شهدت أسعار بعض السلع الغذائية تراجعاً في الأسواق العالمية خلال الشهر المنصرم، من بينها أسعار القمح والذرة الشامية.
وأظهر مؤشر أسعار الغذاء الذي تنشره منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو" انخفاضاً في المؤشر في شهر يونيو/حزيران الماضي وللشهر الثالث على التوالي، كما أنّ هنالك توقعات مشجعة لإنتاج القمح خلال العام الجاري من منتجين كبار مثل الولايات المتحدة.
من بين المؤشرات الإيجابية أيضاً إعلان أوكرانيا مغادرة أول شحنة حبوب ميناء أوديسا الأوكراني، صباح أمس الاثنين، بموجب اتفاق دولي مبرم مع روسيا في إسطنبول على ما أعلنت وزارة الدفاع التركية.
كما أعلنت الحكومة الأوكرانية، أنّ 16 سفينة محملة بالحبوب تنتظر دورها لمغادرة موانئ أوديسا نحو الأسواق التصديرية، وذلك بعدما غادرت أول شحنة البلاد، صباح الاثنين، بموجب الاتفاق، ما يمثل انفراجة لأزمة انقطاع السلع الأساسية من أحد أكبر الموردين العالميين للحبوب منذ اندلاع الحرب نهاية فبراير/شباط الماضي، والتي أضرت بالكثير من الدول المستوردة.
وقال وزير البنية التحتية الأوكراني أولكسندر كوبراكوف في بيان، إنّ "هناك 16 سفينة أخرى تنتظر دورها بالفعل في موانئ أوديسا الكبرى.. هذه هي السفن التي حُظرت منذ بداية الغزو الروسي الشامل"، مضيفاً: "اليوم تخطو أوكرانيا خطوة أخرى، مع شركائها، لمنع حدوث مجاعة في العالم".
لكن هل يعني ذلك أنّ أزمة الغذاء العالمية انتهت أو في طريقها للنهاية؟
في شأن تراجع أسعار القمح، تشير بيانات بورصة شيكاغو للسلع الأولية في نهاية يوليو/ تموز المنصرم إلى أنّ أسعار القمح تراجعت إلى المستويات التي كانت عليها في 24 فبراير الماضي، كما تراجعت كذلك أسعار الذرة الشامية إلى أدنى مستوياتها خلال العام الجاري.
وفي ذات الصدد، يتوقع اقتصاديو مصرف جي بي مورغان الأميركي في تقرير حول أسعار الغذاء، انخفاض معدل تضخم السلع الغذائية في الولايات المتحدة بمعدل يراوح بين 5.5% و6% في الربع الأخير من العام الجاري.
وربما يكون تقرير وزارة الزراعة الأميركية الأخير والاتفاق الذي وقع بين روسيا وأوكرانيا بوساطة تركية وتحت رعاية الأمم المتحدة من بين الأسباب التي رفعت التفاؤل بتبريد أسعار الغذائية لدى مصرف جي بي مورغان الاستثماري، وهي الأزمة الغذائية الأكبر التي هددت حتى الآن بتفاقم عدد الجياع في العالم ورفع أخطار الاستقرار السياسي بعدة دول.
لكن، يبدو أنّ أزمة الغذاء العالمية ما زالت بعيدة عن الحلّ وربما ستظل واحدة من الهواجس التي ستشغل الحكومات خلال أعوام عديدة مقبلة بسبب التغير المناخي وتداعياته على الإنتاج الزراعي.
من هذا المنطلق، يرى اقتصاديون أنّ إمدادات السلع الغذائية لاتزال مضطربة وسط تقلبات الطقس الشديد الحرارة في أوروبا وأميركا والجفاف والفيضانات في آسيا وأميركا الجنوبية التي تهدد إنتاجية المحاصيل وتحمل مفاجآت لأسواق الغذاء العالمية وسط تواصل اشتعال الحرب الروسية في أوكرانيا التي من غير المعروف حتى متى وكيف ستنتهي.
