استمع إلى الملخص
- شهد الاقتصاد الإسرائيلي تباطؤاً في النمو، حيث عدل مكتب الإحصاء المركزي توقعاته للنمو بالهبوط للمرة الثانية هذا العام، مع توقعات بتحديات اقتصادية كبيرة بسبب الحرب متعددة الجبهات.
- قدم تقرير معهد آرون للسياسة الاقتصادية سيناريوهين لتأثير الحرب، يتوقع كلاهما انكماش الاقتصاد وارتفاع العجز ونسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، مما يستدعي زيادة الإيرادات مثل ضريبة القيمة المضافة.
تعرضت أنشطة أكثر من نصف الشركات الإسرائيلية للانكماش في الفترة من مايو/ أيار إلى يونيو/ حزيران الماضيين، بينما كان الضرر الأكبر من نصيب الشركات العاملة في المناطق المتاخمة لقطاع غزة جنوب فلسطين المحتلة وكذلك المنطقة الشمالية بالقرب من الحدود مع لبنان، وسط استمرار الحرب التي دخلت عامها الثاني، ما يلقي بظلال من الشك حول وعود حكومة بنيامين نتنياهو بتحقيق الأمن في هاتين المنطقتين وإعادة الاقتصاد إلى خانة النمو في الأمد القريب.
وأظهرت بيانات سلطة الضرائب التي أوردتها صحيفة معاريف الإسرائيلية أن نسبة الشركات التي سجلت انكماشاً في أنشطتها بلغت 56.7% تتصدرها الشركات العاملة في قطاع البناء والسياحة والترفيه، بينما لم تسجل سوى 43.3% من الشركات نمواً.
وأشارت الصحيفة إلى أن نسبة انكماش أنشطة الشركات تعاود الصعود، بعد أن تباطأت قليلاً في الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، عقب قفزة خلال الأشهر الأولى للحرب حتى نهاية 2023، حيث طاول الانكماش 60% من الشركات في الفترة من سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، ونحو 62% منها في نوفمبر/ تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول، قبل أن تتقلص النسبة قليلاً في شهري يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط 2024 ليطاول الانكماش 55.2% ثم 52.8% منها في مارس/ آذار وإبريل/ نيسان من هذا العام.
ويتجلى الضرر الجسيم بشكل خاص في قطاعات البناء، وقطاع الخدمات على رأسه السياحة، وقطاع الفن والترفيه. وفي هذه القطاعات سجلت الشركات انخفاضاً بنسبة 50% أو أكثر في حجم مبيعاتها مقارنة بالأشهر المقابلة من العام الماضي. ولدى تقسيمها حسب المنطقة الجغرافية، فإن شدة الأضرار التي لحقت بالأعمال على خط الصراع في الشمال (بالقرب من حدود لبنان) ومحيط غزة (جنوب) تبدو واضحة، وفق التقرير.
ومنتصف أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، عدل مكتب الإحصاء المركزي الحكومي توقعات النمو بالهبوط في إسرائيل للمرة الثانية هذا العام. وبحسب التقديرات بلغ النمو في الربع الثاني 0.3% على أساس سنوي، و0.1% على أساس ربع سنوي. مقارنة بنمو 0.7% على أساس سنوي، و0.2% على أساس ربع سنوي في التقدير الثاني، ونمو 1.2% على أساس سنوي و0.3% على أساس ربع سنوي في التقدير الأول. كما قلّص بنك إسرائيل المركزي في الأسبوع الأول من الشهر الجاري تقديراته للنمو في 2024 إلى 0.5% انخفاضاً من توقعات سابقة بنمو 1.5%، ما يفرض على وزارة المالية تعديل توقعات النمو الصادرة عنها سابقاً والمقدرة بـ 1.1% للعام الجاري.
