الفساد والفوضى يعرقلان الاستثمارات في العراق

13 اغسطس 2021
نفوذ المليشيات يعطّل ضخ رؤوس أموال جديدة في الاقتصاد العراقي (زايد العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من مرور نحو عام كامل على إجراء الحكومة العراقية سلسلة من الإصلاحات الإدارية في الهيئة العامة للاستثمار، وهو الجهاز النافذ في قطاع الاستثمارات والمسؤول عن طرح العروض والترويج لها محلياً ودولياً وقبول عطاءات الشركات، إلا أنّ مراقبين أكدوا عدم تحقق أي نتائج ملموسة في ما يتعلق بقطاع الاستثمار الذي صنفته وزارة التخطيط أخيراً كأحد أهم الحلول للتخفيف من البطالة وحدّة الفقر في البلاد، ولحلّ مشاكل الخدمات للمواطنين.
وكانت الإصلاحات في هيئة الاستثمار، قد شملت قرار إعفاء الرئيس السابق لها سامي الأعرجي، وتسمية سهى النجار رئيساً للهيئة، في شهر سبتمبر/ أيلول العام الماضي، فضلاً عن فتح عدد من ملفات الفساد داخل الهيئة.
وعلى مدى الأشهر الماضية لم تسجل هيئة الاستثمار أي مشاريع جديدة من أموال خارجية، إذ ظلت المشاريع التي طرحت رهن رجال أعمال وشركات عراقية بالعادة يرتبط أغلبها بقوى سياسية أو جهات حكومية.

أخفقت الحكومة العراقية في إتمام صفقة استثمار نحو نصف مليون هكتار زراعي للاستثمار مع السعودية في باديتي المثنى والأنبار في جنوب البلاد وغربها

ويأتي ذلك في وقت أخفقت فيه الحكومة العراقية في إتمام صفقة استثمار نحو نصف مليون هكتار زراعي للاستثمار مع السعودية في باديتي المثنى والأنبار في جنوب البلاد وغربها، بعد اعتراضات واسعة من قوى سياسية وفصائل مسلحة حليفة لإيران، بينما واصل ملف حقل عكاز الغازي في الأنبار المعروض للاستثمار، ومزارع النخيل في البصرة، المراوحة مكانه دون تقدّم بسبب مشاكل يرتبط أغلبها بالوضع الأمني في البلاد.

وأقرّ مسؤول عراقي بارز في بغداد، بوجود مشاكل وصفها بأنها "غير خافية"، تتعلق بملف الاستثمار، أبرزها "الأمن وتدخلات سياسية وفصائلية، والفساد في مؤسسات الدولة".

وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، عبر الهاتف مع "العربي الجديد"، أنه "خلال العام المنصرم لم تسجل هيئة النزاهة في بغداد ولا المحافظات أي فرص استثمار أجنبية يمكن أن تعتبر مهمة أو ملحوظة، واقتصرت على فرص محلية فقط وبموازنات مالية محدودة"، مبيناً أن الاستثمارات الأجنبية المسجلة بالسنوات السابقة أغلبها من تركيا وإيران والصين".
وشدّد على أن سبب الإخفاق لا يعود لهيئة النزاهة بقدر ما هو العامل الأمني في البلاد وتدخل للفصائل المسلحة، إذ إن المستثمر أو الشركة يتعين عليها إرضاء المليشيا أو الجماعة المسلحة الموجودة في المنطقة لتتمكن من إنجاز عملها أو مشروعها، يضاف إليها مسألة الروتين والفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة".
عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان العراقي، نهرو راوندوزي، تحدث عن خلوّ البلاد مما وصفه بـ"الشركات الرصينة والمهمة في مجال الاستثمار في البلاد" واقتصار أغلبها على المحلية.

خلال العام الماضي لم تسجل هيئة النزاهة في بغداد ولا المحافظات أي فرص استثمار أجنبية يمكن أن تعتبر مهمة أو ملحوظة

عزا النائب البرلماني ذلك إلى "فساد في إدارة هذا الملف، جعلت العراق بيئة طاردة للاستثمار. وأضاف راوندوزي في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "هناك عدم ثقة ببعض الشركات الأجنبية غير الرصينة التي بدأت تدخل للعمل في البلاد بمساعدة شركات عراقية من خلال بوابة الفساد".
وتابع أن "المشاريع في العراق أصبحت لا تعطى للمستثمرين الحقيقيين"، متهماً أحزاباً سياسية ومكاتبها الاقتصادية بالسيطرة على ملف الاستثمار، ولفت إلى أن الفساد معرقل للاستثمار أكثر من الأمن.
وفي وقت سابق، أقرّ عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار، مازن الفيلي، بوجود "معوقات أمنية تؤثر مباشرةً بملف الاستثمار الخارجي في البلاد"، وهذا بحسب الفيلي بات "ينعكس على المستثمر الذي لا يخاطر برأس ماله في ظل وضع أمني هش".

ولفت إلى أن الفساد المالي والإداري يُعَدّ معوِّقاً للاستثمار، فضلاً عن عدم وضع الرجل المناسب بالمكان المناسب".
وتابع بأن "وضع المحاصصة زاد الأمور سوءاً، فكل جهة وكل طرف يفكر في مصلحته الخاصة، وبالتالي انعكس هذا على المشاريع الاستثمارية"، مشيراً إلى أن "المستثمر الصادق النظيف غالباً ما يصطدم بالسماسرة الذين يرتبطون بالجهات السياسية التي تستحوذ على المشاريع الاستثمارية".
الخبير الاقتصادي العراقي، دريد العنزي، أكد أن غياب القوانين الناضجة التي تنظم عمل قطاع الاستثمار، أدى أيضاً إلى تحول العراق إلى دولة ذات بيئة طاردة للاستثمار.
وأضاف العنزي في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "الفساد المالي والترهل الإداري إلى جانب الملف الأمني خلقا قيوداً كثيرة حالت دون استفادة البلاد من هذا القطاع، وغياب الاستقرار الذي يمكن أن يستقطب المستثمرين ما زال عقبة رئيسة".
وتحدث عن سبب آخر، وهو عمل القطاع المصرفي العراقي الذي لا يزال "يعمل بشكل بدائي، وغير قادر على تقديم تسهيلات للمستثمرين".

المساهمون