- الرسوم الجمركية تمثل ضريبة على السلع المستوردة، حيث يعتقد مؤيدوها أنها تستهدف الشركات الأجنبية، بينما يرى المعارضون أن المستهلك الأميركي يتحمل التكلفة، مما يرفع أسعار السلع المستوردة.
- ترامب يقترح تعريفة 20% على جميع الواردات، مما قد يكلف الأسرة الأميركية المتوسطة أكثر من 2600 دولار سنوياً، مع احتمال زيادة الأسعار بسبب تكلفة العمالة المرتفعة.
إذا فاز الرئيس السابق دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة غدا الثلاثاء وفرض الرسوم الجمركية التي اقترحها على جميع الواردات الأميركية، فمن المحتمل أن يتحمل المستهلكون والشركات الأميركية أكبر قدر من التكاليف المضافة، وذلك على عكس ما روج له المرشح الجمهوري على مدار شهور، خلال حملته الانتخابية.
ويرى الاقتصاديون غير الحزبيين في الدوائر الاميركية أن أغلب أسعار السلع والخدمات في الولايات المتحدة سترتفع حال فرض ترامب رسومه، إلا أنهم وجدوا صعوبة في تحديد مقدار ارتفاع الأسعار ومدى سرعته. ويجمع هؤلاء على إمكانية المراهنة باطمئنان على أن المواطن الأميركي العادي سيحتاج إلى المزيد من الأموال لشراء نفس القدر من السلع اليومية، إذا ما تم تطبيق الرسوم الجمركية واسعة النطاق التي يخطط لها ترامب.
وقال فيليب دانييل، الرئيس التنفيذي لشركة أوتو زون، وهي واحدة من أكبر بائعي مستلزمات وقطع غيار السيارات في الولايات المتحدة، خلال مكالمة حول الأرباح الشهر الماضي: "إذا تحملنا الرسوم الجمركية الجديدة، فسوف نمرر تلك التكاليف إلى المستهلك". وأشار دانييل إلى أن شركته لن تنتظر حتى تُطبق السياسات؛ فبمجرد معرفة مقدار الزيادة، "نقوم عادةً برفع الأسعار مسبقاً".
ما هي الرسوم الجمركية التي يقترح ترامب فرضها؟
تمثل الرسوم الجمركية ضريبة على السلع المستوردة، من ملابس وأحذية وألعاب وقطع غيار السيارات وأجهزة وغيرها. وفي حين يرى مؤيدو فرضها من أنصار ترامب أنها تمثل ضرائب تفرض على الشركات الأجنبية، يرى المعارضون، وأغلبهم من أنصار مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، أن المال الإضافي لا يأتي من الشركات الأجنبية التي تنتج هذه السلع.
يضاعف ترامب رهاناته على أجندة تجارية غير مسبوقة ستؤدي، وفقاً لأغلب المحللين الاقتصاديين، إلى رفع أسعار السلع المستوردة من جميع أنحاء العالم
ويقول هؤلاء إن الشركة الأميركية التي تقوم بالاستيراد هي من يدفع المال لوزارة الخزانة الأميركية، وغالباً ما يعني ذلك أن المستهلك هو الذي يتحمل تكلفة الرسوم الجمركية الإضافية.
ويضاعف ترامب رهاناته على أجندة تجارية غير مسبوقة ستؤدي، وفقاً لأغلب المحللين الاقتصاديين، إلى رفع أسعار السلع المستوردة من جميع أنحاء العالم، كما تظهر بيانات التجارة الدولية للسنوات الستة الماضية، والتي سرت خلالها قوانين الرسوم الجمركية التي شرع ترامب في فرضها، خلال فترة رئاسته الأولى.
وفي عام 2018، وبعد أقل من عامين من وصوله إلى البيت الأبيض، فرض ترامب تعريفات بنسبة تتراوح بين 30% و50% على السلع المستوردة من الصين، مما دفع بكين إلى الرد بتعريفات خاصة بها على السلع الأميركية، ومنها الألمنيوم والطائرات والسيارات ولحم الخنزير وفول الصويا. ومنذ ذلك الحين، لم تتوقف المدفعية التجارية بين الاقتصادين الأكبر في العالم.
