"المركزي" الليبي يوقف التحويلات... وشاشات الصرافات الآلية سوداء

28 اغسطس 2024
ليبيون ينتظرون سحب الأموال من ماكينة صراف آلي خارج أحد البنوك في طرابلس (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تداعيات الصراع على المصرف المركزي وتأثيره على المواطنين**: توقف ماكينات الصراف الآلي والخدمات الإلكترونية في البنوك الليبية، مما أدى إلى صعوبة في سحب الأموال وتأخر صرف الرواتب، مما زاد من معاناة المواطنين.
- **الصراع السياسي وتأثيره على الاقتصاد**: النزاع حول تعيين إدارة جديدة للمصرف المركزي أدى إلى تحشيدات عسكرية وفرض حالة القوة القاهرة على الحقول النفطية، مما يهدد بانهيار مالي واقتصادي.
- **دعوات للحل والتوافق**: دعوات للإسراع في اختيار محافظ جديد للمصرف المركزي لتعزيز سيادة القانون وضمان استقرار النظام المالي وتخفيف معاناة المواطنين.

يسيطر القلق على المواطنين في ليبيا من اتساع نطاق تداعيات الصراع على إدارة المصرف المركزي، بعدما فوجئ مواطنون بتوقف ماكينات الصراف الآلي في بعض البنوك التي يتعاملون معها، وذلك بعدما توقف "المركزي" عن تقديم خدمات إلكترونية أساسية مثل التحويلات البنكية والبطاقات المصرفية ومنظومة حجز الدولار.

وحذرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا من أن الصراع الدائر حالياً على المصرف المركزي والنفط سيؤدي إلى كلف باهظة على الشعب الليبي، ويعرّض البلاد لخطر الانهيار المالي والاقتصادي. وتتنازع الأطراف السياسية في ليبيا حول تعيين إدارة جديدة للمصرف المركزي برئاسة محمد عبد السلام الشكري، إذ رفض مجلسا النواب والأعلى للدولة الليبيان، قرار المجلس الرئاسي تكليف الشكري إدارة المصرف، وتطور الأمر أخيراً إلى تحشيدات عسكرية في طرابلس بين أطراف تسعى لتمكين الشكري من منصبه، وبين مجموعات أخرى تعارض ذلك وتناصر بقاء المحافظ الحالي، الصدّيق الكبير. وتصاعدت الأزمة بإعلان حكومة مجلس النواب فرض حالة القوة القاهرة على جميع الحقول والموانئ والمؤسسات والمرافق النفطية، ما يعني إيقاف إنتاج النفط الليبي وتصديره.

في ظل هذه التطورات، ارتفعت المخاوف بين المواطنين من تأخر صرف الرواتب وتدهور الأوضاع المعيشية. وقال محمد سالم العجيلي (35 عاماً) لـ"العربي الجديد": "منذ يومين أذهب إلى ماكينة الصراف الآلي لسحب النقود، ولكن الشاشة سوداء، وعندما ذهبت إلى أحد المحلات التجارية قيل لي إن التعامل بالبطاقة المصرفية متوقف، أنا في حيرة من أمري لأني أعيل أسرة مكونة من سبعة أشخاص ولا أجد كيفية توفير الحد الأدنى من المعيشة".

ويعرب المواطن عبد السميع النايلي عن قلقه أيضاً من توقف سحب الأموال، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن ذلك يفاقم معاناة الأفراد والعائلات التي تكافح لتلبية احتياجاتها الأساسية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، مشيراً إلى عدم قدرته على الحجز لشراء أدوية له في الأردن بسبب توقف التعاملات البنكية.

ودعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في بيان، مساء الاثنين، إلى الرفع الفوري للقوة القاهرة عن حقول النفط والامتناع عن إدخال مصدر الدخل الرئيسي للبلاد في الصراعات السياسية، مشيرة إلى أنها تعتزم عقد اجتماع طارئ تحضره الأطراف المعنية بأزمة المصرف المركزي للتوصل إلى توافق يستند إلى الاتفاقات السياسية والقوانين السارية، وإلى مبدأ استقلالية المصرف المركزي وضمان استمرارية الخدمة العامة".

