استمع إلى الملخص
- **إجراءات وقائية غير كافية:** تقليص كميات المواد الخطرة في المصانع بعد اغتيال قيادات من حزب الله وحماس لم يطمئن المستوطنين في حيفا والشمال، مما يزيد من قلقهم من الأضرار المحتملة.
- **تهديدات حزب الله وتحديات الحكومة:** تصريحات حسن نصر الله حول استهداف المرافق الاستراتيجية في خليج حيفا تزيد من الهلع، مع عدم قدرة الحكومات على نقل المصانع البتروكيميائية، مما يعزز خطورة الوضع.
في إطار تحسّبه لردّ من إيران وحزب الله على اغتيالاته الأخيرة وما قد يستتبع ذلك من احتمال اندلاع حرب موسّعة، يخشى الاحتلال الإسرائيلي من استهداف النفط الإسرائيلي عبر مصافي تكرير النفط في خليج حيفا وسائر مجمعات الصناعات البتروكيميائية في محيطه.
وحسب ما ذكره موقع صحيفة "هآرتس" مساء أمس الأربعاء، فإن ما يثير قلق دوائر القرار في تل أبيب وسلطات الحكم المحلي وعامة المستوطنين في الشمال، خطورة استهداف المرافق الاقتصادية الاستراتيجية في خليج حيفا. والخوف لا يتمثل فقط في مستوى التدمير الذي سيلحق بهذه المرافق وما يتبعه من توقف عملية الإنتاج وما يترتب عليه من خسائر فادحة، بل إن سيناريو اندلاع الحرب يؤجج أيضا مشاعر الفزع من إمكانية تسرب مواد كيميائية سامة ذات مستوى خطورة كبير إلى التجمعات الاستيطانية المتواجدة في محيط الميناء والتي تمتاز بكثافتها السكانية العالية، في المدينة التي تعد ثالث أكبر مدينة محتلة.
وذكرت الصحيفة أنه في أعقاب اغتيال كل من فؤاد شكر القيادي البارز في حزب الله ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، أمرت قيادة الجبهة الداخلية في جيش الاحتلال جميع المصانع في خليج حيفا بتقليص كميات المواد الخطرة التي تستخدمها في الأنشطة الصناعية.
واستدركت الصحيفة في تقرير أعده الصحافي عادي حشمونئي أن المستوطنين في مدينة حيفا، التي يطلق عليها "عاصمة الشمال"، وبقية المستوطنين في منطقة الشمال يدركون أن إجراءات قيادة الجبهة الداخلية في الجيش لن تقلص الأضرار الناجمة عن استهداف مجمعات الصناعات البتروكيميائية وتحديدا مصافي تكرير النفط في خليج حيفا، على اعتبار أن هؤلاء المستوطنين يعون أن أي استهداف لهذه المصافي ستكون له تبعات بالغة الخطورة على واحدة من المناطق الأكثر اكتظاظا بالسكان.
إمكانية استهداف النفط الإسرائيلي
ونقلت الصحيفة عن رويت شطوسال، إحدى المستوطنات التي تعيش في أحد الأحياء الاستيطانية المحيطة بخليج حيفا، والتي تقود مجموعة "فلننظف خليج حيفا": "نحن في الواقع نعيش فوق قنبلة موقوتة كبيرة جدا، وقلقون جدا مما يمكن أن يحدث هنا حال اندلعت الحرب".
وحسب شطوسال، فإن هناك 1500 موقع في خليج حيفا تستخدم 800 من المواد الكيميائية السامة ذات التأثير الضار على جمهور المستوطنين في المنطقة.
وقالت الصحيفة إن ما يفاقم مظاهر الهلع في أوساط أرباب المرافق الاقتصادية في الخليج والمستوطنين الذين يعيشون في الشمال أن أمين عام حزب الله حسن نصر الله ألمح في الخطاب الذي ألقاه أول من أمس الثلاثاء مجددا نية الحزب استهداف المرافق الاستراتيجية الحساسة في خليج حيفا، في حال اندلعت مواجهة مع جيش الاحتلال.
