الغلاء العالمي وتفكيك الدعم يفاقمان الأزمة المعيشية في تونس

14 يونيو 2021
من تظاهرة لمهندسين تونسيين يطالبون بتحسين الرواتب (الأناضول)
+ الخط -

تضغط نفقات الغذاء على موازنة تونس التي بدأت مسارات لتفكيك الدعم تزامناً مع تصاعد عالمي لأسعار المواد الأساسية، وسط تحذيرات من مخاطر ذلك على الأمن الغذائي للبلاد وإمكانات فقدان السيطرة على الغلاء، الأمر الذي يؤجج من الوضع الاجتماعي في البلد الذي يشهد اضطرابات سياسية واحتجاجات مستمرة ضد تراجع الظروف المعيشية.

ومعظم احتياجات تونس من الحبوب ومواد أخرى، منها السكر والشاي والزيت النباتي، خاضعة جميعها لتأثيرات لبورصة الأسواق العالمية. وتعكس بيانات رسمية حول عجز الميزان التجاري الغذائي وقوع تونس تحت تأثير ارتفاع الأسعار العالمية، حيث وصل خلال إبريل/ نيسان الماضي إلى 574.4 مليون دينار، مقابل 3.2 ملايين دينار خلال نفس الفترة من عام 2020 بفعل زيادة أسعار توريد الحبوب وتراجع صادرات زيت الزيتون.

ووفق تقرير صادر حديثاً عن المرصد الوطني للفلاحة، فإن العجز المسجل عاد بالأساس إلى وتيرة توريد الحبوب التي زادت بنسبة 20% وتراجع صادرات زيت الزيتون بنسبة 22.8%.

وشكلت الواردات الغذائية 11.9% من إجمالي الواردات التونسية في الفترة المذكورة. وتتصاعد تحذيرات المنظمات الزراعية من مخاطر فقدان البلاد لأمنها الغذائي وتنامي تبعيتها نحو الخارج بسبب غياب سياسات زراعية تحمي المنتجين وتحافظ على قدرتهم على الاستمرار في الإنتاج.

وقال عضو المنظمة الفلاحة والصيد البحري، محمد رجايبية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن التبعية الغذائية تجاه الأسواق الخارجية في تصاعد مستمر ما يؤثر بشكل مباشر على الميزان الغذائي ونفقات الدولة، مشيراً إلى أن السلطات تتحمّل مسؤولية خسارة البلاد لاستقلالها الغذائي.

وأشار رجايبية إلى ضرورة أن تكون هناك خريطة طريق واضحة لتنمية الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مواد أساسية، منها الحبوب والألبان واللحوم والخضروات، لافتاً إلى أن سياسات الحكومة لزيادة أسعار المحروقات وعدم حماية المنظومات الزراعية ستؤدي إلى مزيد من الغلاء.

وأضاف أن اعتماد تونس على واردات الغذاء يمثل دعماً للمنتجين الأجانب على حساب الفلاحين والمنتجين المحليين، الذين لا يجدون الدعم الكافي من بلدهم رغم قدرتهم على توفير أمنها الغذائي.

وبسبب زيادة نفقات الغذاء وارتفاع كلفة الدعم، بدأت تونس في تفكيك منظومة الدعم الشاملة عبر رفع الأسعار مقابل وعود بتعويضات مالية للأسر الفقيرة ومحدودة الدخل، وسط تحذيرات من انفجار اجتماعي نتيجة هذه السياسات.

ويعاني أغلب التونسيين من ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، حيث سجل مايو/ أيار الماضي زيادة في أثمان الخضروات بنسبة 10.2% والحليب ومشتقاته والبيض 8.1% والزيوت النباتية 13.8% بحسب بيانات صادرة عن معهد الإحصاء الحكومي.

وأعلنت الحكومة قبل أيام عن زيادة سعر السكر الموجه للاستعمال الأسري بنسبة 40%، كما أقرت زيادات أخرى تطاول تعريفات النقل الحكومي ومياه الشرب.

وبدأت حكومة هشام المشيشي خطة متدرجة لتفكيك منظومة الدعم، في إطار "إصلاحات" اقتصادية تعهدت بتنفيذها في رسالة نوايا قدمتها لصندوق النقد الدولي من أجل الحصول على تمويلات بقيمة 4 مليارات دولار.

المساهمون