24 اغسطس 2020
+ الخط -

أعلن رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، اليوم الاثنين، بعد اجتماع طارئ لنقابات القطاعات التجارية في لبنان، عن إعادة فتح المحال بدءاً من بعد غدٍ، الأربعاء، في خطوة تعدّ بمثابة خرقٍ لقرار إغلاق البلاد الصادر عن السلطات اللبنانية، الذي دخل حيّز التنفيذ يوم الجمعة الماضي ويستمرّ حتى السابع من سبتمبر/أيلول المقبل، بهدف الحدّ من انتشار فيروس كورونا ومواجهة الأعداد القياسية للإصابات والوفيات التي سجّلت في الفترة الأخيرة ووضعت المستشفيات أمام خطر الإشغال التام.

وبين الفاتورة الاجتماعية والصحية للفيروس وتداعيات انفجار مرفأ بيروت الكارثية على الاقتصاد اللبناني المتردّي أصلاً منذ أكثر من سنة، لم يعد أمام القطاع التجاري سوى الاختيار بين السيئ والأسوأ، إذ يؤكد شماس أنّ الدولة اللبنانية غائبة في الموضوع الاقتصادي عن الواقع المأساوي الذي يعيشه القطاع "وسنكون محظوظين إذا بقيَ 25 في المائة من المؤسسات التجارية على قيد الحياة".

وإذ أشاد شماس بجهود المجتمع المدني بعد انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/آب الجاري، أشار إلى أنّ مؤسسات الدولة غابت في هذا الإطار، وهناك خيبة أيضاً من المجتمع الدولي، باعتبار أن الانفجار الذي كان أشبه بالنووي لم يحرّك أموال العال، لافتاً إلى أنّ آلاف المحال والمؤسسات التجارية دمرت إما كلياً أو جزئياً من جراء انفجار المرفأ، "وقرار إعادة فتح محالنا التجارية، يوم الأربعاء، يأتي بعد قرار ظالم اتخذته الدولة بالإقفال، وعليها أن تتراجع عنه وترفعه عن القطاع التجاري، ونحن سنلتزم بالبروتوكول المتبع من تدابير وإجراءات للوقاية من فيروس كورونا والفتح لمدة 6 ساعات يومياً، وعلى الجهات الرسمية أن تحاسب المخالفين".

وأصدر وزير الداخلية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي، الثلاثاء الماضي، قراراً يقضي بالإقفال اعتباراً من الساعة السادسة من صباح يوم الجمعة، 21 أغسطس/آب، لغاية السادسة صباحاً من يوم الاثنين، 7 سبتمبر/أيلول المقبل، في كافة المحافظات اللبنانية، ويشمل المؤسسات الخاصة والأسواق التجارية والشعبية والمحال والشركات التجارية، والكورنيش البحري والمرافق السياحية والملاعب الرياضية الداخلية والخارجية والنوادي الرياضية والمسابح العامة والخاصة الخارجية والداخلية، والمطاعم والمقاهي والنوادي والملاهي الليلية على اختلاف أنواعها، بالإضافة إلى ملاعب الأطفال والملاهي ومراكز الألعاب الإلكترونية، ومنع كافة التجمعات الشعبية والمناسبات الاجتماعية على جميع أنواعها.

وسجّلت منذ يوم الجمعة خروقات كثيرة لقرار التعبئة العامة وإقفال البلاد لأسبوعين بعد انتشار الفيروس بشكل سريع وخطير، ولا سيما في المناطق والقرى الجبلية، حيث أشار عددٌ من التجار تحدثوا لـ"العربي الجديد"، في صيدا، جنوب لبنان، إلى أنّهم لم يلتزموا بالإقفال نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية في البلاد، والإقفال المستمرّ والمتقطّع منذ شهر فبراير/ شباط وحتى اليوم، وأصحاب المحال يعتمدون على البيع لتأمين لقمة العيش التي أصبحت فاتورتها مرتفعة نتيجة أزمة الدولار وفي ظلّ غياب الدولة عن دعم الفئات المتضرّرة من الإقفال، أو تقديم البديل المادي لهم ريثما تنتهي أزمة كورونا، ولكن لا يمكن الاستمرار في الإقفال من دون أي خطوة إنقاذية بديلة.

