الليرة تفاقم معيشة السوريين.. والمركزي يستمر بالمضاربة

18 يوليو 2023
سوريون يغرقون في دوامة الغلاء (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

يدخل السوريون مجدّدا دوامة الغلاء بعد أن هوى سعر العملة المحلية إلى أدنى مستوى على الإطلاق إذ تخطى الدولار عتبة 10 آلاف ليرة بالسوق الموازية، خلال الفترة الأخيرة.

ويزيد تخفيض المصرف المركزي لسعر العملة السورية من المخاوف على مصير العملة السورية واحتكار السلع، بحسب المحلل الاقتصادي، علي الشامي الذي يعتبر خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" أن مهام المصرف المركزي دعم سعر الصرف عبر أدوات نقدية أو التدخل المباشر، وليس المضاربة والاستجابة المستمرة لسعر السوق السوداء بذريعة المحافظة على شراء الحوالات الخارجية، والتي هي أصلاً تذهب لأسواق الدول المجاورة وتعود بالليرة لداخل سورية.

ويحذر الشامي من ارتفاع أسعار السلع والمنتجات خاصة المستوردة منها، مشيرا إلى "جشع التجار" الذين يحتكرون السلع ويقلصون عرضها، بواقع غياب الرقابة والفوضى التي تعانيها الأسواق السورية.
وكان مصرف سورية المركزي قد خفض في وقت سابق من شهر يوليو/ تموز الجاري سعر صرف الليرة السورية مقابل العملة الأميركية من 8500 إلى 8800 ليرة للدولار الواحد.
وأكد المركزي خلال نشرة الحوالات والصرافة أن الهدف شراء الحوالات الخارجية التجارية والحوالات الواردة إلى الأشخاص الطبيعيين، بما فيها الحوالات الواردة عن طريق شبكات التحويل العالمية.

ومن جانبه، قال الخبير المصرفي وأستاذ المالية بجامعة حلب، حسن حزوري، إن الهدف الرئيسي من إصدار هذه النشرة هو استقطاب أكبر كمية من الحوالات الواردة، كي تدخل إلى المنظومة المصرفية النظامية وبالتالي إلى خزينة المصرف المركزي، عوضاً عن دخولها إلى جيوب السماسرة وتجار السوق السوداء.

وفي المقابل، لا يخفي حزوري خلال تصريحات صحافية سابقة، قلقه من عدم استكمال هذه الخطوة بشكل صحيح، ولذلك بقي المصرف المركزي – برأيه – يطارد السوق الموازية، على مبدأ "القط والفأر"، مؤكدا أن الفارق بين السوق الموازية ونشرة الحوالات والصرافة سيقى موجودا لأن المصرف المركزي يتدخل كمشتر فقط، ولا يبيع، وهذا أحد أسباب عدم تمكنه من ضبط سعر الصرف.

ويؤكد حزوري أنه مهما كان سعر المصرف المركزي، والسعى لاستقطاب الحوالات، سنجد في السوق الموازية من يبحث عن القطع الأجنبي ولاسيما الدولار، بسعر أعلى، والسبب هو الحاجة للقطع الأجنبي.
وأضاف: هناك مثلا، من يريد أن يسافر خارج سورية، ومسموح له أن يصطحب مبلغ 10 آلاف دولار، وهناك أيضا من يريد أن يسدد قيم المواد المهربة، كما أن "الترسيم" بين مناطق خارج السيطرة ومناطق سيطرة الحكومة لا يقبل بغير الدولار، إضافة للمستورد الذي يريد أن يثبت ثمن صفقة شراء مادة مستوردة.

وتابع: لذلك لن يستطيع المصرف المركزي السيطرة على سعر الصرف ما لم يعمل وفق المبادئ المتعارف عليها، أي أن يتدخل كمشتر وكبائع بنفس الوقت، فعندما يقول إنه سيشتري بسعر 8400 عليه أن يبيع بسعر 8600 مثلا، بهذه الطريقة سيتمكن المركزي من التحكم والسيطرة على سعر الصرف.

يزيد تخفيض المصرف المركزي لسعر العملة السورية من المخاوف على مصير العملة السورية واحتكار السلع، بحسب المحلل الاقتصادي، علي الشامي


وتحاول حكومة بشار الأسد سحب فائض السيولة من السوق عبر طرح سندات خزينة بقيمة 800 مليار دولار لعام 2023، كان المزاد الثاني لها في 28 مايو/أيار الماضي، لكن الإقبال محدود بالداخل السوري، ما يدفع حكومة الأسد لإلزام بعض المصارف والشركات بـ"الشراء الإلزامي" بحسب مصادر خاصة من دمشق.

وتعزو المصادر قلة الإقبال على شراء سندات الخزينة إلى أن نسبة الفائدة السنوية التي تبلغ 15% لا تجذب المستثمرين وأصحاب الأموال، لأنها تجميد لأموالهم وتقلّ عن نسبة التضخم السنوية لليرة.

وتستمر العملة السورية بالتراجع منذ مطلع الثورة عام 2011 وقت لم يزد سعر صرف الدولار على 50 ليرة، ما حوّل جلّ السوريين إلى فقراء، إذ لا يزيد متوسط الأجور عن 100 ألف ليرة في حين يزيد إنفاق الأسرة المكونة من خمسة أشخاص، عن 6.5 ملايين ليرة، حسب مركز "قاسيون". ويعاني أكثر من 90% من السوريين من الفقر، وفق تقارير دولية.