وتترقب الأسواق حالياً أن تتمكن الاتفاقية بين روسيا وأوكرانيا السماح بتصدير 22 مليون طن متري من القمح الأوكراني محاصرة في الموانئ الأوكرانية.
ومعروف أنّ روسيا وأوكرانيا من كبار مصدري القمح والحبوب في العالم، إذ تمدّ أوكرانيا العالم بنحو 16% من صادرات الذرة الشامية و40% من زيت عباد الشمس، إضافة إلى إمدادات القمح.
على صعيد البيانات السارة التي تدعم احتمال انخفاض حدة أسعار الغذاء العالمي، تتوقع وزارة الزراعة الأميركية ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة من القمح خلال العام الجاري بنحو 5%.
كما يتوقع تقرير صادر عن الوزارة تراجع الاستهلاك العالمي من القمح بنحو مليون طن متري خلال العام الجاري إلى 782.9 مليون طن متري، لكن هذا الرقم قد يرتفع إلى 782.9 مليون طن متري بسبب كميات الاستهلاك غير الدقيقة في بعض الدول.
كما يتوقع التقرير أن تتمكن كل من الأرجنتين وروسيا وأوزبكستان من زيادة صادراتها خلال العام الجاري وتعويض التراجع في صادرات القمح الهندي التي تراجعت بسبب إجراءات الحظر الحكومية التي أقرتها خلال شهر إبريل/ نيسان الماضي.
ويتوقع التقرير الأميركي ارتفاع إنتاج القمح الروسي إلى 80 مليون طن متر خلال العام الجاري.
لكن خبير أسواق السلع الغذائية بمصرف "رابو بانك"، كارلوس ميرا، يرى أن التقديرات الأميركية بشأن صادرات هذه الدول متفائلة أكثر من اللازم.
على صعيد البيانات التي تثير المخاوف من استمرار أزمة الغذاء العالمي توقعات تراجع إنتاج القمح في الصين، وهي الدولة الأكبر في إنتاج القمح بالعالم بنسبة 1.4% إلى 135 مليون طن.
وتعرضت المساحات الزراعية في الصين خلال العام الجاري لعدة كوارث طبيعية من بينها الجفاف والفيضانات.
من جهته، يشير تقرير للحكومة الهندية إلى انخفاض إنتاج القمح في البلاد بنحو 3.8 ملايين طن متري إلى 106 ملايين طن متري مقارنة بالإنتاج في العام الماضي.
وتتوقع وزارة الزراعة الأميركية في تقريرها الصادر في يونيو الماضي أن يتراجع إنتاج القمح العالمي في موسم العام 2022 ـ 2023 إلى 774.8 مليون طن متري، وهو أول تراجع في أربع سنوات ومنذ عام 2018.
كما تتوقع الوزارة انخفاض المخزون الاحتياطي العالمي من القمح إلى 267 مليون طن إلى أدنى مستوياته في ستّ سنوات. لكنّها تتوقع زيادة إنتاج الولايات المتحدة من القمح بنسبة 5% خلال العام الجاري.
والولايات المتحدة من كبرى الدول المصدرة للقمح وقد بلغت صادراتها في العام الماضي وفقاً لبيانات نشرة أرغوس الأميركية، نحو 21.9 مليون طن متري.
وتشير بيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو" الصادرة في يونيو/حزيران إلى أنّ مؤشر أسعار الغذاء العالمية تراجع إلى 154.2 نقطة من مستواها في مايو/أيار.
وما زال المؤشر مرتفعاً بنحو 29 نقطة عن مستواه في نفس الفترة من العام الماضي. وحسب بيانات "فاو" تراجعت أسعار الغذاء بنسبة 5.7% في يونيو الماضي.
لكن رغم هذا التراجع في المؤشر، فإنّ أسعار الغذاء ارتفعت في الولايات المتحدة بنسبة واحد في المائة خلال يوليو المنصرم.أسعار