المغرب: مخاوف من تحرير الأسعار وسط موجات من الغلاء

15 نوفمبر 2022
الغلاء يفاقم معيشة المواطنين (Getty)
+ الخط -

تراهن الحكومة المغربية على السجل الاجتماعي الموحد الذي سيُبرز الفئات المستحقة للدعم المباشر عوض الدعم عبر الموازنة، غير أن تفكيك الدعم يثير مخاوف من تحرير الأسعار في سياق متسم بالغلاء والصعوبات التي تعاني منها الطبقة المتوسطة.

ولم تكف الحكومة عن التأكيد على مواصلة دعم السكر والدقيق وغاز الطهو عبر صندوق المقاصة، حيث رصدت له 2.6 مليار دولار في مشروع قانون مالية العام المقبل، الذي يناقشه البرلمان في الفترة الحالية. ويتجلى أن ميزانية المقاصة للعام المقبل أقل من تلك التي برمجت في العام الحالي، حيث يرتقب أن تقفز إلى 3.3 مليارات دولار، بعدما كانت خصصت لها الحكومة 1.7 مليار دولار في بداية العام.

غير أنه تحت تأثير الظرفية المتسمة بارتفاع أسعار المواد الأولية، عمدت الحكومة إلى زيادة مخصصات الدعم ليبلغ 4 مليارات دولار، عند استحصال مساعدة بـ540 مليون دولار للنقل الطرقي بهدف التخفيف من تداعيات ارتفاع أسعار السولار وتخصيص 200 مليون دولار لدعم السياحة.

وتفيد بيانات الخزانة للمملكة، الصادرة أمس الإثنين، بأن نفقات الدعم عبر صندوق المقاصة وصلت إلى 2.83 مليار درهم في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مسجلة زيادة بنسبة 157.3 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وأُفضى ارتفاع أسعار السولار والبنزين إلى ظهور مطالب بدعم هاتين السلعتين، إلا أن وزير الموازنة، فوزي لقجع، أكد في رده على مناقشة مشروع قانون المالية أن الإبقاء على الكلفة المالية السنوية التي يتعين تحملها، في حالة الإبقاء على دعم المنتجات البترولية السائلة، كانت ستناهز 8.7 مليارات دولار.

ويشدد لقجع على أن ذلك المبلغ كان سيدفع الحكومة إلى التخلي عن ميزانية الاستثمار بأكملها، ما يعني في تصوره التخلي عن تنفيذ مشاريع ذات علاقة بالصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، مشددا على أن ذلك قد يفضي إلى التخلي عن السيادة المالية، في إشارة إلى إمكانية اللجوء في تلك الحالة إلى الإمعان في الاستدانة.

وترى بعثة صندوق النقد الدولي، التي زارت المغرب أخيرا، أن تحسين استهداف الدعم عبر إدخال السجل الاجتماعي الموحد سيتيح إمكانيات مالية ويسمح بتقليص المديونية على المدى المتوسط.

ويتجه المغرب نحو ما تعتبره الحكومة إصلاحا لصندوق المقاصة، حيث يراد تفعيل السجل الاجتماعي الموحد، الذي ترنو الحكومة من ورائه إلى استهداف الفئات التي تعتبرها مستحقة للدعم. ويتوقع تسجيل عشرة ملايين مستفيد في السجل الاجتماعي الموحد في العام المقبل، كي يرفع ذلك العدد من سبعة عشر مليونا إلى اثنين وعشرين مليونا بين 2024 و2025.

وكان وزير الموازنة أكد أنه اعتبارا من العام المقبل، سيُحوّل دعم مباشر في حدود ملياري دولار للأسر التي تعيش وضعية هشاشة.

وشدد على أن إلغاء الدعم الذي يستفيد منه السكر وغاز الطهو والدقيق سيبدأ عندما ستشرع الحكومة في تمكين الأسر من الدعم المباشر.

ويأتي التوجه نحو إلغاء الدعم في سياق مغربي صعب يتسم بارتفاع الأسعار، ما يؤشر عليه التضخم الذي بلغ 8.3 في المائة، الشيء الذي دفع العديد من الفئات الاجتماعية إلى المطالبة بالتدخل من أجل صيانة القدرة الشرائية للأسر.

وعبرت الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل، في بيان لها، عن رفض الاستمرار في رفع أسعار المواد الأساسية والمحروقات، منددة بما اعتبرته تنصل الحكومة من الزيادة العامة في الأجور وخفض الضرائب على الأجور.

ويؤكد عضو الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل، الحسين اليماني، أن المغرب يعاني من أزمة بسبب الغلاء.

ويحيل على ما سبق ما عبر عنه محافظ البنك المركزي عبد اللطيف الجواهري، الذي أكد وجود فرق بين إيرادات الجباية المحصلة والإمكانيات الكامنة غير المحصلة والتي تصل إلى 12 مليار دولار، في إشارة إلى حجم التهرب الضريبي.

ويطالب اليماني الحكومة بأن تعكس الآية. فعوض العمل على تحرير أسعار السلع المدعمة من قبل صندوق المقاصة، يتوجب تقديم الدعم للأسر المتضررة من الغلاء، مشددا على أن الحكومة تذعن في ما هي مقبلة عليه لتوصيات صندوق النقد الدولي.

ويتخوف مراقبون من تداعيات إلغاء الدعم على الطبقة المتوسطة، حيث يرى الخبير في المالية العمومية، محمد الرهج، أن تلك الطبقة عانت من ضغط جبائي كبير ولم تستفد من زيادات في الأجور تواكب ارتفاع التكاليف التي تتحملها.

ويتصور أنه يفترض في الحكومة تخفيف الضغط عن الطبقة المتوسطة التي ستعاني من إلغاء الدعم وتحرير الأسعار، وذلك عبر إصلاح جنائي يتيح لها إمكانيات تحسين الدخل. وكان تقرير للبنك الدولي أشار إلى أن 15 في المائة فقط من الأسر المغربية تنتمي للطبقة الوسطى، إذا ما أخذ بالاعتبار معيار دخل شهري في حدود 1000 دولار.

 

المساهمون