بعد فشل الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب في إقناع المحاكم في ولايات مختلفة بما يقرب من أربعين دفعاً تقدم بها لتعطيل إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة التي تمت قبل شهر، بدا طريق جو بايدن ممهداً للوصول إلى البيت الأبيض، الأمر الذي حَوَّل التساؤلات خلال الفترة الحالية إلى ما يمكن أن يقوم به رئيس، تعهد بزيادة الضريبة على الدخول المرتفعة، ولا يحتفظ حزبه بمشاعر طيبة مع ممارسات كبرى الشركات الأميركية، وفي ظل كونغرس شديد الانقسام، لإحياء اقتصاد يتعثر من تبعات وباء ما زالت معدلات انتشاره في ازدياد.
وبعد شهور تعثرت فيها جهود الاتفاق على حزمة جديدة لإنقاذ الاقتصاد ومساعدة المواطنين، أعلن قادة الحزب الديمقراطي في الكونغرس استعدادهم لتخفيض المبلغ الضخم الذي تمسكوا به قبل الانتخابات من 2.4 تريليون دولار إلى 908 مليارات دولار، تشكل النسبة الأكبر منها تعويضات بطالة لمن فقدوا وظائفهم خلال الشهور الماضية لفترة تصل إلى أربعة أشهر، يكون أساساً لاستئناف المفاوضات ويزيد من احتمالات التوصل إلى اتفاق ينقذ ملايين المواطنين ويساعد آلاف الشركات التي ما زالت تعاني تبعات الجائحة.
وتأكيداً على الصعوبات التي ستواجهها إدارة الرئيس المنتخب خلال العامين القادمين على أقل تقدير، وقبل موعد انتخابات التجديد الجزئي لمجلس الشيوخ في 2022، ورغم عرضهم قبل عدة أسابيع حزمة إنقاذ تقدر قيمتها بنحو 1.8 تريليون دولار، أكد قادة الحزب الجمهوري أنهم والبيت الأبيض (الحالي) يفضلون حزمة تم عرضها من قبل لا تتجاوز قيمتها 519 مليار دولار، ولا توفر التمويل المطلوب تقديمه للولايات والحكومات المحلية.
ويوم الأربعاء، قال ستيفن منوشين، وزير الخزانة، إن الرئيس (يقصد دونالد ترامب) سيوقع على الحزمة التي اقترحها ميتش ماكونيل، زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ، بينما غابت أية تعليقات من البيت الأبيض على الحزمة التي اقترحها الديمقراطيون.
ولا يبدو أن جو بايدن يعبأ كثيراً بما سيتم الاتفاق عليه خلال الفترة الانتقالية الحالية، حيث قال يوم الأربعاء إن أية حزمة سيتم إقرارها ستكون بمثابة دفعة مقدمة لما سيحدث العام القادم، مؤكداً أن فريقه الانتقالي "يعمل بالفعل حالياً على ما سأقوم بطرحه في الكونغرس المقبل لمعالجة الأزمات المتعددة التي نواجهها، خاصة ما يخص الأزمة الاقتصادية والوباء".
وسيكون على بايدن إرضاء قياديي حزبه الذين يعتبر البعض أنهم أصحاب الفضل الأكبر في فوزه في انتخابات الرئاسة، خاصة في ظل عدم تمتعه بكاريزما تشبه تلك التي تميز بها كل من خصمه ترامب وسلفه أوباما، من خلال الإسراع بتنفيذ أجندتهم التقدمية أو اختيار من على شاكلتهم في إدارته الجديدة.
وفي لقاء مساء الأربعاء مع محطة "سي أن أن" الإخبارية، طالب المرشح الرئاسي الأميركى السابق بيرني ساندرز بالإسراع في رفع الحد الأدنى للأجر، وتوفير تأمين صحي منخفض التكلفة لكل الأميركيين، وتخفيض أسعار الدواء.
وفي الوقت الذي كانت الأخبار العاجلة تتوالى على هواتف وحواسب المواطنين الآلية في أميركا، معلنةً تجاوز عدد من أصيبوا بالفيروس واضطروا لدخول المستشفى يوم الأربعاء مائة ألف مواطن للمرة الأولى منذ ظهوره في البلاد، كان عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي يضغط لتنفيذ أجندته التقدمية، ويطالب رئيسه المنتخب باختيار الأشخاص المؤيدين لها ضمن إدارته، بينما تعلل بايدن بأنه لا يرغب في التخلي عن مقعد أو أكثر في المجلس الذي يسيطر عليه الجمهوريون بأغلبية بسيطة، ويطمع الديمقراطيون في السيطرة عليه.
وعلى نحوٍ متصل، وفي حين قدرت بعض النماذج ما ستدره خطة رفع الضرائب على الأشخاص مرتفعي الدخول والشركات الكبرى التي يتبناها بايدن من إيرادات للخزانة العامة بما يقرب من 2.5 تريليون دولار على مدار السنوات العشر القادمة، حذر البعض من تأثيرها على تعطيل استعادة الاقتصاد لانتعاشه، وهو ما حاول ترامب استغلاله خلال حملته الانتخابية، قبل أن يفشل ويختار الناخب الأميركي بايدن.
وفي حين يرى بايدن أن الزيادات الضريبة خلال الفترة الحالية يمكنها التسريع بالنمو، من خلال توفير التمويل اللازم للعديد من خطط الإنفاق التي من شأنها أن تفيد الاقتصاد، مثل مشروعات تحسين البنية التحتية والاستثمار في مشروعات الطاقة النظيفة، كانت الرؤية لدى العديد من مراكز الأبحاث المحافظة أن تلك الخطط سيكون تأثيرها متواضعاً فيما يخص محاولات الإنعاش.
وخلال الحملات الانتخابية، حذر ترامب من تأثير خطط بايدن لزيادة الضرائب على الشركات الكبرى على دفع تلك الشركات لتصفية أعمالها في الولايات المتحدة، بينما أصر بايدن، رداً على سؤال أحد الصحافيين، على أهمية الإسراع بتنفيذ خطته، نافياً أن يكون الوقت الحالي، وما يشهده من ركود اقتصادي، دافعاً لتأجيل التطبيق.
وأيد بعض الاقتصاديين موقف وخطة بايدن، طالبين منه عدم التمهل في زيادة الضرائب على الأغنياء والشركات الكبرى. وقال أوستان جولسبي، الرئيس السابق لمجلس المستشارين الاقتصاديين بالبيت الأبيض، والأستاذ بكلية إدارة الأعمال بجامعة شيكاغو حالياً، في لقاء مع محطة سي أن أن الإخبارية إن "الركود الحالي تميز بالتفاوت الكبير في تأثيره على المواطنين والشركات، والكثير من أصحاب الدخول المرتفعة والشركات الكبرى لم يتعرضوا لأية مشكلات على الإطلاق خلال الفترة الماضية".
وفي ذات الاتجاه، قدرت شركة الخدمات المالية موديز أناليتيكس قبل فترة حجم الاقتصاد الأميركي في نهاية فترة رئاسة بايدن الأولى بما يزيد بنحو 960 مليار دولار عما كان يمكن أن يكون عليه بنهاية فترة رئاسية ثانية لترامب.