العفو من بشار الأسد

03 مايو 2021
الأسد تعمد إصدار العفو الآن عله يحسن صورته أمام المجتمع الدولي (فرانس برس)
+ الخط -

كما كان متوقعاً ضمن حملة بشار الأسد الانتخابية لفترة وراثية رابعة، أصدر رئيس النظام السوري عفواً عن مرتكبي الجنح، والمخالفات، والجنايات الواقعة قبل تاريخ 2/5/2021.
 كما أن مضمون العفو لم يخرج أيضاً عن المتوقع، إذ طاول شذاذ الآفاق والمهربين والمجرمين، ولم يطاول المعتقلين السياسيين ولا أصحاب رؤوس الأموال المهاجرة المحكوم، غيابياً، عليهم بالسجن وعلى أموالهم بالمصادرة أو الحجز الاحتياطي.
ثمة ثنائية، ربما المرور عليها من قبيل لزوم ما يلزم. ركنها الأول أن بشار الأسد الذي قتل وهجرّ نصف سكان سورية، وأتى بأربعة محتلين باعهم مقدرات ومستقبل ومصير العباد والبلاد، بل وارتكب من الجرائم ما نافت أكلافها وزمنها الحربين العالميتين مجتمعتين، هو من يصدر العفو، بدل أن يسارع العالم بأسره لجره ونظامه إلى المحاكم الدولية.
وأما الركن الثاني، فوريث أبيه المستبد بكامل مفاصل السلطة بسورية يصادر حق مجلس الشعب ويصدر العفو العام، رغم أن الدستور السوري "المادة 75" تنص صراحة على أن العفو العام من اختصاص البرلمان، وصلاحية الرئيس، أيضاً وفق الدستور، إصدار عفو خاص عن شخص.

والمصادرة هذه ليست جديدة، إذ لم يسبق لمجلس الشعب السوري أن مارس هذا الحق، كما تصادر الإدارة الأمنية والمؤسسة الرئاسية بدمشق كامل حقوق السلطة التشريعية وتخرق الدستور.
قصارى القول: جاء العفو الذي أصدره بشار الأسد أمس بمستويين اثنين، الأول، عفو عام عن جرائم التهريب شريطة إجراء التسوية مع إدارة الجمارك، وجرائم تعاطي المخدرات، وجرائم التعامل بغير الليرة السورية، أيضاً شريطة تسديد الغرامات المترتبة لمصرف سورية المركزي.
والمستوى الثاني، عفو جزئي عن ثلثي العقوبة في بعض الجنح، كالرشوة أو تزوير السجلات الرسمية، ونصف العقوبة المؤقتة في كافة الجرائم الجنائية، وعفو بثلث العقوبة في جرائم التهريب، والاتجار بالمخدرات.

ما يعني، ووفق المستويين وما بعد كلمة "شريطة"، أن هدف المرسوم الأهم هو الجباية، ولو من جيوب المجرمين والمهربين وتجار المخدرات، وإن تمت التعمية على هذا الهدف عبر زركشات من قبيل تخفيض عقوبتي الإعدام والمؤبد أو النيل من هيبة الدولة.
نهاية القول: ربما من المنطق أن يصدر بشار الأسد العفو بعد الانتخابات وفوزه، كما حدث بعد الفترة الوراثية الثالثة في حزيران/يونيو 2014، لأن رشوة كهذه لا يمتلكها سواه من المرشحين، بيد أن الأسد تعمد إصدار العفو الآن عله يحسن صورته أمام المجتمع الدولي الرافض للانتخابات، ويقول إني أمد يدي للسوريين جميعهم وإني لم أزل الرئيس صاحب الصلاحية بالقتل والقصف والتهجير... والعفو أيضاً.
بيد أن الهدف المالي كان الأبرز بمواد المرسوم الجديد الذي تلا مرسوم 12 آذار/مارس الماضي، الذي عفا عن مكلفي خدمة العلم وقونن البدل النقدي، علّ عفو أمس عن المجرمين والمهربين والمرتشين يسعف خزينة الأسد الخاوية، ويسد تكاليف الحملة الوراثية لحكم سورية بسبع عجاف، بعد عشرينية التهديم وثلاثينية الوارث المدمرة لسورية الإنسان والحضارة والاقتصاد.

المساهمون