انحسار قطاعات الأعمال الموسمية في اليمن

05 اغسطس 2021
الحرب أدت إلى ركود الحركة التجارية (محمد حمود/Getty)
+ الخط -

تأثير الأزمة الإنسانية والمعيشية والاقتصادية التي خلفتها حرب اليمن، ظهر بشكل واضح هذا العام في الموسم التجاري السنوي الذي يحلّ مع دخول موسم الصيف وبعض المناسبات، وما يتبعها من تنشيط للأسواق، إذ يدخل هذا التوقيت ما تُعرَف في كثير من المدن والمناطق اليمنية بفترة أعراس الصيف.
في هذا السياق، يوضح المحلل الاقتصادي نبيل الشماري، لـ"العربي الجديد" أنّ حراكاً واسعاً ينشط نتيجة تدفق أموال من منافذ مختلفة مع ضخ قطاعات تجارية مخصصاتها المالية لتوفير وشراء ما تحتاجه من بضائع وسلع موسمية رائجة خلال هذه الفترة بشكل خاص، مقارنة ببقية فترات العام.

يضيف الشماري أنّ كُثراً من المغتربين يحرصون على مضاعفة ما يرسلونه من مساعدات مالية لأسرهم وذويهم طوال أشهر الصيف لتلبية احتياجاتهم الغذائية والمعيشية والاستهلاكية، إلى جانب ما دأب عليه اليمنيون من معايشة بعض العادات والتقاليد في المناسبات الدينية والتجارية.

ويخلص المحلل الاقتصادي، إلى أنّ كلّ ذلك يساهم في تشكّل حركة مالية واسعة تجد طريقها إلى الأسواق ومختلف الأعمال والأنشطة وبروز أعمال مرتبطة بهذه الفترة تستقطب العديد من الأيدي العاملة وفرصة لكثير من المواطنين ممن لا يجدون غالباً أعمالاً منتظمة.

وتراجع كثير من الأعمال الموسمية في اليمن بسبب تبعات ومخلفات الأزمات التي تعيشها البلاد، إضافة إلى تبعات أخرى كفيروس كورونا الذي حرم كثيراً من الشركات ومكاتب السفريات من استغلال موسم الحج والعمرة، إلى جانب تأثر بعض القطاعات التجارية التي تنشط عادة خلال هذه الفترة من العام.
من ناحيته، يقول تاجر الذهب، عمران جعفر، لـ"العربي الجديد" إنّ الحركة متأرجحة في أسواق الذهب هذا الموسم مقارنة بالفترة نفسها من الأعوام السابقة، في ما يخص هذا النوع من البيع والشراء الخاص بمتطلبات واحتياجات الأعراس والتي يعدّ الذهب من أهم السلع الرائجة فيها، لكن، في المقابل، هناك حركة نسبية، في أسواق الذهب، نظراً لاتجاه كثير من المتعاملين والمواطنين والتجار ورجال الأعمال إلى المعدن النفيس كملاذ للاستثمار والادخار بسبب الاضطراب في سوق العملة وتراجع الحركة الاقتصادية والاستثمارية، كما يقول.
وميزت المعايدات المالية مناسبات اليمنيين كأهم تقليد واظبوا على ممارسته بحرص شديد. ويتحدث المواطن إبراهيم المحويتي، من سكان العاصمة صنعاء لـ"العربي الجديد" أنّه اعتاد على ارتياد المرافق والمتنزهات من خلال ما يحصل عليه أولاده الثلاثة من الأقارب ومختلف أفراد المجتمع الميسورين في نطاق الحي من مبالغ تكون أحياناً رمزية لكنّها تتجمع لتوفر مبلغاً يكفي للقيام بزيارة لأحد المتنزهات وإنفاقه على بعض الألعاب الخاصة بالأطفال وشراء بعض الاحتياجات والحلويات.
من جانبه، يشير العامل في إحدى حدائق صنعاء، عمار الصبري، لـ"العربي الجديد" إلى تراجع الإقبال على الحدائق والمتنزهات رغم الارتفاع النسبي هذا العام مقارنة بالعام الماضي نتيجة تأثير الإجراءات المتخذة لمكافحة فيروس كورونا.

ويشير مرتادون لهذه المتنزهات والحدائق والأماكن الترفيهية إلى أنّ إضافة هذه الجهات رسوم دخول تعتبر باهظة بالنسبة لهم، بنحو 500 ريال إلى 1000 ريال (الدولار = 600 ريال في صنعاء) بخلاف المبالغ التي تُدفع للخدمات المقدمة من هذه الأماكن، أدت إلى إحجام نسبة كبيرة منهم عن زيارتها في هذه المناسبات أو غيرها.
ويلاحظ تراجع عدد من التقاليد التي تساهم في ازدهار بعض الأنشطة والأعمال، وذلك بسبب الحرب والتدهور الاقتصادي والمعيشي الذي يطاول جميع أفراد المجتمع في اليمن. ويؤكد المواطن عارف بشير لـ"العربي الجديد" أنّ راتبه متوقف منذ عام 2016، ولم يكن هناك سوى نصف راتب سنوي تصرفه سلطات صنعاء وفق حديثه "لا يسمن ولا يغني من جوع".
ونتيجة لتدهور هذه الأوضاع المعيشية والأزمة الإنسانية المتفاقمة في اليمن، يواجه كثير من اليمنيين صعوبات شاقة في توفير متطلبات الحياة المعيشية والإنفاق على ما اعتادوا عليه من متطلبات ومستلزمات الطقوس والعادات والمناسبات السنوية ومختلف احتياجات ومتطلبات الحياة المعيشية.
ويرى الباحث المتخصص في علم الاجتماع الاقتصادي، محمد جمال، في حديثه لـ"العربي الجديد" أنّ أسراً كثيرة كانت تجمع مبالغ مقبولة للغاية تصل للبعض إلى أكثر من 100 ألف ريال مما تحصل عليه من مساعدات وعائدات الأعمال الموسمية بالإضافة إلى ما يرسله لها ذووها المغتربون في الخارج، فيُستخدم في قضاء ديون أو شراء بعض المتطلبات الغذائية والمعيشية.

المساهمون