ويقول صاحب محل تجاري في زحلة – بقاع لبنان، لـ"العربي الجديد"، إنّ أصحاب المحال والتجار ليسوا مجرمين أو مستهترين بصحة الناس، "بل على العكس نحن نقوم بواجباتنا لناحية إلزام الزبائن بالتقيّد بالإجراءات الوقائية وارتداء الكمامة قبل الدخول إلى المحل، والسماح فقط لثلاثة أشخاص كحد أقصى وتبعاً لقدرة المحل الاستيعابية بالدخول في الوقت نفس،ه بينما ينتظر الآخرون في الخارج بالصف ضمن إطار التباعد الاجتماعي أو ما يعرف بالمسافة الآمنة، ولا يمكن للدولة أن تلزمنا بالإقفال وهي لم تقف في المقابل إلى جانبنا لتدعمنا، خصوصاً أنّ القطاع يعيش كارثة اقتصادية ليست وليدة اليوم بل منذ فترة طويلة تعود لسنين ماضية تراكمت قبل الانفجار الاجتماعي والمعيشي والاقتصادي الكبير، كما ليس منطقياً أن يصار إلى إقفال قطاعات واستثناء قطاعات أخرى، فهل الاستثناء يحول دون انتشار كورونا أو وصول الفيروس إليه!".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويضيف: "الفيروس هو وباء عالمي لا يعرف متى ينتهي والأزمة قد تطول، فماذا نفعل عندها؟ هل نقفل أبوابنا لسنة؟ وهي أصلا أقفلت لأشهر في الفترة الماضية، وإبان انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول)، كما أن تجربة التعبئة العامة وحظر التجول لم تأتِ بثمارها وهي خرقت بجزء كبير منها، وقال المعنيون مراراً إنّ الإقفال ليس حلاً بل وعي الناس والتزامهم بالتدابير الإجرائية، في المقابل على السلطات والمعنيين تجهيز المستشفيات والأقسام والمستلزمات الطبية لمواجهة الفيروس كما تفعل كل دول العالم التي رغم عظمتها عاشت هي الأخرى أزمة اقتصادية حادة بسبب كورونا دفعتها إلى فتح القطاعات من جديد، فكيف في لبنان الذي يعيش انهياراً شاملاً منذ سنين؟".

من جهة ثانية، تعتزم المؤسسات السياحية، بحسب معلومات "العربي الجديد"، اتخاذ خطوات جديدة في الإطار نفسه لإنقاذ ما تبقى من القطاع، نظراً لتداعيات الإقفال الكارثية عليها، وسبق لوزارة السياحة أن وضعت مذكرة بهذا الخصوص لكن الوزير رمزي مشرفية لم يوقعها وبقيت داخل غرفة الاجتماع، وتتضمن استثناء المؤسسات السياحية من قرار الإقفال، ومنها المسابح الخاصة الداخلية، لكن مصدرا مسؤولا في الوزارة أبلغ "العربي الجديد"، بأنّه كان هناك اتجاه لإصدار وزير السياحة تعميماً بهذا الشأن كما فعل سابقاً عندما استثنى بعض القطاعات من الإقفال، لكنه فضّل ترك الموضوع لوزير الداخلية نظراً لخطورة الوضع وارتفاع معدل الإصابات وحالات الوفاة.

وفي السياق، وجه نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري طوني الرامي، الأسبوع الماضي، كتاباً إلى وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال ووزير السياحة رمزي مشرفية وأعضاء لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية لفيروس كورونا حمل عنوان "الجوع أو كورونا"، جاء فيه: "إذا كان علينا أن نتأقلم مع كورونا الذي يبدو أنه طويل الأمد ويأتي على موجات متفاوتة حيث تعمد اللجنة إلى إقفال بعض القطاعات لأيام وفتحها لأيام أخرى ومن ثم التنقل بين الإقفال التام والجزئي المستثناة منه الكثير من القطاعات وتسيير خدمة الديليفري نصف يوم من دون أي جدوى صحية، لا بل أصبح يؤدي إلى مزيد من الخسائر التي يتعرض لها الاقتصاد والذي لم يعد بمقدوره تحمّل الخسائر".

موقف
التحديثات الحية

وأشار البيان إلى أن المطلوب اليوم خلال هذه الفترة من الإقفال السماح للمطاعم بفتح الباحات الخارجية مع تطبيق المعادلة الثلاثية الذهبية، أولاً على الدولة أن تضرب بيد من حديد كل مخالف وأن تختم مؤسسته بالشمع الأحمر، وثانياً على أصحاب المؤسسات أن يكونوا ضباط إيقاع لاتخاذ الإجراءات الوقائية والالتزام بنسبة خمسين في المائة وإلا سيعودون إلى المربع الأول كما هو حاصل اليوم، وثالثاً على الرواد أو الزبائن أن يبلغوا عن أي مخالفة في أي مؤسسة سياحية، بالإضافة إلى السماح بخدمة الديليفري ظهراً ومساءً لأنها لا تشكل جزءاً من الاكتظاظ. وسأل: "ما الذي يمنع المنتجعات من أن تفتح مسابحها للنزلاء فقط طالما هم موجودون فيها أصلاً ومطاعمها تعمل وغرفها مشغولة؟ فالوقاية من كورونا تكمن في وضع الكمامة والتباعد الاجتماعي وغسيل اليدين".

المساهمون