وفي طرابلس دعا رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، أمس الثلاثاء، مجلس النواب (شرق) إلى الإسراع في اختيار محافظ جديد للمصرف المركزي خلال جلسة قانونية علنية وشفافة، مشيراً في بيان له، تفهمه لقلق بعثة الأمم المتحدة في ليبيا حول التباس التوصيف لقرارات المجلس وتداخل الاختصاصات. وأوضح أن قرارات المجلس الرئاسي جاءت لتعزيز سيادة القانون، وتمثلت باختيار محافظ يتمتع بالكفاءة والنزاهة، بالإضافة إلى تشكيل مجلس إدارة جديد للمصرف المركزي للمرة الأولى منذ سنوات.

واعتبر المحلل الاقتصادي الليبي على الرقيعي، أن تكليف المجلس الرئاسي لمجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي ممارسة مهامه من مقر المصرف في طرابلس قد أثار خلافات مع الإدارة السابقة التي أوقفت الخدمات الإلكترونية. وقال إن "الوضع الحالي قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة ويزيد من تدهور الأوضاع المعيشية في البلاد.. الأزمات الحالية ستؤثر بجميع جوانب الحياة، من تأخر الرواتب، إلى نقص البنزين والأدوية".

في هذا السياق، أعرب المصرفي محمد الترهوني عن قلقه من عدم وجود استجابة سريعة وفعالة للتعامل مع الأزمة. وشدد على أنّ على جميع الجهات المعنية العمل لضمان استقرار النظام المالي وتخفيف معاناة المواطنين. وقال الترهوني لـ"العربي الجديد" إن الأمر يتطلب التوافق على تعيين محافظ جديد ومجلس إدارة للمصرف المركزي، لأن الأمور المالية تتجه نحو مؤشر خطير، خصوصاً في ما يتعلق بالاعتمادات المستندية وخطابات الضمان للبنوك، مشيراً إلى أن الأزمة الحالية غير مسبوقة مقارنة بالأزمات السابقة التي شهدت بعض المشاكل، ولكن لم تصل إلى هذا المستوى من التعقيد.

كذلك حذر المحلل الاقتصادي عبد الناصر الكميشي من إيقاف بيع النقد الأجنبي وشرائه، الذي سيؤثر بالمعروض من النقد الأجنبي، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الدولار في السوق الموازية. وقال إن المواطن الليبي يعاني بالفعل من أزمات معيشية مثل ضريبة الدولار، والغلاء، وشح السيولة، وأزمات البنزين والكهرباء، وتأتي أزمة أخرى تهدد السلطة النقدية.

وأضاف الكميشي لـ"العربي الجديد" أن هناك مجموعة من السيناريوهات في ظل عدم وجود توافق بين الأطراف السياسية، حيث يهدد الوضع الحالي بالتحكم في الاحتياطيات والنفط مقابل الغذاء، وهو ما قد يزيد من تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

تثير النزاعات بشأن السيطرة على مصرف ليبيا المركزي قلقاً من احتمالات إساءة استخدام الموارد المالية للبلاد. ويعتمد اقتصاد ليبيا بشدة على إيرادات النفط. وترعى بعثة الأمم المتحدة مفاوضات متعثرة منذ سنوات لإيصال البلاد إلى انتخابات تحل أزمة نشأت قبل ثلاثة أعوام وتمثلت بصراع بين حكومتين على السلطة، هما حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دولياً برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ومقرها العاصمة طرابلس التي تدير منها كامل غرب البلاد، والثانية حكومة أسامة حماد التي كلفها مجلس النواب، ومقرها بنغازي، وتدير كامل شرق البلاد ومدناً بالجنوب.

المساهمون