وقد يكون للحرب متعددة الجبهات آثار وخيمة على اقتصاد إسرائيل المأزوم، حيث حذرت دراسة صادرة عن معهد آرون للسياسة الاقتصادية بجامعة رايخمان، نشرها موقع جيروزاليم بوست في وقت سابق من هذا الشهر من أن الحرب الشاملة ستكون لها تداعيات كبيرة.
وقد طرح التقرير سيناريوهين أمنيين محتملين، مع تقدير الأثر الاقتصادي لكل منهما. السيناريو الأول هو استمرار القتال بكثافة على الجبهة الشمالية لمدة شهر تقريباً. وفي هذه الحالة، سيشهد عام 2024 انكماش الاقتصاد بنسبة 3.1%، ما يعني انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنحو 5%، بحسب التقرير. وفي هذه الحالة، سيرتفع العجز إلى 9.2% من الناتج المحلي الإجمالي، وستبلغ نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي 71%. وفي عام 2025، توقع التقرير نمواً بنسبة 1.7%، وعجزاً بنسبة 7.8% من الناتج المحلي الإجمالي، ونسبة دين إلى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 76%. وتوقع التقرير أن تصل الفائدة على الدين في هذه الحالة إلى ما بين 6 إلى 8%.
وفي هذا السيناريو، يفترض التقرير أن رد حزب الله سيركز في الغالب على الجزء الشمالي من البلاد، ولكنه يؤثر أيضاً في وسط البلاد. ويفترض هذا السيناريو توقف النشاط الاقتصادي في الشمال، مع تأثر 70% من أرباب العمل، بسبب شدة القتال.
ويفترض هذا السيناريو أيضاً عدم التوصل إلى اتفاق مع المقاومة الفلسطينية في غزة، ما يعني استمرار القتال ما يتطلب عشرين ألف جندي احتياطي إضافي، بتكلفة سبعة مليارات شيكل سنوياً (حوالي 1.8 مليار دولار).
أما السيناريو الثاني وهو الأعنف على اقتصاد إسرائيل، وهو أن تخوض إسرائيل حرباً على جبهات متعددة ضد حزب الله وإيران. وفي هذه الحالة، سيشهد عام 2024 انكماشاً اقتصادياً بنسبة 4.8%، وهو ما يعني خسارة نحو 7% من الناتج المحلي الإجمالي، حسب تقديرات التقرير. إن التكاليف الباهظة لمثل هذه الحرب من شأنها أن تزيد العجز إلى 11.2% من الناتج المحلي الإجمالي، ونسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 74.5% في عام 2024. وفي هذه الحالة، في عام 2025، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد بنسبة 1.5%، وأن يبلغ العجز 11.3% من الناتج المحلي الإجمالي، وأن تصل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 82.5%، بحسب التقرير.
وارتفع العجز في الأشهر الاثني عشر حتى سبتمبر/ أيلول الماضي إلى 8.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 8.3% على أساس سنوي في أغسطس/ آب، بينما كانت وزارة المالية قد وضعت هدفاً للعجز عند 6.6% لهذا العام بأكمله.
وقال شاي أهارونوفيتش، مدير سلطة الضرائب في تصريحات لصحيفة معاريف، أمس الثلاثاء، إن العجز سيتجاوز الهدف المحدد بنسبة 6.6%، مشيراً إلى ضرورة اتخاذ إجراءات لزيادة الإيرادات منها زيادة ضريبة القيمة المضافة بنسبة 1%، إضافة إلى الزيادة التي تمت الموافقة عليها بالفعل. وكان الكنيست (البرلمان) قد صادق في مارس/ آذار الماضي على قرار الحكومة رفع ضريبة القيمة المضافة إلى 18% بدلاً من 17% الحالية، اعتباراً من الأول من يناير/ كانون الثاني 2025.
وأضاف أهارونوفيتش: "نحن في وضع اقتصادي صعب، لكي نشير للعالم أنه يجرى خفض عجز الموازنة، نحتاج كل عام إلى توليد إيرادات ضريبة تصل إلى حوالي 40 مليار شيكل (حوالي 11 مليار دولار)".