اليمن تحت صدمة العزلة: انقطاع الإنترنت يشلّ الأسواق

26 يناير 2022
التحويلات المالية تعطلت لمدة 4 أيام (فرانس برس)
+ الخط -

عاش اليمن أربعة أيام في عزلة تامة عن العالم الخارجي بعد توقف مفاجئ لخدمة الاتصالات والإنترنت شمل معظم محافظات البلاد التي عاش سكانها في جحيم وقلق وتوتر لم يعهدوه منذ سنوات، بعد قصف طيران التحالف لشبكة الإنترنت الرئيسية في محافظة الحديدة غربي البلاد أو ما يسمى بالبوابة الإلكترونية.
وعادت خدمات الإنترنت إلى حد كبير في اليمن، يوم الثلاثاء، بعد انقطاع استمر أربعة أيام عقب الضربات الجوية التي ألحقت أضرارا بالبنية التحتية للاتصالات. وقالت وزارة الاتصالات التابعة لجماعة الحوثي المتحالفة مع إيران إن الخدمات عادت في كل المحافظات بعد إصلاح أولي.

فزع قطاعات الأعمال
دب فزع كبير على أثر العزلة في قطاعات المال والأعمال والبنوك، بعدما توقفت حركتها عن العمل مع تعطل حركة التحويلات المالية لعدم وجود شبكة إنترنت، إضافة إلى تكبد شركات خسائر فادحة في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وتقنيات المعلومات والأعمال المعتمدة بشكل كلي على شبكة الاتصالات والإنترنت.

تحولت صنعاء ومعظم المدن اليمنية إلى مناطق أشباح مع تزامن توقف خدمة الاتصالات وشبكة الإنترنت بشكل كلي

وتحولت صنعاء ومعظم المدن اليمنية إلى مناطق أشباح مع تزامن توقف خدمة الاتصالات وشبكة الإنترنت بشكل كلي مع أزمات انعدام الوقود وتأثيراته على قطاعات أخرى مثل انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة خصوصًا في فترات المساء كما لوحظ ذلك في العاصمة اليمنية صنعاء التي تعتمد بنسبة كبيرة على الكهرباء التجارية منذ نحو خمسة أعوام، بعكس مدن أخرى مثل عدن في جنوب اليمن التي تغذيها محطات الكهرباء الحكومية.

المهندس المتخصص في تقنية المعلومات مروان الشوافي، يؤكد لـ"العربي الجديد"، أن ما جرى يمثل استهدافا للاقتصاد الرقمي في اليمن والذي أصبح يشكل أهمية كبيرة في الاقتصاد الوطني ونمو وتطور قطاعات الأعمال والاستثمار.
ويضيف أن ذلك يقوض توجهات اليمن رغم كون البلاد في وضعية حرب وصراع مدمر منذ سبع سنوات، في التحول نحو الاقتصاد الرقمي.
ويبلغ عدد الأفراد المستخدمين لشبكة الإنترنت في اليمن حوالي 6.3 ملايين مستخدم وفق بيانات إحصائية صادرة مطلع العام 2021، مقارنة بحوالي 3.2 ملايين مستخدم عام 2014، ما يشير إلى ارتفاع نسبة مستخدمي الإنترنت بصورة كبيرة.
كما يصل عدد مشتركي خدمة الإنترنت ذات النطاق العريض "الحزمة العريضة" إلى 623 ألف مشترك بزيادة قدرها 350 ألف مشترك مقارنة بعام 2014.

يبلغ عدد الأفراد المستخدمين لشبكة الإنترنت في اليمن حوالي 6.3 ملايين مستخدم وفق بيانات إحصائية صادرة مطلع العام 2021،

وكان اليمن قد عاش أجواء مماثلة في نفس هذه الفترة من شهر يناير/ كانون الثاني من العام 2020، لكنها أقل حدة من الصدمة الراهنة، بعد خروج 80% من شبكة الإنترنت عن الخدمة بسبب تعرض الكابل البحري (فالكون) للانقطاع في قناة السويس، لتستمر الأزمة لمدة أسبوع وتسبب خسائر قدرها خبراء بأكثر من 8 مليارات ريال.

