أكد مراقبون لـ"العربي الجديد" أن توجيه الملك عبد الله الثاني لدائرة المخابرات العامة الأردنية بالتخلي عن الدور الذي قامت به لسنوات طويلة في مجال الاقتصاد والاستثمار والرقابة لمصلحة الجهات صاحبة الاختصاص، يأتي في توقيت مهم للغاية يتطلب تمكين المؤسسات التي تُعنى بتطوير أركان الاقتصاد الوطني وتدعيمها وتعزيز عمليات الرقابة وملاحقة الفاسدين وحماية المال العام.
ووفق خبراء، فإن الأردن يمتلك حالياً مؤسسات قادرة على النهوض الاقتصادي إذا ما توافرت لها الظروف المناسبة، وكذلك محاربة الفساد وتعزيز الرقابة على المال العام والأداء الرسمي بشكل عام، إضافة إلى تعزيز بيئة الاستثمار واستقطاب المستثمرين.
وقال الخبير الاقتصادي، حسام عايش، إن رسالة الملك الموجهة إلى مدير المخابرات العامة تعكس أهمية تعزيز دور المؤسسات كافة، وقيام كل منها بالاختصاصات المطلوبة في سبيل تطوير الوضع الاقتصادي وزيادة معدلات الاستثمار والتصدي لمشكلتي الفقر والبطالة وتخفيض حجم المديونية التي شارفت على تجاوز الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف عايش لـ"العربي الجديد" أن دائرة المخابرات العامة أدّت دوراً مهماً في السنوات الماضية في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والرقابة على المال العام وملاحقة الفاسدين، وقد أمكن إنشاء وتعزيز دور الجهات المناطة بها القضايا الاقتصادية والرقابية مثل ديوان المحاسبة وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد وغيرها، إضافة إلى العديد من الوزارات والجهات الحكومية المعنية بالملف الاقتصادي.
ووجه الملك عبد الله الثاني، رسالة الأربعاء الماضي إلى مدير المخابرات العامة اللواء أحمد حسني، قال فيها: "لقد تعرض الأردن خلال مسيرة الإنجاز الذي تحقق في المئوية الأولى للدولة لمخاطر جمّة ولم تكن بعض مؤسساتنا صاحبة الاختصاص الأصيل تمتلك الوسائل ولا الأدوات ولا الإمكانات في بعض الأحيان التي تمكّنها من التعامل مع مثل تلك المخاطر والتحديات الاستثنائية التي عصفت بمنطقتنا بشكل خاص خلال المائة عام الماضية والتي أصابت آثارها وطننا العزيز، مثل الحروب المتوالية والهجرات القسرية التي واكبتها باتجاه وطننا".
وأكد أن الأردن أنجز الكثير من أسباب التمكين لمؤسساته صاحبة الاختصاص التشريعي الأصيل في التعامل مع القضايا الاقتصادية والاستثمارية والرقابة، وخاصةً القضايا المرتبطة بالتثبت من سلامة الاستثمار وسلاسته وشرعية مصادر التمويل واستكمال بناء مؤسسات ترسخ النزاهة وتحارب الفساد وإنجاز عملية تطوير للمؤسسات الرقابية المنصوص عليها في الدستور وغيره من التشريعات مثل ديوان المحاسبة، فضلاً عن تطوير المنظومة القضائية، ويتعين على هذه المؤسسات والجهات أن تتصدى فوراً لاختصاصاتها الدستورية والتشريعية الأصيلة حتى تتحرر دائرة المخابرات العامة من العبء الكبير الذي نهضت به في هذه المجالات الخارجة عن اختصاصاتها لسد الثغرات.
ويعاني الاقتصاد الأردني من تحديات ارتفاع البطالة التي بلغت 23.9% في الربع الثالث من العام الماضي، وزيادة معدلات الفقر المتوقع أن يواصل ارتفاعه خلال السنوات القليلة المقبلة بسبب الانحدار الكبير في مستويات المعيشة وارتفاع الأسعار وتداعيات جائحة كورونا.
ومن المرتقب أن تسجل الموازنة للعام الحالي عجزاً بقيمة 2.05 مليار دينار (2.89 مليار دولار) بعد المنح، وأن الهدف الرئيسي للموازنة البالغة 9.9 مليارات دينار (14 مليار دولار)، هو صيانة الاستقرار المال، وفقاً لتصريحات وزير المالية محمد العسعس.
وفي هذا السياق، قال النائب في البرلمان الأردني، موسى هنطش، لـ"العربي الجديد" إن المرحلة الحالية تتطلب جهداً استثنائياً من مؤسسات الدولة المختلفة، سواء الحكومة أو البرلمان أو القطاع الخاص لوقف حالة التراجع التي يعاني منها الاقتصاد الأردني والتي سينجم عنها مخاطر على السلم والأمن الاجتماعي، ولا سيما مع ارتفاع أعداد المتعطلين من العمل والزيادة الكبيرة في نسبة الفقر التي توقع البنك الدولي أن ترتفع 11% عن المستوى المعلن من قبل الحكومة سابقاً والبالغ 15.7%.
وبحسب هنطش، فإن المؤسسات الاقتصادية، وخاصة الرسمية، مطالبة بتغيير آليات عملها وتطويرها، بحيث تخرج من الإطار والنهج التقليدي، وتركز على كيفية زيادة النمو من خلال استقطاب الاستثمارات، ولا سيما المولدة لفرص العمل ومعالجة التهرب الضريبي والتوزيع العادل لمكاسب التنمية.