عادت المخاوف لتطفو على السطح من جديد في قطاع العقارات في الصين، بعد مضي عامين على أزمة ديون عملاق العقارات "إيفرغراند"، حيث أكد تقرير حديث عدم التزام شركة "كنتري غاردن"، أحد أكبر مطوري العقارات غير الحكوميين، بموعد سداد دفعتين لكوبونات السندات الدولارية المستحقة يوم الأحد الماضي.
وقالت "رويترز" إن السندات المعنية هي سندات تستحق في فبراير/ شباط 2026 وأغسطس/ آب 2030.
وأغلقت أسهم "كنتري غاردن"، المدرجة في بورصة هونغ كونغ، على انخفاض أكثر من 1.7% يوم أمس الأربعاء، بعد انخفاضات حادة في وقت سابق من هذا الأسبوع.
و"كنتري غاردن" هي شركة تطوير عقارات، يقع مقرها الرئيسي في قوانغدونغ، الصين، وهي مملوكة لعائلة يانغ غووشيانغ. وفي عام 2020، تم تصنيف "كنتري غاردن" في المرتبة 147 في قائمة فورتشن 500 العالمية، ولديها ما يقرب من مائتي مشروع لمناطق سكنية راقية في جميع أنحاء الصين وماليزيا وأستراليا، ضمن محفظتها الدولية الضخمة. وتم تأسيس الشركة في جزر كايمان.
أيضاً أفادت "رويترز"، يوم الثلاثاء، نقلاً عن مصدر مطلع، بأن شركة "داليان واندا" شهدت اعتقال نائب الرئيس التنفيذي الأول ليو هايبو من قبل الشرطة، بعد التحقيق الداخلي للشركة في قضايا فساد.
ومجموعة "واندا" هي مجموعة صينية متعددة الجنسيات، تأسست في داليان، ويقع مقرها الرئيسي في بكين، وتخصصت في تطوير العقارات الخاصة، كما أنها تمتلك سينما "واندا" ومجموعة "هويتس" مالكة قاعات السينما العملاقة في أستراليا ونيوزيلندا.
وباستثمارات ضخمة داخل الصين وخارجها، تمتلك مجموعة "داليان واندا" استثمارات في العديد من الصناعات، بما في ذلك البناء والترفيه ووسائل الإعلام والتصنيع والخدمات المالية والتكنولوجيا العالية والضيافة والعقارات والبيع بالتجزئة والرعاية الصحية والرياضة. وكان ترتيب المجموعة 380 في قائمة فورتشن 500 العالمية في عام 2017.
وصرحت ساندرا تشاو، نائبة رئيس أبحاث منطقة آسيا والمحيط الهادئ في "كريدت سايتس"، وهي وحدة تابعة لمجموعة فيتش، بأنه "مع تراجع إجمالي مبيعات المنازل في الصين عن العام السابق في النصف الأول من عام 2023، وانخفاض أسعار المنازل شهرًا بعد الآخر، وتباطؤ النمو الاقتصادي، فإن تعثر مطور عقاري آخر، خاصة إذا كان كبيرًا، هو آخر ما تتمناه السلطات الصينية في الوقت الحالي".
وقالت تشاو وفريقها، في مذكرة صدرت في وقت متأخر من يوم الثلاثاء، إن ممثل علاقات المستثمرين في "كنتري غاردن" لم ينف التقارير الإعلامية حول المدفوعات المتأخرة، كما لم يوضح خطط السداد الخاصة بالشركة.
وأشار محللون إلى أنه من المتوقع أن تتأثر معنويات مشتري المساكن بشكل عام نتيجة للتطورات الأخيرة.
وعلى الرغم من المؤشرات السياسية الأخيرة، التي تشير إلى دعم متزايد لقطاع العقارات في الصين، إلا أن سوق العقارات الضخمة لا تزال تعاني من تباطؤ.
وفي نهاية شهر يوليو/ تموز، أكد مسؤولون صينيون التحول نحو دعم أكبر لقطاع العقارات، ما فتح الباب أمام الحكومات المحلية لتنفيذ سياسات خاصة.
وأعرب محللون عن شعورهم بالقلق إزاء قيام المدن الكبرى برفع القيود المفروضة على الممتلكات المحلية، الأمر الذي توقعوا أن يؤدي إلى استنزاف الطلب في المدن ذات المستوى المنخفض، وهي المحرك الحقيقي للطلب على السلع ونشاط البناء، حيث تستحوذ على ما يقرب من 70% من حجم مبيعات المنازل الجديدة في البلاد، وفقًا لما نقلته "سي إن بي سي" عن تقرير لشركة "نومورا" للوساطة المالية باليابان.
وقال تقرير "نومورا" أيضًا إن الشركة تشعر بالقلق من تسبب تخفيف القيود على مبيعات المنازل القائمة، دون رفع القيود المفروضة على شرائها، في تزايد العرض، وتراجع الأسعار.
وعلى مدى السنوات العديدة الماضية، حاولت السلطات الصينية كبح المضاربات التي تغذيها الديون في سوق العقارات الضخمة والساخنة في البلاد، وفي عام 2020، اتخذت بكين إجراءات صارمة ضد اعتماد المطورين الكبير على الديون لتحقيق النمو.