المغرب يراهن على الأسمدة لتحسين الإيرادات

01 يونيو 2023
نساء يقفن أمام منجم فوسفات في المغرب (نيك ويلر/Getty)
+ الخط -

رغم تراجع عائدات الفوسفات والأسمدة منذ بداية العام الحالي بعد بلوغها مستوى قياسيا في العام الماضي، إلا أن المغرب يبدي نوعا من التفاؤل حول عودة الطلب العالمي على الأسمدة، الأمر الذي من شأنه أن يتيح تحقيق نتائج واعدة.
وسجلت إيرادات المجمع الشريف للفوسفات " حكومي" الرائد العالمي في سوق الأسمدة، في الثلاثة أشهر الأولى، تراجعا بنسبة 28 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، كي تستقر في حدود 1.8 مليار دولار، غير أنها تبقى مرتفعة مقارنة بالأعوام التي سبقت العام الماضي.

انخفاض الإيرادات
وذهب مكتب الصرف الحكومي إلى تراجع صادرات الفوسفات ومشتقاته إلى 1.83 مليار دولار في نهاية شهر مارس/ آذار الماضي، مقابل 2.45 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، مبررا ذلك بانخفاض إيرادات مبيعات الأسمدة بـ22.9 في المائة والحامض الفوسفوري بـ30.8 في المائة والفوسفات الخام بـ29.1 في المائة.
يجد ذلك تفسيرا، حسب المجمع، في انخفاض أسعار الأسمدة الفوسفاتية، في ظل تراجع أسعار المواد الأولية مثل الكبريت والأمونياك في السوق الدولية.

غير أن هناك سببا آخر يفسر تراجع الأسعار والإيرادات، ويتمثل في انخفاض الطلب الذي تعبر عنه البلدان المستوردة، باستثناء الهند والبرازيل.
ولم يدفع انخفاض الأسعار بلدانا مستوردة إلى الإقبال بكثافة على الأسمدة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، حيث تتريث متوقعة تواصل انخفاض الأسعار في السوق الدولية.
غير أن المجمع الشريف للفوسفات الذي أنفق حوالي 564 مليون دولار من أجل إنجاز استثمارات في الربع الأول من العام الجاري، يبدي تفاؤلا حول عودة الطلب، إذ يراهن على لجوء بعض المناطق إلى تكوين مخزون من الأسمدة في الأشهر المقبلة.

تراجع الصادرات
وتوقع البنك الدولي في نشرة له عن آفاق أسواق السلع الأولية، أن تنخفض أسعار الأسمدة بنسبة 37 في المائة في العام الحالي، مؤكدا أن ذلك سيمثل أكبر انخفاض سنوي لها منذ عام 1974. ومع ذلك، لا تزال أسعار الأسمدة قريبة من آخر ارتفاع لها والذي شهدته في أثناء أزمة الغذاء 2008/ 2009.
وتوقع بنك المغرب تراجع صادرات الفوسفات ومشتقاته مع ترقب أن انخفاض أسعار الفوسفات الخام من 266 دولارا للطن الواحد في العام الماضي إلى 200 دولار في العام الحالي، وانخفاض أسعار الأسمدة من 772 إلى 750 دولارا للطن.
وكان المغرب حقق أرباحا قياسية في العام الماضي من مبيعات الفوسفات ومشتقاته، في ظل ارتفاع أسعار الأسمدة، حيث زادت أرباح المجمع الشريف للفوسفات بنسبة 72 في المائة لتقفز إلى 2.8 مليار دولار.
جاء ذلك بعدما قفزت مبيعات المجمع إلى 11.4 مليار دولار في العام الماضي، مقابل 8 مليارات دولار في عام 2021، حيث استفاد من ارتفاع الأسعار واضطراب سلاسل التوريد المرتبطة بالحرب في أوكرانيا وانخفاض الصادرات الصينية، غير أنه تأتى كذلك بفضل تنويع الأسواق.

مرونة مع التغيرات
ويرنو المجمع الذي يتحكم في حوالي 72 في المائة في مخزون الفوسفات في العالم، إلى تحقيق رقم مبيعات بحوالي 10 مليارات دولار في العام، بعد السياسة الاستثمارية الطموح التي كشف عنها في العام الماضي.

ويرى الاقتصادي المغربي محمد الشيكر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الإيرادات الحالية تتجاوز في الربع الأول ما تحقق قبل العام الماضي، ملاحظا أن المجمع الشريف للفوسفات كصانع للسوق يعتمد نوعا من المرونة في التفاعل مع التغيرات التي تعرفها، مسجلا أنه يحافظ على هوامش ربحية مهمة رغم انخفاض أسعار الأسمدة مستفيدا من انخفاض أسعار الغاز والأمونياك.
ويسجل أن المجمع دأب منذ أكثر من عقد ونصف العقد على سياسة تقدم على توسيع حضوره في السوق العالمية عبر مصانع في بلدان أفريقية والعمل على تقليص التكاليف وتثمين الفوسفات الخام عبر توفير الأسمدة التي تتيح هوامش أرباح مهمة.
ويلاحظ الشيكر أن المجمع اعتمد سياسة في مجال البحث والتطوير تساعده على توفير أسمدة، خاصة للقارة الأفريقية، تستجيب لطبيعة التربة وتراعي توقعات المزارعين، مشيرا إلى لجوئه لإطلاق مشاريع لبناء مصانع لإنتاج الأسمدة في بلدان أفريقية مثل إثيوبيا.

رفع القدرة الإنتاجية
وكان المجمع كشف من أجل تأكيد ريادته في السوق إطلاق برنامج استثماري بقيمة 13 مليار دولار للفترة الممتدة بين 2023 و2027، حيث يستهدف زيادة القدرات الاستخراجية ورفع إنتاج الأسمدة وتحقيق الحياد الكربوني.
وتتجه الشركة في ظل توقع ارتفاع الطلب على الأسمدة في الأعوام المقبلة إلى رفع قدراتها الإنتاجية إلى 19 مليون طن، حيث ستزيد بـ3 ملايين طن في العام الحالي و4 ملايين طن في 2026.
ويتوفر المجمع على هوامش كبيرة من أجل رفع قدراته الإنتاجية، بالنظر إلى التقديرات حول استهلاك القارة الأفريقية للأسمدة، التي تحتاج حوالي 8 ملايين طن في العام، بينما يفترض أن تزيد استهلاكها إلى 40 مليون طن لتأمين أمنها الغذائي.

المساهمون