ولسوء الحظ، لم تكن الرسوم الجمركية وحدها في تعقيد ميزانيات ملايين الأسر في الولايات المتحدة، إذ جاءت الجائحة لتعقد سلاسل التوريد وتؤدي لمزيد من رفع الأسعار. وخلص العديد من الدراسات إلى أن تكلفة تلك الرسوم الجمركية تحملها بالكامل تقريباً المستهلكون والشركات الأميركية. ونهاية عام 2019، كان المنزل الأميركي العادي يدفع قرابة 500 دولار إضافية سنوياً، وفقاً لأحد التحليلات.
وهذه المرة، إذا أُعيد انتخابه، يقترح ترامب فرض تعريفة بنسبة 20% على جميع الواردات الأميركية، في خطوة غير مسبوقة، بالإضافة إلى فرض رسوم أعلى بنسبة 60% على الصين وشركاء تجاريين رئيسيين آخرين. ووفقاً لبحث من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، فقد تكلف هذه التغييرات في الرسوم الجمركية المفروضة الأسرة الأميركية ذات الدخل المتوسط أكثر من 2600 دولار سنوياً.
ومع تكرار ترامب ادعاءاته بأن الكيانات الأجنبية هي التي ستدفع التكلفة الإضافية، تؤكد حملته وداعموه أنه يحاول إجبار الشركات الأميركية على إعادة عملياتها الخارجية إلى الأراضي الأميركية، دعماً لخلق وظائف جديدة. لكن البعض يرى أن تكلفة العمالة في الولايات المتحدة مرتفعة، وبناء عليه، يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة الأسعار.
وحتى لو تمكنت الرسوم الجمركية من عكس عقود من العولمة، فمن غير المرجح أن تحقق التأثير الذي يأمل فيه ترامب. وأخبر تيموثي بويل، الرئيس التنفيذي لشركة كولومبيا للملابس الرياضية، المستثمرين مؤخراً أن "القول إن الرسوم الجمركية تُحسن الإنتاج المحلي للسلع مثل الأحذية والملابس، هو قول زائف، فالسلع التي نتعامل بها تخضع لرسوم عالية بالفعل في الولايات المتحدة، حيث تصل بعض المنتجات إلى نسب تقارب 40%، وهذا لم يترجم إلى زيادة بالاستثمار في الإنتاج المحلي".
وفي مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست الأسبوع الماضي، كان بويل أكثر وضوحاً، إذ قال إن الشركة تخطط بالفعل لرفع الأسعار. وأضاف: "نحن نشتري بضائع اليوم للتسليم في الخريف القادم. لذلك سنواجه الأمر ونرفع الأسعار. سيكون من الصعب جداً إبقاء المنتجات ميسورة التكلفة للأميركيين".
ولا يعني ذلك أن جميع المنتجات سترتفع أسعارها فوراً، إذ تميل الشركات الكبرى ذات الهوامش الأوسع إلى محاولة امتصاص جزء من التكلفة الإضافية قبل أن تمررها إلى المستهلكين.
وأشارت وكالة أسوشييتد برس الشهر الماضي إلى أحد مشاريع ترامب التجارية الخاصة، وهو طباعة "إنجيل ترامب"، كاشفةً أنه يُنتج بواسطة شركة طباعة صينية. ورغم أن هذا لا يعد أمراً نادراً في صناعة النشر، إلا أنه يمثل مفارقة سياسية لترامب الذي انتقد سياسات الصين التجارية لسنوات. ووجدت أسوشييتد برس أن تكاليف طباعة هذه الكتب، التي تُباع بنحو 60 دولاراً، تقل عن ثلاثة دولارات للكتاب.
ومع هذا النوع من الهوامش الربحية، يمكن للشركة التابعة لترامب أن تتحمل تكاليف التعريفات الخاصة به، إلى جانب الشحن والرسوم الأخرى، من دون رفع الأسعار، كما تقول الوكالة.
أما الشركات الكبرى مثل وولمارت وتارجت، فهي قادرة على إبقاء الأسعار ثابتة بفضل قدرتها على التفاوض مع الموردين، لكن الشركات الصغيرة، التي توظف قرابة نصف القوى العاملة الأميركية، ليست في نفس الوضع. وغالباً ما تعمل هذه الشركات بهوامش ضيقة وكميات كبيرة، مما يعني أن فرض الرسوم الجمركية سيدفعها إلى رفع الأسعار أو تقليل كبير في التكاليف، وهنا يبدأ خطر تسريح العمالة.