تطرح موافقة اللجنة المالية في البرلمان الكويتي بالإجماع على زيادة القرض الحسن للمتقاعدين من 7 أضعاف المعاش إلى 21 ضعف المعاش تساؤلات بشأن إمكانية تغطية الحكومة لكلفة كهذه وتأثير ذلك على اقتصاد البلد الخليجي.
وأقرت اللجنة الحد الأدنى للمعاشات التقاعدية بـ1000 دينار كويتي (3357.5 دولارا)، وفقا لما نقلته صحيفة "الأنباء" الكويتية عن رئيس اللجنة سعيد المويزري. ويقدر إجمالي عدد المتقاعدين في الكويت بنحو 300 ألف متقاعد، ويبلغ متوسط المعاش التقاعدي حاليا حوالي 500 دينار (1600 دولار)، بحسب بيانات رسمية.
ومن شأن الزيادة الجديدة أن تمكن المتقاعدين من الحصول على قرض حسن بقيمة تصل إلى 10.500 دينار كويتي (34.500 دولار). ويقدر إجمالي كلفة هذه الزيادة بنحو 600 مليون دينار كويتي (1.92 مليار دولار) سنويًا، وسيتم تمويل هذه الكلفة من ميزانية الدولة، ما قد يزيد العجز في الموازنة العامة إلى حوالي 10% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في عام 2024.
مدة الاسترداد
يؤكد الخبير الاقتصادي الكويتي محمد رمضان، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة قادرة على تغطية كلفة الزيادة الكبيرة في قيمة القرض الحسن للمتقاعدين، مشيرا إلى تحقيق فوائض مالية لعام 2023 نتيجة أسعار النفط المرتفعة.
ويوضح رمضان أن القرض الحسن يكون بدون فوائد، وبالتالي فإن إقرار زيادة قيمته ربما يحتاج إلى ضوابط تخص مدة استرداده، وهو ما لم يتحدد حتى الآن. ويلفت الاقتصادي الكويتي إلى أن الحكومة الكويتية لم تعلن الموافقة النهائية بشأن زيادة قيمة القرض الحسن ولا الضوابط الخاصة به، ولذا فمن الصعب تحديد تأثير كلفة كهذه على مجمل اقتصاد البلد، خاصة مع غياب كثير من التفاصيل، وعلى رأسها فترة السداد.
غير أن دراسة الكلفة الحكومية تتوقف على احتياطات وإيرادات الكويت من النفط والغاز، والتي تشكل مصدرًا رئيسًا لتمويل الموازنة والصناديق التأمينية، وسياسات وإصلاحات الحكومة في مجال التقشف والترشيد والتحول الاقتصادي، والتي تهدف إلى خفض الإنفاق وزيادة الإيرادات وتنويع مصادر الدخل، حسب رمضان.
ويشير الخبير الاقتصادي إلى عوامل أخرى ذات تأثير مباشر على الدراسة الحكومية، منها التزامات الحكومة تجاه المستفيدين من خدماتها وبرامجها، سواء كانوا موظفين أو متقاعدين أو مستثمرين أو شركاء، إضافة إلى ظروف السوق والمنافسة والأزمات على إيرادات قطاعات مختلفة من الاقتصاد.
ولذا، فإن تغطية كلفة زيادة قيمة القرض الحسن للمتقاعدين والحد الأدنى للمعاش التقاعدي تحتاج إلى دراسات وتحليلات دقيقة وشاملة تأخذ في الاعتبار كل هذه العوامل وغيرها، وتقيم مدى جدوى ومخاطر وآثار هذا الاقتراح على المدى القصير والمتوسط والطويل، وفق رمضان.
استدامة الضمان
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة أن تدبير الحكومة الكويتية لكلفة زيادة قيمة القرض الحسن للمتقاعدين إلى 21 ضعف المعاش لا إشكال فيه على المدى القصير، وسيكون له تأثير إيجابي على الاقتصاد، إذ سيرفع حجم الاستهلاك، ما سينعكس في دعم النمو الاقتصادي. لكن الإشكالية الكبيرة تتمثل في استدامة المؤسسة الضامنة للقرض، بحسب عجاقة.
وأشار إلى وجود مشكلات سابقة بين مؤسسة التأمينات الاجتماعية في الكويت وبين المتقاعدين، وهي مشكلات ساخنة دفعت الحكومة إلى طلب تأجيل بت مشروع زيادة قيمة القرض الحسن ورفع الحد الأدنى للمعاش التقاعدي لدراسته. ويتوقع عجاقة أن تتجه الحكومة الكويتية مستقبلا إلى إجراءات تضمن استدامة تمويل القرض الحسن للمتقاعدين، عبر فرض ضرائب إضافية محدودة، الأمر الذي "يتطلب دراسة وحكمة من الحكومة حتى تضمن استدامته، وإلا سيكون توجها لاستخدامات سياسية أكثر منه ضمانة للمتقاعدين"، حسب قوله.
ويربط الخبير الاقتصادي تأثير تطبيق مشروع تمويل القرض الحسن وزيادة المعاش التقاعدي على اقتصاد البلد الخليجي، بمدى توافر الموارد والميزانية لتمويل هذه الزيادة، ومدى تأثيرها على مستويات الدين والعجز والاحتياطيات، فضلا عن تأثيرها على مستوى المعيشة والاستهلاك والادخار للمتقاعدين، ومدى تأثيرها على الطلب على السلع والخدمات في السوق المحلية.
ويشير عجاقة إلى ضرورة مراعاة الدراسة الحكومية لمدى تأثير زيادة القروض والمعاشات على حافز وإنتاجية وابتكار العاملين في القطاعات المختلفة، ومدى تأثيرها على تنافسية ونمو الاقتصاد.
يذكر أن صندوق النقد أكد في تقرير صدر في شهر يونيو/ حزيران الماضي أن الاقتصاد الكويتي تعافى بشكل كبير من الجائحة الصحية، إذ تشير التقديرات لارتفاع النمو إلى 8.2 بالمئة في 2022 مقابل 1.3 بالمئة في 2021، مدفوعا في الأساس بزيادة إنتاج النفط وارتفاع أسعاره.