وتشير الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن حكومة الاحتلال قد فرّغت في السنوات الأخيرة خزان الأمونيا الضخم في خليج حيفا من محتواه بسبب الخطورة الكبيرة التي يمكن أن تحدثها هذه المادة الكيميائية، فإن أرباب المرافق الاقتصادية والمستوطنين في المنطقة يرون أن أي هجوم على خليج حيفا سيفضي إلى تسرب مواد وغازات سامة من مجمع الصناعات البتروكيميائية، وضمنها معامل تكرير النفط بشكل يفضي إلى خسائر كبيرة في الأرواح، فضلا عن الخسائر الهائلة التي ستلحق بقطاع الصناعات البتروكيميائية واقتصادات الطاقة.
ومما يزيد الأمور تعقيدا، كما ترى الصحيفة، أن حكومات تل أبيب المتعاقبة، لم تنجح في الوفاء بتعهداتها بإخراج مصانع البتروكيميائيات من خليج حيفا، لأنه لا يوجد إمكانية واقعية للوفاء بهذه التعهدات. وتبرز الصحيفة حقيقة أن خليج حيفا يضم أيضا مخزنا كبيرا للغاز الطبيعي، مما يفاقم خطورة أي استهداف عسكري للمنطقة بشكل يزيد من خطورة تسرب المواد الكيميائية السامة والخطيرة.
لكن نوعا شاك، وهي مستوطنة تعمل مهندسة وتقطن في مدينة حيفا، تشير إلى مشكلة أخرى تتمثل في أن الخطر لا يتهدد فقط المرافق الاقتصادية في خليج حيفا، بل إن المرافق الاقتصادية والخدماتية في قلب المدينة، التي يقطنها 300 ألف مستوطن، يمكن أن تتعرض لخطر كبير بسبب قربها الشديد من مواقع عسكرية قد تُستهدف من قبل حزب الله خلال مواجهة شاملة.
المخاطر قائمة
وفي ذات السياق، أوضح موقع "واللاه" أن تفريغ مخزن الأمونيا في خليج حيفا من محتواه، لن يقلص المخاطر الناجمة عن هذه المادة بالغة الخطورة، والتي يرجح أن يؤثر تسربها إلى موت عدد كبير من المستوطنين، بفعل تأثيرها الخطير على الجهاز التنفسي والجلد.
وفي تقرير أعده الصحافي يوآف إتئيل، أبرز الموقع أن معظم مصانع البتروكيميائيات في خليج حيفا تستخدم الأمونيا في عمليات الإنتاج، مما يجعلها مضطرة للاحتفاظ بكميات كبيرة من هذه المادة، وهذا يفاقم خطورة استهداف هذه المصانع حال اندلعت الحرب.
وأفاد الموقع بأنه على الرغم من أن حزب الله يركز في تهديداته على استهداف خليج حيفا، إلا أن المدينة ومحيطها يضمان الكثير من المرافق الصناعية والخدماتية ذات الأهمية الاستراتيجية، لا سيما مصانع الإنتاج الحربي، ومعسكرات الجيش، ومحطات توليد الطاقة وغيرها.
وعلى الرغم من تطمينات قيادة جيش الاحتلال وبلدية حيفا، فإن كل الدلائل تشير إلى أن الاحتلال غير جاهز لمواجهة تبعات استهداف المرافق الاقتصادية الاستراتيجية في مدينة حيفا وخليجها، كما يشير الموقع. موضحا أن الحكومات المتعاقبة لم تتمكن من توفير ملاجئ إلا لنصف المستوطنين الذين يقطنون في المدينة ومحيطها.
ومما يزيد الأمور تعقيدا أن كلا من المستويات الحكومية وسلطات الحكم المحلي في الشمال تدرك تماما أن لدى حزب الله معلومات استخبارية دقيقة حول أماكن وجود المرافق الاقتصادية الاستراتيجية في خليج حيفا. كما دلت على ذلك الفيديوهات التي نشرها الحزب والتقطتها مسيرات "الهدهد" التجسسية التي حلقت فوق خليج حيفا ومحيطه، فضلا عن تأكد جيش الاحتلال من حيازة حزب الله صواريخ ذات قدرة على تحقيق إصابات دقيقة في الأهداف التي يتم تحديدها.