنتجات الفاخرة، والتي وصل صافي أرباحها إلى 12 مليار يورو (12.7 مليار دولار) العام الماضي.
يُعيد أرنو تنظيم مجموعته القابضة، لضمان سيطرة أسرته على المدى الطويل على الإمبراطورية الفاخرة التي بدأ في تشييدها منذ أكثر من ثلاثة عقود. إذ تولى ابنه أنطوان البالغ من العمر 45 عاماً، والذي يأتي في الترتيب الثاني بين أبنائه، دوراً موسعاً في "كريستيان ديور"، وهي الشركة القابضة التي تسيطر العائلة من خلالها على تكتل الشركات الفرنسية "إل في إم إتش".
تُظهر هذه الخطوة كيف يُرفّع الملياردير أبناءه إلى أدوار استراتيجية في الإمبراطورية الفاخرة، حيث يحل أنطوان محل سيدني توليدانو (71 عاماً)، في منصب الرئيس التنفيذي ونائب رئيس "كريستيان ديور".
وتأتي هذه الخطوة بعد أن أعاد أرنو في وقت سابق من هذا العام، تنظيم ممتلكات العائلة، وفق تقرير لوكالة بلومبيرغ الأميركية. كما رفعت الشركة الحد الأقصى لسن رئيسها التنفيذي إلى 80 عاماً، مما سمح لأرنو، بالبقاء في المنصب لسنوات أطول.
يعمل جميع أبناء أرنو الخمسة في "إل في إم إتش" أو إحدى العلامات التجارية التابعة لها. إذ تشغل ابنته دلفين منصباً تنفيذياً كبيراً تشرف فيه على المنتجات في "لوي فيتون" (Louis Vuitton)، أكبر علامة تجارية للمجموعة.
ويشارك أيضاً الأبناء الأصغر من زواجه الثاني من عازفة البيانو الكندية هيلين ميرسير. إذ يشغل ألكسندر منذ ما يقرب من عامين منصب المسؤول عن المنتجات والاتصالات في "تيفاني آند كو"، ويدير فريدريك العلامة السويسرية المتخصصة في صناعة الساعات "تاغ هوير"، بينما يعمل جين على تطوير فئة الساعات في "لوي فيتون".
وصف تقرير نشرته صحيفة لوباريزيان الفرنسية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، أرنو، بأنه "مفترس" يبحث عن الصفقات الناجحة. ولد برنارد أرنو في 5 مارس/آذار من عام 1949 في روبيه بفرنسا لأب يعمل في قطاع التطوير العقاري. وتخرّج في الثانية والعشرين من عمره مهندساً من مدرسة البوليتكنيك، وحينها قرر أن يتسلم شركة "بي تي بي" التي أسسها والده وقام ببيعها مقابل 40 ألف فرنك فرنسي.
كان برنارد ماهراً في إنعاش الشركات وتأسيسها، لذلك بدأ بتأسيس شركة فيرينال، التي تخصصت في تطوير العقارات وذاع صيتها في سبعينيات القرن الماضي. لكنه عمد منذ بداية الثمانينيات إلى شراء الشركات المتعثرة عبر مجموعته التي أسسها لينتقل إلى عالم الموضة.
وفي 2017 استحوذ بالكامل على العلامة التجارية كريستيان ديور عبر مجموعته للسلع الفاخرة في إطار اتفاق قيمته 13 مليار دولار. يقوم أرنو كل يوم سبت بزيارة لكل محلاته في باريس بصحبة أحد أبنائه. ويراقب بعينيه الزرقاوين كل شيء، بما في ذلك واجهة المحلات ليعد تقريرا في اليوم التالي ومجموعة من الأوامر تقوم سكرتيرته الخاصة بإرسالها إلى المعنيين بالأمر.
وتعد مجموعته، أكبر شركة مدرجة في بورصة باريس، حيث يصل رقم أعمالها إلى 47 مليار يورو. ويردد أرنو دوماً بأن سر نجاح مجموعته يكمن في اعتمادها بشكل كبير على الابتكار والتنظيم الجيد. تضم مجموعته 75 ماركة فاخرة، بينها كريستيان ديور ولوي فيتون وبولغاري وجيفانشي وغارلان وشاتوييكيم ومويت آند شاندون.