أيام عصيبة
قال مواطنون وتجار ورجال أعمال لـ"العربي الجديد" إنهم عاشوا أياما عصيبة مع توقف الإنترنت وبقائهم في منازلهم لا يستطيعون الخروج إلى أعمالهم وممارسة حياتهم التي اعتادوا عليها.
ويقول مسؤول الاتصال والإعلام في الغرفة التجارية المركزية بأمانة العاصمة صنعاء، أحمد حسن، لـ"العربي الجديد" إن القطاع التجاري الخاص تأثر بشكل كبير بأزمة توقف الإنترنت وتعطلت كثير من الأعمال والشركات والمؤسسات بالذات تلك التي يتطلب عملها استخدام شبكة الإنترنت والمرتبطة بمؤسسات وشركات خارجية مماثلة.

ويشير حسن إلى أن كثيراً من مؤسسات القطاع التجاري الخاص في اليمن لا تمتلك أي بدائل كما يلاحظ في بعض المصارف ومؤسسات الأعمال الأخرى. وتستخدم قطاعات أعمال وبعض المصارف شبكات إنترنت فضائي وهو غير متاح للأفراد أو لكثير من مؤسسات المال والأعمال والشركات لارتفاع تكاليفه.
وتتميز شبكات الإنترنت التي يطلق عليها "واي ماكس" بالسرعة العالية والعمل على عدة أنواع من الشبكات نظرا لمرونة معايير أدوات التشغيل والحماية الأمنية العالمية.
الموظف في إحدى شركات الأعمال، ماجد صلاح، يقول لـ"العربي الجديد"، إنه فضل البقاء في منزله وعدم الذهاب إلى العمل والجلوس على المكتب بدون القيام بمهام عمله اليومي لعدم وجود إنترنت، إضافة إلى صعوبة التنقل بسبب أزمة الوقود وانخفاض عدد حافلات النقل العاملة التي أصبحت لا تزيد على عدد أصابع اليد في مدينة واسعة مترامية الأطراف وتعيش فيها كتلة سكانية كبيرة من مختلف المحافظات اليمنية.

يعيش اليمن صراعا كبيرا بين السلطات المعنية التابعة لوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات الخاضعة لسيطرة الحوثيين بسبب ظاهرة الإنترنت الفضائي

أما العامل في مجال البرمجة الإلكترونية، محمد عباس، فيوضح لـ"العربي الجديد"، أن كثيراً من الأعمال والخدمات اليومية للمواطنين أصبحت لا تقدم إلا عبر الإنترنت، لذا فإن هناك أضرارا بالغة لحقت بشريحة واسعة من اليمنيين جراء ما يعتبره استهدافا لمنشأة مدنية بالقصف بهدف تدميرها وتعطيلها.

عقاب جماعي
يعيش اليمن صراعا كبيرا بين السلطات المعنية التابعة لوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات الخاضعة لسيطرة الحوثيين بسبب ظاهرة الإنترنت الفضائي في الآونة الأخيرة في عدد من المدن اليمنية، الأمر الذي أدى إلى تدخل هذه السلطات وتحذيرها المتواصل من لجوء بعض ملاك الشبكات إلى الانترنت الفضائي، لما له من أثار كارثية على الاقتصاد الوطني، حسب الحوثيين.
وقامت شركة "يمن نت" المزود الوحيد والحصري للإنترنت في اليمن برفع أسعار الاشتراكات بالرغم من ضعف سرعة الانترنت التي تُعتبر رديئة جداً لا تتجاوز 4 ميغا، فضلا عن كونها الأسوأ على مستوى العالم، ومع ذلك رفعت الشركة الأسعار بنسبة 130% خلال الفترة الأخيرة، ما يمثل حسب مستخدمين للخدمة جرعة سعرية على المواطن الذي يعيش أسوأ كارثة إنسانية في العالم من مختلف النواحي.

المساهمون